اختتم مركز رؤية للدراسات والأبحاث يوم السبت مؤتمره العلمي الثاني الموسوم "المخططات الإسرائيلية لتقسيم الوطن العربي وانعكاساتها على القضية الفلسطينية (سورية نموذجا) ". في فندق الكومودور بمدينة غزة
وقد شارك في المؤتمر عشرة باحثين من قطاع غزة، وأراضي 1948, وسوريا ولبنان في ظل حضور واسع من ممثلي المؤسسات البحثية والجامعات والمؤسسات الاهلية والشخصيات الرسمية والاعتبارية وقادة العمل الوطني.
و افتتح المؤتمر عمران جابر مدير مركز رؤية للدراسات والابحاث بكلمة ترحيبية بالحضور ومن ثم السلام الوطني والفلسطيني والفاتحة على ارواح الشهداء، تلا ذلك كلمة مصطفى زقوت الذي اكد على ضرورة كشف كل "المخططات الصهيونية والدولية لتقسيم الوطن العربي" و أكد أيضا على ان "اسرائيل استطاعت ان تخلق اعداء جدد للشعوب العربية من الداخل ومن الخارج حتى تنحرف البوصلة عن العدو الصهيوني ويتم تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية ودينية يتم من خلالها تحقيق حلم (يهودية الدولة) للكيان الصهيوني."
من ناحية أخرى أكد خالد صافي رئيس المؤتمر على أن مخططات تقسيم المنطقة منذ سايكس بيكو حتى اليوم هي لتحقيق مصالحة خاصة للدول الكبرى وكي تبقى اسرائيل قوية ومهيمنة على المنطقة وان هذه المؤتمر هو مؤتمر علمي جريء لانه يتحدث عن موضوع قوي ومميز وهي تفتيت الدول العربية وخاصة سوريا وأثره على القضية الفلسطينية.
وفي كلمة خاصة أكد ضيف المؤتمر إبراهيم ابراش على ضرورة كشف هذه المخططات الدولية التي تسعى للسيطرة على مقدرات المنطقة وان احتلال العراق لم يكن لوجود اسلحة دمار شامل لان أمريكا كانت تعلم جيدا عدم وجود مثل هذا السلاح في العراق وانما لسلب خيرات الشعب العراقي وفي مقدمتها النفط وهذا يعني ان المؤامرات الدولية لها اهداف معلنة وهي صغيرة جدا بالنسبة للاهداف الغير معلنة مؤكد على ان اسرائيل هي المستفيد من هذه الصراعات لتفرض هيمنتها على المنطقة وتبقى الدولة المسيطرة في كل المجالات
وقد شهد المؤتمر نقاشات معمقة في ثلاث جلسات رئيسة، حيث تناولت الجلسة الاولي" البعد التاريخي لمشاريع التقسيم" برئاسة الدكتور خالد شعبان وكانت عبارة عن أربع اوراق بحثية.
الورقة الأولى كانت بعنوان: قراءة نقدية في انعكاس سايكس بيكو، لـ خالد صافي، اشار فيها الى أن تآمر الغرب على الشرق هو تآمر تاريخي مر بمراحل عدة منذ عهد الإمبراطورية المقدونية وصولا للمشروع الصهيوني وانتهاء بالسيطرة الأمريكية على القرار والهيمنة في القرن الواحد والعشرين. وطالب بقرائه ماضينا جيدا حتى نفهم الواقع ونرسم المستقبل.
اما الورقة الثانية فعنوانها " مخططات التقسيم الصهيونية للمنطقة العربية " لـ رائد حسنين، الباحث السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، و أكد خلالها تعرض المنطقة العربية للعديد من المخاطر والتهديدات، والى كثرة الطروحات والمشاريع والخطط لإعادة رسم المنطقة العربية وتفتيتها وتجزئتها إلى كيانات وطوائف متباينة ومتصارعة، لكونها من أهم الأقاليم على الساحة الدولية من الناحية الجيواستراتيجية.
واستعرض الباحث الاستراتيجية الثابتة في الفكر الصهيوني الذي يرى بأن المنطقة عبارة عن مجموعة من الاقليات والقوميات والشعوب والأديان والإثنيات والاعراق واللغات، ومحاولة توظيفها بهدف ترسيخ واقع التجزئة والتفتت للمنطقة.
وجاءت الورقة الثالثة بعنوان " رؤية الأمن القومي الاسرائيلي حول سوريا للباحث السياسي عاهد فروانه، المختص أيضاً بالشأن الإسرائيلي، التي تحدث فيها عن رؤية الاحتلال الإسرائيلي للصراع في سوريا وعن دوره الكبير من أجل ان لا تعود سوريا دولة موحدة واسقاط حكم الرئيس بشار الاسد.
اما الورقة الرابعة " تناولت خارطة القوة السياسية والتطورات الميدانية في سوريا للشيخ محمد العمري من القطر السوري، الذي تحدث عبر الفيديو عن النظام السياسي في سوريا وعن الرئاسة السورية ومجلس الشعب السوري وكذلك تركيبة الجيش العربي السوري وعن تطورات الاحداث المتتالية في سوريا.
