صوت مجلس الأمن الدولي يوم أمس الجمعه الواقع في 23/12/2016 لصالح مشروع قرار يعتبر تاريخيا يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات الاسرائيليه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وامتنعت واشنطن عن التصويت على مشروع القرار الذي يدين إسرائيل ويطالب بوقف المستوطنات بعد أن صوتت 14 دولة لصالحه.
ويعد الموقف الأميركي هذا تحركا نادرا من واشنطن التي تدافع عن إسرائيل أمام مثل هذه القرارات واعتبره مراقبون «طلقة الوداع» من الرئيس باراك اوباما لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو.
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب علق على قرار مجلس الأمن بشان وقف الاستيطان بالقول أن الأمور ستكون مختلفة بعد 20 كانون ثاني
بغض النظر عن حالة الإرباك الامريكيه والاسرائيليه فان هذا القرار التاريخي في مجلس الأمن يشكل اكبر إدانة دولية للعدو الصهيوني الذي مارس كل أنواع القتل والتشريد والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، مستندا إلى غطاء دولي سقط للمرة الأولى وهذا اكبر انتكاسة للسياسة الخارجية لإسرائيليه التي بدأ العالم بأسره يدرك مخاطرها على العالم اجمع،
المؤسف الموقف المصري الذي طرحت المشروع وعادت وسحبته جراء ضغوط ترامب ونتانياهو، فتقدمت فنزويلا ونيوزيلندا وماليزيا والسنغال إلى هذه المهمة وأصرت على التصويت على المشروع الذي أذهل العالم وأصاب المسئولين الإسرائيليين بالخيبة وحاله من الهستيريا ، ولا شك في أن هذا الانتصار سيسجل في خانة الشعب الفلسطيني المقاوم الذي صنع المعجزات في تصديه للاحتلال الإسرائيلي
شكل قرار مجلس الأمن انتصارا للرئيس محمود عباس الذي اثبت قدره في الانتصار على الديبلوماسيه الاسرائيليه وشكل القرار في مضمونه صفعه كبيره للسياسة الاسرائيليه التوسعية ،
إذ ولأول مرة منذ 36 عاما، صوّت 14 عضوا في مجلس الأمن لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأميركية لوحدها عن التصويت. وفور صدور القرار علا التصفيق في القاعة.
وقال مندوب ماليزيا، قبل بدء التصويت، إننا ننظر إلى تحرك من كل أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن قضية المستوطنات واتخاذ الإجراءات من أجل وقف الاستيطان، وأن يكون هناك إجراءات مباشرة لوقف أشكال العنف ضد المدنيين وأعمال الإرهاب والعمل من كل الأطراف ليتحقق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا المشروع يطالب بالعمل على وقف الاستيطان، مشيرا إلى أن هناك قلقاً تجاه ما يحصل على الأرض فيما يتعلق بالمستوطنات.بدوره، قال مندوب نيوزلندا «إننا نأمل أن يصوّت مجلس الأمن لصالح قرار وقف الاستيطان، مشددا على ضرورة التركيز على قضية المستوطنات التي تهدد إمكانية قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، في حين أكد مندوب فنزويلا على ضرورة العمل من أجل السلام واتخاذ الإجراءات اللازمة للمساهمة في الوصول إلى حل سلمي للصراع.
بدورها، استعرضت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي السفيرة سامانثا باور، عقب التصويت على القرار، مخاطر الاستيطان على حل الدولتين، وحتى على أمن إسرائيل.
وقالت: أي نشاط استيطاني غير ضروري ولا يؤدي إلى بناء الثقة، وهو يعيق الوصول إلى السلام، والرئيس الأسبق رونالد ريغن قال : سأنهي الصراع، وهو قدم مقترحا بهذا الإطار»، موضحة أن واشنطن ملتزمة بالسلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن موقف الولايات المتحدة طويل الأمد يقوم على أن الاستيطان يلحق الضرر بأمن إسرائيل، وبخاصة الذي يتم على أراضي 1967.
وأشارت إلى أن عدم إفشال مشروع القرار من قبل واشنطن هو سابقة منذ عام 1967 وأن الرئيس بارك أوباما يعكس بهذا الأمر موقف الولايات المتحدة، وهذا التصويت بالنسبة لنا مبني على قرارات الأمم المتحدة، وإسرائيل هي عضو في هذه المنظمة.
