المشهد الاقليمي...موسكو ولقاء المصالحة

بقلم: وفيق زنداح


السياسة الروسية ومنذ عهد الرئيس بوتين تعمل على استعادة ما تم فقدانه من قوة سياسية ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وما طرأ مؤخرا على السياسة الروسية من مكانة وحضور وقوة ملحوظة ما بعد حرب باردة استمرت لسنوات وتفرد أمريكي بدأ بالتلاشي وفقدان الدور.... وما طرأ من تراجع أمريكي أوروبي بالملف السوري ....وما حدث من تقدم ملحوظ بالدور الروسي الذي يترجم قوته الدولية على الساحة السورية .....كما على الساحة الدولية وحتي على المشهد الشرق أوسطي .
روسيا بوتين وقد اتخذت خطواتها داخل الاقليم عبر دورها الاستراتيجي بالملف السوري ....وبعد أن أخذت بتطويع الموقف التركي وأخذه الي مربعات الحياد على الأقل .....بعد أن كان موقفا منحازا وداعما للقوي الارهابية التي أخذت اشكال متعددة ضد الدولة السورية.... مما جعل من تركيا أردوغان وسياسته الاقليمية أقل حده وتصعيد بعد أن تعرضت تركيا للعديد من المنزلقات أولها اسقاط الطائرة الروسية .....وليس أخرها الهجمات الارهابية التي أفقدت العاصمة التركية الكثير من عناصر أمنها..... ومدي تأثيرات ذلك على طريق خلق أزمات عديدة لحكم أردوغان الذي يعاني مصاعب عديدة من الاقليات الكردية ومن القوي المعارضة له داخل الساحة التركية ....كما المواقف المعارضة لسياسته داخل الاقليم .
روسيا بما تمتلك من أوراق قوة دولية وما تتمتع به من علاقات اقليمية تسمح لها بالتقدم بخطوات سياسية لأخذ دورها الهام والاستراتيجي في معالجة بعض الملفات العربية ومن بينها ملف الانقسام الفلسطيني الداخلي ....وما تتمتع به روسيا من علاقات صداقة قديمة وتاريخية مع القيادة الفلسطينية .....وما تتمتع به الكرملين من علاقات وأوراق قوة مع بعض الاطراف ذات التأثير بملف المصالحة سواء التنظيم الدولي للإخوان وقطر ومدي قوة علاقتهم بالدولة التركية وعلى راسها أردوغان .
السياسية الروسية الشرق اوسطية وما يميزها من بطئ الخطوات الملحوظة بملفات الشرق الاوسط بدأت تأخذ طريق السخونة المطلوبة لإذابة الجليد ....وانجاح واعادة النفوذ الروسي بما يحقق التوازن ويمنع من استمرار التفرد الامريكي داخل المنطقة خاصة وأن الخارطة الدولية السياسية والاقتصادية قد طرأ عليها الكثير من المتغيرات التي تصب لصالح روسيا بدرجات اكبر من الولايات المتحدة .....في ظل التقدم الصيني والكوري .
ما تحقق ميدانيا وسياسيا على الساحة السورية وليس أخرها تحرير حلب واتفاقية الهدنة ومدي تراجع الولايات المتحدة وتسليمها بالدور الروسي بعد أن وصلت الرسالة الروسية واضحة وجلية أن المصالح الروسية لا يمكن أن يسمح بتهديدها وأن المياه الدافئة يجب أن تكون أمنة وأن الأطراف الاقليمية يجب ان تدرك أن المصالح الروسية وعلاقاتها الاستراتيجية لا يسمح بتهديدها ....وهذا ما أدركته تركيا والكيان الاسرائيلي وحتي قطر ....وأن روسيا بسياستها الخارجية مستمرة على طريق انهاء النزاعات والقلاقل داخل المنطقة العربية ....وأنها لا تسلم بإفرازات ما يسمي الربيع العربي وما تم تخطيطه من فتن وقلاقل وانهيارات وتقسيمات .