بينما تدارست الجلسة الثانية برئاسة ابراهيم المصري عن الابعاد الدولية والاقليمية للتدخل في الازمة السوريا وانعكاسها علي القضة الفلسطينية، من خلال طرح خمسة اوراق بحثية، كانت الورقة الأولى بعنوان " الأبعاد الاقليمية للتدخل في الازمة السورية " للباحث السياسي منصور ابو كريم ، تحدث فيها عن طبيعة وأهداف التدخلات الإقليمية في الأزمة السورية، واوضح أهداف ومحددات الدول والأطراف الإقليمية في الأزمة السورية، وأكد أن هذه التدخلات تأتي في أتجاهين مختلفين الأول يساند النظام السوري ويعمل على بقائه في السلطة لأن وجودة في السلطة هو مصلحة استراتيجية عليا، والثاني يعارض النظام السوري ويعمل على إسقاطه بكل الطرق الوسائل، وتناول بالتحديد منصور طبيعة التدخل الإيراني والتركي والسعودي والقطري في الأزمة السورية، واوضح الموقف المصري من الأزمة السورية الذي اختلف حسب بطبيعة من يحكم في القاهرة وليس حسب تطورات الأوضاع في سورية. وأكد أن هذه التدخلات عقدت الأزمة السورية وساعدت على استمرارها حتى الوقت الراهن، وهددت وحدة الجغرافيا السياسية لسورية.
في حين أن الورقة الثانية كانت للباحث رجا اغبارية من فلسطين المحتلة عام 1948 وتناولت الدور الاسرائيلية في الازمة السورية وكيف تقوم اسرائيل بالاستفادة من هذه الاحداث لتحقيق مصالحها. و تحدث عن الاساليب التي تستخدمها لتغذية الصراع الطائفي .
اما الورقة الثالثة "تناولت البعد الدولي في الازمة السوريا للباحث رائد نجم تطرق خلالها للمطامع الدولية للتدخل في الازمة السورية، وأوضح نجم أهداف السياسة الخارجية تجاه المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية، وأكد أن التدخل الأمريكي والروسي في الأزمة السورية، هو تدخل للحفاظ على مصالح تلك الدول في سورية والمنطقة. بينما تطرقت الباحثة اماني عطا الله تداعيات الازمة السورية على القضية الفلسطينية وعن وجهة نظر الاحزاب الفلسطينية من الاحداث الدموية في سوريا.
وفي نهاية هذه الجلسة تحدث وسيم وني مدير مركز رؤية في لبنان عن الوجود الفلسطيني في سورية من حيث العدد و توزيع المخيمات الفلسطينية على الاراضي السورية ومن ثم انتقل الى معاملة الدولة والشعب السوري لإخوانه الفلسطينيين من منحهم كافة الحقوق المدنية كاملة وانه لا يوجد تمييز مطلقا بين الفلسطيني والسوري وتكلم بشكل مطول عن مخيم اليرموك ومخطط تهجير الفلسطينيين منه وافراغه الى المنافي وأخيرا عن دعم سوريا لفصائل المقاومة الفلسطينية.
أما الجلسة الختامية كانت برئاسة حسن سلامة "استعرضت خلالها الباحثة سهام ابو مصطفي السيناريوهات في رؤية استشرافية لمستقبل سورية"وكان اهم السيناريوهات هو السيناريو الاسوأ الذي توقع ان تستمر الازمة السورية لفترة من الزمن وبالتالي ستزداد الامور تعقيدا نتيجة استمرار النزاع .
وفي نهاية المؤتمر أجمل الاستاذ عمران جابر مدير "مركز رؤية للدراسات والأبحاث نتائج وتوصيات المؤتمر علي النحو التالي:
أولا: النتائج
- بدأت الأزمة السورية أزمة داخلية تتعلق بالشعب السوري، الذي رفع شعارات تتعلق بحقوقه السياسية والمدنية، ولكن سرعان ما تحولت الأزمة السورية لأزمة دولية معقدة.
- أدت التداخلات الدولية والإقليمية، وفق مصالح الدول المختلفة لتأزم الأزمة السورية، وتحولها من أزمة داخلية تتعلق بحق الشعب السوري في الممارسة الديمقراطية، إلى صراع دولي وإقليمي على النفوذ والسيطرة على مقدرات المنطقة على الأرض السورية.
- عملت إسرائيل والقوى الدولية على إعادة تقسيم المنطقة مرة أخرى، على أسس طائفية ومذهبية، بعد تقسيمها الأول وفق سيكس بيكو، وحاولت استغلال الحراك الشعبي العربي، لهدم الدولة الوطنية، بهدف تنفيذ مخططاتها المسبقة، التي كشفتها وثيقة دانون، وغيرها من الوثائق.
- تحاول إسرائيل شرعنة وجودها كدولة يهودية، (خالصة للشعب اليهودي) عبر تنفيذ مخطط تقسيم المنطقة لعدة دول على أساس طائفي وعرقي ومذهبي.