الاتحاد السويسري وسيط أم نموذج

بقلم: عدنان الصباح

يبدو انه لم يبق بين العرب من يصلح لان يكون وسيطا بين الفلسطينيين أنفسهم ولم يعد للدول ذات المصالح السياسية مصلحة حقيقية في هذا التوسط وخصوصا بين فتح وحماس بحيث تم تحويل القضية من خلاف سياسي ووطني من الطراز الأول إلى خلاف معيشي وخدماتي بإدارة بلد حقوق الإنسان الأول في العالم وهي سويسرا التي تسمى رسميا اتحاد الكانتونات السويسري أو قد يختزلها البعض إلى الاتحاد السويسري وهي تتكون من 26 كانتون وتتعدد اللغات هناك من الانجليزية والألمانية والفرنسية والرومانشية واليها تنتمي اتفاقيات حقوق الإنسان وخصوصا اتفاقية جنيف الرابعة.

الأخبار الخجولة تقول أن مفاوضات بين فتح وحماس حول رواتب الموظفين في غزة انطلقت وسيتم متابعتها في سويسرا لتطال جوهر الخلاف وبرعاية رسمية من حكومتها ويبدو الأمر بسيطا وقد يمر مرور الكرام على المتابع إلا أن تدخل بلد محايد للتوسط بين فصيلين سياسيين فلسطينيين احدهم مسجل على قائمة الإرهاب الدولي أمر يحتاج إلى النظر خلف الستارة فلا شيء بريء في عالم أمريكا الامبريالية وبلد مثل سويسرا لا يمكنها أن تضع يدها في جحر النار بمبادرة إنسانية محضة وهي إن كانت بكل هذه البراءة فقد تجد تساؤلات واعتراضات من دول مثل إسرائيل وأمريكا لا يمكن لبلد مثل سويسرا أن يحتمل عواقبها فماذا تخفي عباءة سويسرا للوساطة تحت طياتها هذه المرة.

حسب ما قاله السيد احمد مجدلاني الأكثر قربا من الرئيس محمود عباس فان المحادثات بين فتح وحماس وأطراف فلسطينية أخرى حسب تعبيره لموقع مدار نيوز بتاريخ 11/12/2016 ستطال ملف المصالحة بشكل كامل، والإشكاليات العالقة، إضافة إلى وضع تصور ورؤية شاملة تجمع الكل الفلسطيني وهي قضايا بحثت في كل عواصم العرب ووقعت بشأنها اتفاقيات وفشلت جميعا لكن الملفت للانتباه بتصريح السيد مجدلاني هي حكاية رؤية شاملة تجمع الكل الفلسطيني فهل هناك ما هو مخفي أيضا غير الخلافات بين فتح وحماس أم أن الكل سيتعدى الفصائل وناسها ليطال الأماكن أيضا.

النقل الدائم للخلافات الفلسطينية الفلسطينية من موقع لموقع والتركيز عليها وتشتيت جهد الكل الوطني لصالح الخلافات الداخلية وإزاحة الصراع الأساس إلى ما وراء الظهر بما في ذلك إشغال دول أوروبية بهذا الشأن بما يظهرنا للعالم كله بأسوأ ما فينا أولا ثم أنه يجعل قضية كل الشعب وكل الوطن مغيبة لصالح قضايا هامشية مفتعلة لا علاقة لها بمستقبل الوطن والشعب على الإطلاق بل هي معطل مطلق للقضية الوطنية بكل تجلياتها وتفاصيلها وقد تكون اللقاءات في سويسرا منطلقا للتعرف على التجربة التي تتمناها إسرائيل بديلا لحل الدولتين وإمعانا في تهويد ليس القدس فقط بل والضفة والسعي لإيجاد مدخل يضمن لإسرائيل يهوديتها مقابل كانتوناتنا المعزولة بمعازل تسيطر عليها أطراف الدولة اليهودية بشكل أو بآخر وهو ما قد يجد المتحاورون مشهده أمام أعينهم في التجربة الكانتونية السويسرية ولا يخفى على احد أن اسم سويسرا محبب لدى عامة الناس ليس في فلسطين فقط بل وفي معظم العالم لما تعنيه من رخاء وبحبوحة عيش لناسها كنموذج يتمناه أبناء الشرق عامة والعرب خاصة.

بقلم/ عدنان الصباح