وتابعت مندوبة أميركا: عام 2016 يوجد 12 قراراً ضد إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان وهذا أكثر مما أتخذ ضد كوريا الشمالية وسوريا وغيرها من الدول، وأميركا تعمل لتجعل إسرائيل صديقة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ولتحصل المؤسسات الإسرائيلية على كافة الامتيازات من الأمم المتحدة.
وأشارت إلى وصول عدد المستوطنين في أراضي الضفة الغربية والقدس، إلى أكثر من 500 ألف مستوطن، بالإضافة إلى بناء الجدار الفاصل، مضيفة: ونذكر بأن الرباعية الدولية عبرت عن غضبها من الأنشطة الاستيطانية غير القانونية بنظر القانون الدولي.
وشددت على أن محاولة البرلمان الإسرائيلي لتشريع الاستيطان هو أمر غير مقبول، مشيرة إلى طبيعة السياسة التي تتبناها حكومة نتنياهو لدعم الاستيطان. وقالت السفيرة باور: لا بد من العمل لوقف الاستيطان، والأمم المتحدة أدانت الاستيطان بشكل واضح. ومنذ عام 2011 زاد الاستيطان بشكل كبير، والرئيس الأميركي ووزير خارجيته أكدا أن الاستيطان يجعل حل الدولتين في خطر، وهذا القرار جاء لكي لا نحطم خيار حل الدولتين. وأضافت: عندما حدث الوضع الإنساني في غزة لم يكن هناك تلكؤ في إنهاء هذا الوضع، كما كانت هناك تحركات لحماية أمن إسرائيل.
من جانبه، عقب مندوب مصر في مجلس الأمن، عمرو أبو العطا، على ما جرى بالقول: الاستيطان غير قانوني، وهو موقفنا الثابت ولا تغيير فيه».
وأضاف: يجب ان نتحلى بالحكمة وبالمعالجة الواقعية دون مزايدات وبخاصة قضية الاستيطان التي ترتبط بشكل مباشر بقضايا الحل الدائم.
وعقّب مندوب فرنسا في هذه الجلسة على نتيجة التصويت بقوله: إنه قرار تاريخي وهو القرار الأول الذي يتباه مجلس الأمن فيما يخص الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود، والموقف أصبح واضحا وشفافا.
وتابع: إن بناء المستوطنات يشكل خطرا على السلام، فكان لا بد من أن يمر بتوافق جماعي، فالاستيطان تسبب بتوتر على الأرض، وما يجري من توسع استيطاني هو مخالف لقرارات المجتمع الدولي.
وشدد على أن التدخل من قبل مجلس الأمن كان ضروريا لوضع حد لسياسة فرض الحقائق، منددا بفرض قيود على حرية الحركة، مضيفا: هذه سياسات غير قانونية.
بدوره، قال سفير الصين إننا نرحب بهذا القرار الخاص بالمستوطنات، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط والمنطقة، وأن إحقاق حقوق الفلسطينيين مصلحة دولية.
وأضاف أن التوسع الاستيطاني من شأنه أن يعقد المشكلة ويؤدي لانهيار الوضع الإنساني على الأرض، مؤكدا أن الصين دعمت مجلس الأمن في قراره تجاه القضية الفلسطينية.
وقال السفير الإسرائيلي لدى المنظمة الدولية أن بلاده توقعت أن تلجأ واشنطن للفيتو ضد هذا القرار المشين. وأضاف : انا واثق بأن الإدارة الأميركية الجديدة والأمين العام الجديد للأمم المتحدة سيبدآن مرحلة جديدة على صعيد العلاقات بين الأمم المتحدة وإسرائيل .
هذه الخطابات لمندوب الدول بما فيها المندوبة الامريكيه جميعها ممتعضة من مواقف إسرائيل وأكدت جميع خطابات الدول الممثلة في جلسة مجلس الأمن عن رفضها لسياسة الاستيطان واعتبارها خطرا يتهدد الأمن والسلام العالمي ويهدد رؤيا الدولتين وان إمعان إسرائيل في التوغل الاستيطاني هو خرق فاضح لكافة القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة وجميعها أدانت الاستيطان واعتبرته غير شرعي
إن مشروع القرار يدعو إسرائيل إلى «وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية»، حيث يعتبر أن هذه المستوطنات غير شرعية في نظر القانون الدولي سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أو لا، و«تعرض للخطر حل الدولتين».
