عقد المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية مؤتمره السنوي تحت عنوان "المصالحة المجتمعية الفلسطينية .. ضرورة وطنية"، وذلك في فندق جراند بارك بمدينة رام الله يوم الثلاثاء والأربعاء 20-21/12/2016، وقد شارك في المؤتمر العديد من الشخصيات القيادية والاعتبارية والأكاديميين والباحثين وذوي العلاقة، حيث بدأ المؤتمر بكلمة ألقاها رئيس المركز محمد المصري، أشار فيها إلى أهمية البدء بالتهيئة والإعداد للمصالحة المجتمعية باعتبارها مقدمة للمصالحة السياسية الشاملة، من منطلق أن ترميم النسيج الاجتماعي من خلال عمليات التعويض وجبر الضرر وصون كرامات الناس هي مسألة ضرورية لحماية أي اتفاق سياسي في المستقبل، وأضاف المصري أن الانقسام الذي خلّف وراءه مئات الحالات من الضرر النفسي والمعنوي والمادي، من خسارة الأرواح والممتلكات والمؤسسات تقتضي أن نعمل جاهدين كلٍ في موقعه لإصلاح هذا الضرر الفادح، ودعا المصري مختلف الأطراف إلى أن تقوم بكامل ما تستطيع من أجل ذلك، مستلهمين تجارب الشعوب والدول التي سبقتنا في هذا السياق.
من جهته، تحدث الشيخ عكرمة صبري مشدداً على ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الفصائل فيما يخص المصالحة المجتمعية، التي تم الاتفاق على تشكيل لجنة خاصة تعالج هذا الأمر، وأضاف الشيخ صبري أن هذا يتطلب وحدة القرار ووحدة التنفيذ ووحدة المعايير، وألقى أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة العربية في الكنيست كلمة مشدداً فيها على ضرورة إنهاء الانقسام السياسي كمقدمة أولى وضرورية لبدء المصالحة المجتمعية، وتمنى عودة على الأطراف الفلسطينية أن تسارع إلى التوحد ضمن موقف سياسي واحد متفق عليه لأن الوضع العام لا يحتمل، فالحكومة الإسرائيلية الحالية مصممة على فرض الأمر الواقع من خلال دولة احتلال واحد، إلى ذلك ألقى اللواء أبو عاصم وكيل وزارة الداخلية كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أكد فيها على ضرورة تحقيق المصالحة المجتمعية في إطار المؤسسة الشرعية الواحدة، على أن يكون ذلك دون اختطاف أو ابتزاز أو احتكار من أحد، وأضاف اللواء أبو عاصم أن المصالحة المجتمعية هي بداية المشوار وليس نهايته، وذلك بتحقيق الظروف المناسبة لذلك، كما ألقى روحي فتوح عضو مركزية فتح كلمة أكد فيها أن المصالحة المجتمعية أو العدالة الانتقالية هي جزء من المصالحة الشاملة، وشدد على أن بداية تحقيق ذلك هي العودة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية وصولاً إلى مجلس وطني قادر على امتلاك زمام المبادرة، وألقى د. أحمد يوسف أحد الشخصيات القيادية في حركة حماس كلمة في المؤتمر عن طريق (سكايب) دعا فيها إلى تشكيل مجلس أعلى للمصالحة المجتمعية، كما دعا إلى تطبيق ما تم الاتفاق بشأنه من تشكيل لجنة للمصالحة يتم تحديد طواقمها الفنية والإدارية والمالية.
أما في الجلسة الثانية، فقد تحدث فيها عبد الرحمن التميمي حول دور مؤسسات المجتمع المدني في دعن المصالحة المجتمعية، فأكد على ضرورة فحص عمل هذه المؤسسات وإعادة النظر فيها من حيث قدرتها على التأثير والوصول إلى الجمهور وكذلك تطبيق مبادئ التعددية والديمقراطية، وانتقد التميمي عمل هذه المؤسسات من حيث نخبويتها واختطافها لشروط التمويل وكذلك لعدم مرونتها وديمقراطيتها، كما تحدث أحمد رفيق عوض أستاذ الإعلام والعلوم السياسية في جامعة القدس، فأشار إلى دور الإعلام الفلسطيني في الدعم والتهيئة للمصالحة المجتمعية، فأكد على أن هذا الإعلام لم يقم بالدور المطلوب بسبب الانقسام السياسي وانعدام الشروط المناسبة ولغياب النية والإرادة.
بعد ذلك، جرى نقاش مُعمق بين الجمهور انتهى إلى ما يشبه التوصيات الأولية، فقد تمت الدعوة إلى أهمية أن تبادر مؤسسات المجتمع المدني بلا استثناء للقيام بدورها التنموي والتحرري والثقافي والوطني لدعم هذه المصالحة وتحويلها إلى واقع دون انتظار للقرار السياسي.
هذا وقد تواصلت أعمال المؤتمر لليوم الثاني على التوالي على شكل مجموعات عمل ناقشت الأفكار العملية والمحددة لوضع توصيات المؤتمر موضع التنفيذ.
جدير بالذكر أن طواقم أخرى في قطاع غزة شاركت في أعمال المؤتمر، وقد ألقى سمير أبو مدللة كلمة في المؤتمر عبر (سكايب) أشار فيها إلى معاناة قطاع غزة بسبب البطالة والحصار والتهميش، وطالب بمراجعة الكيفيات التي يتم فيها التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في غزة ، وقد نُظّم هذا المؤتمر بالتعاون والشراكة مع مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة.