ليس بمكان بأن نغوص في اعماق التاريخ لنسرد ما تعرضت له المنطقة من غزوات فعدة وريقات لا تتسع حتى لعرض العناوين والابجديات السياسية والامنية والاقتصادية والدوافع لغزو تلك المنطقة العربية من قبل قوى خارجية ، وان اخذت تلك الغزوات صور واشكال مختلفة ، حرقت ما حرقت ودمرت ما دمرت، وسرقت من التراث، واحرقت كتب ومكتبات، واغتالت من العلماء العرب كل هذا والذي استفادت منه اوروبا في عصر النهضه ولكن يبقى امشروع الصهيوني هو الاخطر والاخبث في المنطقة بمواصفاته وسلوكياته وديموغرافيته التي ليس لها حدود او خريطة هو من اخطر المشاريع على الامن القومي العربي .
مثلث الامن والامان العربي الذي يبدأ بالقاهرة الضلع الاكبر ليمثل فيه قاعدة المثلث ليمتد الى بغداد ومن ثم الى دمشق، وبمراجعة سريعة نرى ان تلك العواصم تم استهدافها عبر التاريخ ، قد تكون المعادلة الظالمة بين المنتج والمستهلك هي من اهم الاسباب لقواعد السيطرة على المقدرات والثروات والتي تمتلكها المنطقة العربية ، ولذلك لم تشهد منطقة الشرق الاوسط اي استقرار عبر تاريخها .
قد نفهم عمق هذا الاستهداف والتامر على المثلث العربي بما ورد من نظريات امنية وسياسية وجغرافية ورغبة في تعديل سايكس بيكو ومنتجات الحرب العالمية الثانية بالتعبير الاصطلاحي"" الفوضى الخلاقة " او "" الشرق اوسطي الجديد" وقد نفهم بتحليل قومي ان تلك الفوضى ومدبريها ومغديينها استهدفت الدول الوطنية التي تكونت في المنطقة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي قادها ضباط احرار من جيوش المثلث العربي في مصر والعراق وسوريا ولحقها اطراف التامين للمظلة القومية العربية في ليبيا واليمن ، تلك المنطلقات التي بدأت بثورة يوليو وتزعمها الرئيس والزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتي احدثت تحول في البنية المجتمعية للشعب العربي المصري هذه التحولات بابعادها الثقافية والونية والاقتصادية والقضاء على الاقطاع والاهتمام بالصناعات وتحويل المجتمع المصري من مجتمع زراعي يقوده الاقطاع الى مجتمع صناعي تكون الزراعة احد عوامله الهامة ، ما ينطبق على مصر هي نفس ارادة في العراق وبتطور الثورة العراقية بقيادة الزعيم الراحل صدام حسين الذي اسس الدولة العراقية الحديثة ، ومن ثم الثورة السورية بتطوراتها التي خطت على خطو الثورة المصرية ، وهنا التقت العواصم الثلاث بدولها الوطنية وباكتمال مضلعات المثلث على الفكر القومي العربي وان اختلفت منطلقات احزابها ، ومن ثم تمددت الدولة الوطنية الى اليمن وليبيا وهي ايضا مركز حضارات واقتصاد، وبذلك ايضا التقت حضارة 10000 الاف عام الفرعونية مع الكنعانية والكلدانية .
في نكسة 67 استهدف المثلث العربي والدولة الوطنية بصدد اضعافها وجعلها دول فاشلة لعقود ، ولكن صلابة الحضارات والثقافة الوطنية جعلت تلك الدول اكثر صمودا وتحدي لكل المشاريع التي استهدفت بنيتها وخططها التنموية ، وما زلنا نذكر حلف بغداد الذي تصدى له عبد الناصر في الخمسينات لفهمه الهميق اهمية صلابة المثلث اللعربي لحماية منظومة الامن القومي العربي .
ما اتى به ما يسمى الربيع العربي والذي اسس له في افغانستان وبضرب الضلع الثاني في المثلث الذي تمثله بغداد باجتياح العراق وتدمير مكتباتها والقضاء على العلماء وسرقه وتدمير الاثار واستهداف الجيس العراقي تلك الترسانه التي استهدفت لتحقيق واستقرار نظرية الامن الاسرائيلي في المنطقة والذي تفجر في عام 2011 ليضرب اطراف الامن القومي العربي في ليبيا واليمن ومن ثم ضرب الضلع الثاني في مثلث الامن والامان العربي في دمشق، هو التصور الجاد لاستهداف الدولة الوطنية بكل خصائصها ، وبدراسات معمقة لطبيعة الديموغرافيا للسكان العرب تحويل الصراع مع المشروع الصهيوني الى صراع قبلي عشائري مذهبي ديني ، فبدأت اسرائيل حليف في محاربة الارهاب هم صانعية ومغذييه وهم والدول الاستعمارية التاريخية التي غزت المنطقة على مدار التاريخ ، تحولت ليبيا الى دولة فاشلة والحرب المذهبية في اليمن والعراق وسوريا ، والتي صمدت فيها سوريا على مدار 6 سنوات لتحسم حماية هذا المضلع ولتحافظ على الدولة الوطنية بتحرير حلب ثاني مدن سوريا الاستراتيجية ، لا نريد ان نتحدث هنا عن المتغيرات في الصراع التي حدثت وانهيار احد مقومات ما يسمى الربيع العربي المتجسد بالاسلام السياسي الذي افرز مجموعات تعد بالمئات ومتطرفه تمارس الارهاب بكل انواعه والتي اصبحت تهدد تركيا وما يسمى الاسلام الوسطي الذي رعته امريكا وبريطانيا ودول عربية اخرى .
ان ارادة مصر وشعبها وقيادتها وجيشها ادركت مدى الخطورة من هذا المشروع التقسيمي التفتيتي الذي يستهدف الضلع الاكبر في المثلث وهي مصر ، ولذلك تحمل الجيش المصري والقوات المسلحة المسؤلية التاريخية لحماية هذا الطلع الهام في المثلث العربي ووضع خنادق الدفاع عن الامن القومي العربي والدولة الوطنية وفي مواجهة صارمة لكل افرازات الارهاب في معركة شاملة تتسم في البناء والتقدم والتحدي ومواجهة الارهاب ، ومن هنا نستطيع القول ان مشروع الشرق اوسط الجديد قد افشل ومني بالهزيمة بداية من الدور التاريخي للقوات المسلحة المصرية وتأسيس الدولة الحديثة على طريق ثورة يوليو ، وهزم المشروع في الضلع الثالث بتحرير حلب وان حاولت بعض الابواق خادة سيناريو تقسيم المنطقة بتعليل الاحداث بانها حرب مذهبية ، وهناك ما يمكن قولة في تحقيق خطوات حول تحرير الموصل وبرغم سيئات النظام السياسي العراقي ومذهبيته ، بل انتقلت مصر لتامين الامن القومي العربي وامنها القومي على عدة جبهات في ليبيا وغزة ومناطق عربية اخرى ودعمها للدولة الوطنية في سوريا والعراق .
بقلم/ سميح خلف