ويذكر في هذا السياق أن واشنطن استخدمت في العام 2011، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية بعد أن رفض الفلسطينيون تسوية عرضتها واشنطن.
ويقيم نحو 570 ألف إسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب العام 1967.
قرار مجلس الأمن ضد الاستيطان هو قرار انتصرت الأمم المتحدة فيه لقرارات الشرعية الدولية وأرست هذه الدول انتصارها للاتفاقات الدولية التي جميعها لا تقر الاستيطان في الإقليم المحتل وترفض أي تغيير على المعالم الجغرافية والطبوغرافية والسكانية للإقليم المحتل وترفض نقل أفراد دولة الاحتلال للعيش في أراضي الإقليم المحتل .
إقرار القرار بهذه الغالبية المطلقة وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت وتحييدها عن استعمال حق النقض الفيتو جاء انتصار للقضية الفلسطينية و تتويج للسياسة الفلسطينية وقدرتها في النفاذ إلى دول العالم وكسب التعاطف الدولي الداعم للقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية وهو نجاح يسجل حقيقة للجهود المتواصلة في التواصل مع مختلف العالم من قبل القيادة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية
إن تبني فنزويلا والنيجر والسنغال ونيوزلندا لمشروع القرار بعد أن قررت مصر سحب القرار يجب أن يكون له ما له وعليه ما عليه خاصة وان الرباعية العربية لم تجرؤ لتحمل مسؤولية أمانة القضية الفلسطينية أمام الضغوطات التي تمارس عليها وهذه الضغوط هي التي دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإيعاز للبعثة المصرية في الأمم المتحدة لسحب مشروع القرار مؤيدا بموقف عربي
القضية الفلسطينية هي قضيه عربيه إسلاميه وهي من مسؤولية هذه الدول وخاصة بالنسبة للقدس والأقصى
ونستطيع القول أن محاولات الرئيس المصري لثني الفلسطينيين عن عدم تقديم المشروع فشلت وتصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ان سحب مصر للمشروع هو بمثابة انتحار سياسي وهو كذلك وان مصر لم تتشاور مع الفلسطينيين في موضوع سحب المشروع
أصبح المطلوب وبعد إقرار القرار وهذا النجاح الدبلوماسي الذي تحقق بهذا الحشد دراسة كيفية استثمار القرار ووضع حد للتمادي الإسرائيلي وان مجلس الأمن مطالب بإرغام إسرائيل لضرورة الالتزام بالقرار ومطالبتها في ذلك
القرار يشكل انتصار حقيقي للفلسطينيين وحقوقهم المشروعة
هذا القرار يضاف الى سلسلة قرارات اخرى بينت حقيقة وجرائم اسرائيل بحق الفلسطينيين فقد قيل قيل الكثير، وكتب الكثيرون عن تقرير غولدستون باعتباره الخطوة الأولى على طريق تفكيك المشروع الصهيوني ووضعه في السياق التاريخي غير القابل للتزوير. وقد سلط تقرير غولدستون أضواء كاشفة على الصهيونية المستولدة لكيان "إسرائيل"، كما رفع الغطاء عن جرائم الحرب وخروقات القانون الدولي الإنساني أثناء حرب "إسرائيل" على قطاع غزّة في نهاية 2008 وبداية 2009، وكون هذه الإدانة ثابتة وموثقة، أقامت "إسرائيل" الدنيا ولم تقعدها باستخدامها شراسة المفردات وانفعالية التهجم الرسمي على التقرير وعلى رئيس لجنة التحقيق التي أعدته، ما يؤكد تكراراً أن "إسرائيل" تعتبر نفسها فوق أي قانون وغير معنية بالامتثال إلى القرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة، وأنه لا يحق بالتالي لأية مؤسسة دولية أو إقليمية تعريضها للمساءلة، ناهيك عن المعاقبة، وكأن مجرد وجودها يمنحها خصائص استثنائية. هذا ما يفسر الموقف الصهيوني من أي نقد أو اعتراض أو معارضة لسياسات "إسرائيل" أو ممارساتها العدوانية وكأنه برهان عن "كره دفين لليهود" وبالتالي اعتبار أي نوع من مساءلة "إسرائيل" "الدولة اليهودية" المطلوب الاعتراف بها بهذا التوصيف مساً بجوهر الكيان وخطراً يتعرض لوجوده.