هذا الموقف الروسي الواضح يأتي بسياق الدور حول التحرك الروسي لعقد لقاءات ثنائية بين الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو وحتي عقد جلسات الحوار الفلسطيني بمنتصف الشهر الحالي باعتباره ضرورة وطنية فلسطينية .....كما أنه ضرورة لإنجاح الجهود الدولية وخاصة مؤتمر باريس الدولي بعد أن أنجزت القيادة الفلسطينية العديد من القرارات لصالح القضية الفلسطينية .
هذا الحراك الروسي الداعم على طريق انجاز الحل السياسي وانهاء كافة الذرائع والمبررات التي تحاول دولة الكيان تسويقها باعتبارها سببا جوهريا في تراجعها وعدم التزامها بالاتفاقيات ....تأخذ الخطوة الروسية طريقها باتجاه عقد لقاءات فلسطينية ما بين حركتي فتح وحماس حتي تساهم في انهاء ملف الانقسام وترتيب المصالحة ...بما يخدم الصورة والرسالة الفلسطينية التي سيتم وضعها على طاولة مؤتمر باريس للسلام.
السياسة الروسية ودعمها الدائم للقضايا العربية وللقضية الفلسطينية منذ عقود طويلة .....استوجب هذا الدور الروسي وبهذا التوقيت حتي يمكن اسقاط الذرائع ....كما اسقاط التفرد الامريكي بملفات الشرق الأوسط.
ان ملف المصالحة الفلسطينية وقد أخذ شوط طويلا وممتدا من الجولات واللقاءات بالعديد من العواصم..... انما يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن ملف المصالحة الفلسطيني عنوانه القاهرة وأن كافة المحطات والعواصم واللقاءات التي تجري انما تعتبر طريقا الي العاصمة المصرية وليس خروجا عنها..... لأن القاهرة ترحب بكافة الجهود التي تسهل عليها اتمام ملف المصالحة دون موانع واشكاليات وعوائق .
الدور الروسي يأتي في سياق استكمال الأدوار العربية واتمام الجهود على طريق لقاءات منتظرة بالعاصمة المصرية التي استقبلت العديد من القوي والفصائل ....ولا زالت الجهود لاستكمال اللقاءات بفصائل أخري حتي تتبلور الرؤية الكاملة للدعوة لإنهاء ملف الانقسام والي الأبد .
خطوة لقاء موسكو في منتصف الشهر الحالي بين حركتي فتح وحماس مقدمة وضرورة لإذابة الجليد المتراكم حتي لا نبقي من العوائق والذرائع ما يمكن تسويقه والتذرع به إسرائيليا في ظل ضرورة وطنية فلسطينية تفرض نفسها وتؤكد على أهمية انهاء ملف الانقسام الذي لم يعد مقبولا ومسموحا به .....بعد أن وصلت الامور الي الحد الذي لم يعد فيه من مصلحة أحد استمراره وتأثيراته السلبية على المشروع الوطني الفلسطيني في ظل عدو محتل لا زال يدير الظهر لكافة الجهود والاتفاقيات وحتي للقرارات الدولية التي صدرت لصالح قضيتنا وشعبنا .
الارادة الفلسطينية يجب أن تترجم من خلال سياسات ومواقف وقرارات من الكل الفلسطيني ....حتي نكون أكثر قوة وتماسك وشجاعة للملمت جراحنا وانهاء الانقسام .....حتي تكون القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس مستمرة بجهودها السياسية والدبلوماسية على طريق انهاء الاحتلال واقامة الدولة وتجسيدها على أرض الواقع .
دولة فلسطين والتي تجسد المشروع الوطني الفلسطيني ....مشروع الكل الفلسطيني ....لا حياد ولا خروج عنه .....الا اذا أرادت حكومة نتنياهو أن تستكمل ضربتها القاضية لعملية التسوية ....عندها سيكون لكل حادث حديث ....لكن الأهم والأولوية تتطلب استعادة الوحدة والترابط ما بين شقي الوطن.... وأن لا نكون الا المطالبين بوحدة الوطن.... وليس بتقسيمه .
الكاتب : وفيق زنداح