هل بدأت مسيرة إسقاط الرئيس عباس بإعتصام النواب بمكاتب الصليب الأحمر ؟

بقلم: طلال الشريف

خمس سنوات والرئيس عباس يولج في غيه ويضرب بعرض الحائط كل النصائح وكل محاولات الإصلاح داخل حركة فتح ولم يلتفت لا لعرب ولا لعجم وقبلهم لم يلتفت لعقلاء فتح بأن السير في طريق الإقصاء والإستئصال سيؤدي لضرب الوحدة الفتحاوية وسترتد سكترمات الرصاص الذي أطلقه على سيارات نواب التشريعي ماجد أبو شمالة وأعضاء المجلس الثوري سفيان أبو زايدة القادة في حركة فتح وقبلها اقتحامه الشنيع المخالف للقانون والحصانة البرلمانية لمنزل النائب محمد دحلان، سترتد هذه السكترمات علي المشهد الفلسطيني كله، فمن استسهل مخالفة القانون واستخدام العنف ضد المعارضين سيولج في تجاوز كل القوانين بعد أن حول السلطة الفلسطينية لسلطة بوليسية لملاحقة ومعاقبة المعارضين ووصل الحال لمنع وارعاب وارهاب حتى شباب الفيسبوك إذا ما مارسوا حقهم كمواطنين في التعبير عن رأيهم.
الديكتاتورية تبدأ بتجاوز صغير تتضخم بعده الأنا لدى الحاكم ليتصور بأنه الوحيد الي يصول ويجول دون حساب على الرعية وحقوقهم ومشاعرهم .
الرئيس عباس لم يراجع ما يقوم به والأخطر أن حوله بطانة تزين له كل خطواته حتى باتت هذه البطانة تخاف من قمعه فازدادت في تزيين الأخطاء والتجاوزات فصدق الرئيس أنه في الطريق الصحيح وزينت له القوة الأمنية كما كل طاغية وديكتاتور بأنه منتصر وعلي من؟ على شعبه.
قام باقتحام المخيمات وإرعابعها في رحلة منع المعارضين لعقد اجتماع يطالبون فيه بوحدة فتح متصورا أن الجميع يتآمر عليه لأنه هو الذي يتأمر عليهم وهي حالة نفسية لها علاقة مباشرة بسلوكه غير الطبيعي وتجاوز القوانين وتلفيق التهم وقطع الرواتب وفصل قيادات كبيرة من حركة فتح دون مصوغات ومنع حرية الرأي والتعبير عن الناس وهذا ينعكس سلبا في مخيلته بأن الجمهور والمواطنين يتربصون به الدوائر فواصل رحلة القمع والإقصاء وعقد المؤتمر السابع بطريقة بهلوانية واضح فيها الاستئصال والاقصاء لكم كبير من قيادات الحركة وتصور بأنه بهذه الخطوة قد ضمن إنهاء المناوئين ولكن!
ولأن الحريات لا تتجزأ فإن التجاوزات لا تتجزأ ومن يقمع ويستأصل مرة يتعود على ذلك ويصبح شرها للإستقواء على الأخرين فذهب الرئيس لأبعد من حركة فتح بأن فتح معركة جديدة لرفع الحصانة عن النواب وهنا اصطدم عباس بمجال معارضة أوسع وأقوى حيث قضية النواب ورفع الحصانة عنهم لها علاقة خارج فتح التنظيم فالمجلس التشريعي ليس فتح والمجلس له قوانينه الخاصة فاستحدث محكمة دستورية في الوقت الذي لا يملك الشعب الفلسطيني دستورا لإحكام سيطرته على السلطة التشريعية ومن أفتى له بذلك هو من أوقعه في شرك توسيع دائرة المعارضة لتصبح ليست داخل فتح فقط بل خرجت لمواجهة مع الكل الفلسطيني كتلا ونوابا ومع المؤسسات القانونية ومنظمات حقوق الانسان وكل المدافعين عن القانون والشرعيات والفصل بين السلطات. هكذا الديكتاتوريين يوسعون دائرة المعارضين وهي بديهة سياسية لكنها تغيب عن الحكام ومستشاريهم في لحظة الاحساس بالسيطرة والقوة على المجتمع.
هذه البيئة المعارضة الآنية المسؤول عن تصاعدها وتكبير واتساع حجمها هو الرئيس عباس ومستشاريه وكان يظن أنه قدد غلب شعب بأكمله وضمن رضوخهم وطواعيتهم لمأربه ونسي هو ومستشاريه علم السياسة والاجتماع وقوانين حركة المجتمع ونظريات المجتمع المقهور وكيف تتشكل الحالة الثورية والمجتمعية لحماية نفسها والمجتمع، عباس ومستشاريه كما كل حاكم متسلط يقع في الأخطاء التي تحيي نفس التصدي والثورة والمجابهة من قبل الشعب والنخب السياسية للحكام القهريين لمواطنيهم والمتغطرسين على شعوبهم.
وفي هذه الأثناء وكما تشكلت الحالة المجتمعية في مواجهة تجاوزات وقمع عباس وسلطته تتولد أدوات وطرق هذه الحالة المجتمعية الكفاحية المناسبة للتصدي للقمع وحماية نفسها والدفاع عن المواطن والقانون والتشريع والظلم الواقع على الناس فانطلق النواب المهددين برفع الحصانة عنهم بغير حق في رحلة اعتصام كان لابد منها في مكاتب الصليب الأحمر الدولي بمباركة زملائهم فهذه هي الطريقة المتوفرة بعد أن أحكم عباس سلطته القمعية علي كل سبل التعبير عن الرأي والتدخلات لإصلاح ذات البين ولم يستمع لصوت العقل ولكل النصائح ورغم الحصار والقمع الثنائي والمزدوج من الاحتلال وحواجز منع الحركة للمواطنين وتجبر الأجهزة الأمنية اخترع الشعب ممثلا في النواب الثلاثة نجاة أبو بكر وجمال الطيراوي وشامي الشامي طريقة جديدة تتناسب مع واقع القمع فاعتصموا في مكاتب دولية للصليب الأحمر لها حرمتها ولن يستطيع عباس اقتحامها وسيواصلون اعتصامهم.
المطلوب من النواب الأخرين والكتل التشريعية أن يجدوا طريقة لمناصرة زملائهم حتى يتصدوا لقمع وتجاوزات الرئيس وقراراته الجائرة ضد المجالس التمثيلية للشعب الفلسطيني ومطلوب من شعبنا وأحزابه في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات التظاهر لمساندة النواب المعتصمين وحمايتهم من القمع ومطلوب من مؤسسات المجتمع المددني ومراكز حقوق الانسان التحرك لنصرة هؤلاء النواب فنصرة ومؤازرة هؤلاء النواب هي نصرة للقانون وحماية للشعب الذي انتخبهم وبهذه الطريقة يجب أن يتصدى الجميع للحكم الجائر وعلي الجميع سرعة التحرك قبل تفاقم الأوضاع لأن الرئيس من الواضح أنه مثل أي حاكم لن يستجيب وسيصعد أكثر وعندها ستتسع رقعة الغاضبين من الشعب وسينتصر الشعب على الحاكم مهما بلغ من حيلة ودهاء وجبروت وهكذا يذهب الرئيس في رحلة سقوطه كما كل الطغاة والمتجبرين ومعركة الخلاص قد بدأت باعتصام النواب وستكبر الثورة ضد الحاكم الذي لم يحترم شعبه وحزبه وضرب بعرض الحائط كل المحاولات لإصلاح النظام السياسي وإن غدا لناظره قريب.

د. طلال الشريف
19/12/2016م