من هذا المنطلق تعمل "إسرائيل" على إقفال أي حوار أو نقاش أو بحث، تماماً كما ترفض بشكل قاطع المفاوضات باتجاه أن تكون بنتيجتها فلسطين "دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على أرضها"، إما بطرحها لشروط تعجيزية أو بوضعها لبنود أو قيود خانقة وبالتالي لاغية لممارسة الحقوق الوطنية الكاملة. وقد كان هذا أسلوبها في التمدد الاستيطاني وفي تعاملها مع عرب 48، أما الهدف الأبعد فهو حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في أرض يقيم عليها دولته المتكاملة. هذا ما يفسر أيضاً السياسة التوسعية التي تنتهجها "إسرائيل" ولماذا ترفض منذ قيامها التعريف والإعلان عن حدودها.
صحيح أن تقارير الأمم المتحدة لا تؤخذ دوماً على محمل الجد من قبل إسرائيل . فإسرائيل تمكنت عبر مراوغتها من تضليل العالم وتمكنت من إجهاض تقرير غولدستون الذي جاء ليسلط الضوء على حقائق إسرائيل وسياستها العدوانية والذي اعتبر في حينه تقرير غولدستون انتصارا لمسيرة التاريخ والحقيقه
واليوم عد قرار مجلس الأمن انتصارا لفلسطين وحقوقها الوطنية والتاريخية ويبقى السؤال الأهم في كيفية استثمار القرار والية إجبار إسرائيل على تنفيذ القرار وفي كيفية إعداد استراتجيه وطنيه تقود لإجبار إسرائيل على الإذعان لقرارات الأمم المتحدة .
وعندما يقول ترامب بعد 20 كانون الثاني ستتغير الأمم المتحدة رداً على إدانة إسرائيل للاستيطان، فهذا هو عنوان الرسالة الصهيونية التي يحملها ترامب ، وهذا ما يدعونا لضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة إلى إخضاع إسرائيل للعقاب الدولي تحت الفصل السابع مع ضرورة ملاحقتها أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب
قرار مجلس الأمن هو دعم للموقف الفلسطيني والمطلوب الآن استثمار هذا القرار وترجمة القرار على ارض الواقع ودراسة أنجع السبل لكيفية إلزام إسرائيل بالقرار
لقد لحقت هزيمة دبلوماسية منكره في السياسة الاسرائيليه وان القرار في مجلس الأمن سيحدث ارتدادات في الداخل الإسرائيلي وان هذا القرار وضع نتنياهو وأحزاب اليمين في مأزق ويعرضهم للمساءلة الدولية وعلى حكومة نتنياهو إعادة مجمل سياستها والتوقف عن أعمال التوغل الاستيطاني والتهويد ومخالفتها للقوانين والمواثيق الدولية بعد أن تأكدت أن العالم اجمعه أصبح يرفض سياسة التطرف الإسرائيلي والتي تعد سياسة حكومة نتنياهو احد أهم أسبابها
فالاحتلال هو الإرهاب وان أي حل للصراعات في المنطقة لن تتم بمعزل عن حل عادل للقضية الفلسطينية وهي حقيقة أصبحت راسخة في أذهان وفكر أمريكا والغرب وعلى إسرائيل أن تذعن لقرار مجلس الأمن وتنهي احتلالها لفلسطين والقدس وتقر بالحل العادل والشامل والانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفكيك المستوطنات فآجلا أم عاجلا فان العالم سيجابه إسرائيل بالحقيقة مثل ما جابهها اليوم بقرار رفض الاستيطان وخرج العالم اجمعه من دائرة الضغوطات للوبي الصهيوني العالمي.
بقلم/ علي أبو حبله