بعد تحرير حلب، سوريا ما زالت في مرمى الاستهداف التدميري

بقلم: رشيد شاهين

أما وقد تحررت مدينة حلب، ثاني اكبر المدن السورية، فإن هذا لا يعني بحال من الأحوال ان المؤامرة على هذا البلد قد انتهت.

صحيح ان معركة حلب كانت من أهم المعارك التي خاضتها سوريا ضد قوى الظلام والتآمر والتبعية، إلا ان معركة النصر الحاسم ما زالت لم تتحقق بعد، ولن تكون سوريا حرة بالمعنى الكلي والحقيقي إلا بعد دحر آخر إرهابي جاء من حيث جاء.

بتحرير حلب، يمكن القول بدون تردد، أن مشروع  التقسيم الذي كان قد أعد في عواصم الشر العربية والغربية وإسقاط النظام قد انتهى إلى فشل ذريع، وان هذه الصفحة صارت خلف ظهورنا، خاصة في ظل ما يتحقق على الجبهة الأخرى بالموصل، الأمر الذي يعني ان الرهان على تقسيم سوريا والعراق وإقامة كيانات مستقلة فيهما باتت من الماضي.

لكن، وبرغم الانتصار الذي تحقق على البغاة في حلب، فإن المشروع الأساس الذي كان يستهدف تدمير سوريا وإبقائها ضعيفة واهنة وإخراجها من حسابات القوة العربية الإستراتيجية في مواجهة الكيان الصهيوني والأطماع الغربية، ما زال باق ومستمر، حيث لن تهدأ الحرب ولن يهدأ أعداء الأمة، وستظل محاولاتهم إطالة أمد الحرب "المدمرة" مستمرة، وهذا يتطلب من الجيش السوري وحلفاء سوريا، الاستعجال قدر الإمكان إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن.

ان ما تحقق من انتصار لسوريا على قوى الشر، والهزيمة التي لحقت بتلك القوى سيجعل من "قوى الشر" أكثر شراسة في المعارك القادمة، من اجل الانتقام لهزيمتهم المدوية في حلب.

هذا الانتصار اثبت بدون شك، ان الدولة السورية صارت تشكل رقما أكثر صعوبة وأهمية في المعادلة الإقليمية والدولية، كما جعل من روسيا الحليف الاستراتيجي لسوريا القوة التي لا يستهان بها، وان دورها الذي همش عمليا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عاد إلى سابق عهده لتصبح روسيا الدولة التي لا يمكن تجاهلها في أية معادلات دولية.

انتصار حلب أتى بعد معارك حاسمة وبعد محاولات مستميتة لكل من تآمر على دمشق، لفرض حلول لا تخدم سوريا، وهو بالضرورة سيقود إلى قراءات وحسابات جديدة، قد تؤدي إلى حلول سياسية مقبولة لسوريا وروسيا، وليس كما كان الوضع قبل ذلك.

كما يأتي هذا الانتصار في ظل هجمة إرهابية جديدة ضد تركيا، هذا البلد الذي انخرط عمليا في كل ما جرى بسوريا، الأمر الذي قد يقود إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع الملف السوري من قبل أردوغان.

وأخيرا، فان هنالك عامل آخر لا يقل أهمية بل ربما يكون الأكثر أهمية، وهو، قدوم ترامب إلى سدة الحكم في أمريكا، والذي لا شك ينظر إلى موضوع داعش والإرهاب الذي تمثله نظرة مختلفة عما هو الحال خلال فترة أوباما.

لا شك أن تحرير حلب لم يكن في حسابات كل من تآمر على سوريا، إلا أن الأمر أتى على عكس كل الرهانات على اندحار الجيش السوري، وهذا ما يجعل من تحرير هذه المدينة نقطة تحول عظمى في الموضوع السوري، فهنيئا لسوريا ولكل من يقف ضد الإرهاب في العالم.

رشيد شاهين

24-12-2016