ثمة ما هو مهم ان نضع عربة فتح امام الحصان ، وان نلقي التهم والمبررات والاحاديث والاقاويل بان فتح هي من سببت ازمة التراجعات بالمنظور السياسي والثقافي والامني وحتى الاجتماعي للقضية الفلسطينية ، وبأن اليمين الرجعي الذي تحول الى اقطاع سياسي هو سبب الانحلال عن الثورة واهدافها ومبادئها وهي التي دخلت في مفاوضات علنية وسرية مع قوى مختلفة من الاحتلال وصولا الى اوسلو والعن من اوسلو وهو الواقع التي تعيشه القضية الان والشعب الفلسطيني والذي هو اسوء في تقديري بكثير عن واقع ما قبل نكسة 67م ، فهناك من هم شركاء في ادارة هذا الواقع ومفرزاته ومدخلاته ومخرجاته التي تتغير للاسوء يوما بعد يوم .
يقود تلك الازمة مثلث مكتمل الاضلاع ، قيادة فتح ، وان كانت فتح تمثل قاعدة المثلث ، واليسار الفلسطيني كضلع من اضلاع المثلث ، وحماس والتيار السياسي الاسلامي الذي اكمل اضلاع المثلث في العقدين الاخرين كضلع ثالث .
وكما هي فتح عاشت مناسك الثورة وفعلها ومحدداتها ومتجهاتها في سنوات معدودة من انطلاقتها وهي سنوات مجيدة من عمرها الذي تتغنى به الاجيال للان وهي السنوات التي يرتكز عليها قادة فتح في يمين الاقطاع السياسي في شحن الهمم ولملمة العواطف لتنفيذ برنامجهم ونهجهم الذي ليس له ذات صلة بتلك السنوات العظيمة من عمر فتح ، وهناك من يقول القيادة تزول وتبقى فتح ....!!! ولا ادري هؤلاء المتفائلون او الذي يشهدهم ماضي فتح ..... لم يفكروا لحظة بالمخاطر والنتائج التي تقودها قيادة فتح ومؤثراتها وحقائقها على الارض والتي يصعب بل يكون مستحيلا ان تعود فتح عمليا وتنظيميا وسياسيا لافكارها واستراتيجية انطلقت من اجلها ..... الموضوع يطول في التحدث عن فتح ..... وهذه قاعدة مثلث الازمة . ولكن ماذا عن الضلع الاخر والثاني في هذا المثلث والمتمثل في اليسار الفلسطيني .....!!!
كما هي فتح عاشت سنوات قليلة كثورة ايضا اليسار الفلسطيني وكما هي فتح عاشت انشقاقات وتصفيات في قيادتها ايضا اليسار الفلسطيني كذلك وكما هي فتح فاليسار ايضا عاش سنوات قليلة في مناسك الثورة واطروحاتها ، نتذكر اليسار الفلسطيني باستثناء الحزب الشيوعي الفلسطيني بانه اول من عانى من الانقسامات في صفوفه المتمثل في الجبهة الشعبية الام لتنقسم الى ثلاث او اربع فصائل الماوي والماركسي وغيره من المسميات ، واليسار الفلسطيني الذي بدل ثوبه الفكري من الفكر القومي الى الفكر الماركسي اللينيني .
فبالتاكيد ان اليسار الفلسطيني في بداية الثورة حقق اعمال عظيمة في فرض القضية الفلسطينية على المجتمع الدولي والراي العام واعرف من تلك المرحلة القائد اليساري الكبير الذي لم يأخذ حقه التاريخي وديع حداد كما هو الحال في نسيان واهدار قيمة قيادات كبيرة في فتح ، ولكن لا غرابة لسلوك اليسار عموما فالزعيم الصيني ماو تسي تونج الذي اسس الصين الحديثة ومحررها ممنوع تداول صوره او كتبه في الصين كما فهمت ، ومؤخرا فيدل كاسترو رفيق ارنستو جيفارا ايضا ممنوع عمل له نصب تذكاري او تداول ماثره في كوبا ..... شيء غريب يمارسه اليسار ..... على العموم كما اذكر بعض فصائل اليسار هي من شرعنت هي والحزب السيوعي فكرة الاتصال مع الحزب السيوعي الاسرائيلي وقوى اليسار الاسرائيلي في اوائل السبعينات من القرن الماضي وقبل ان تمتشق فتح وتكسب السباق بالاتصال بالاسرائيليين وحلركة السلام الان ويوري افنيري في اواخر السبعينات ايضا ، هو نفس اليسار الذي توصل مع اليسار الاسرائيلي وقوى اسرائيلية اخرى الى وثيقة جنييف .
اذكر اول من طرح الحل المرحلي هو اليسار الفلسطيني في اوائل السبعينات ليقر بعد ذلك في المجلس الوطني وتنبثق النقاط العشر ، هذا الطرح المبكر للحل المرحلي الذي اتى بخسارة فادحة على الحالة التركيبية والمؤسساتية والسياسية والامنية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وهو التبويب الذي كان مبررا لدى التيار الاقطاعي اليميني في فتح ليقدم تنازلات تلو التنازلات وصولا الى اوسلو .
وكما قيل عندما اصيب جورج حبش بجلطة ادت الى الشلل اتهم جورج حبش الرئيس عرفات بانه هو المتسبب في الجلطة التي اصيب بها من سلوكيات رفضتها وقاومتها الجبهة . الجبهة الشعبية في مراحل اواخر السبعينات وصفت عرفات بما لا يوصف من تهم ، بعكس الديموقراطية التي كانت تميل لسياسات عرفات ، ولكن في كل المحطات والمنعطفات وحتى في المؤتمر الوطني في اوائل الثمانينات والقرار الفلسطيني المستقل الذي رفعه الرئيس الراحل عرفات عانت فصائل اليسار من انشقاقات منها من يؤيد ومنها من يعترض ليستقر الحال بمن عارض في دمشق ومنها من ايد لينال الامتيازات من كعكة اوسلو ...... عاد اليسار الى الوطن مثله مثل حالة الانتقاء فمن يدخل الى ارض والوطن ومن هو الذي لا يدخل وينال جانبا من تلك الامتيازات والوظائف ، نتذكر في مؤتمر الجزائر وبعد قطيعة هرول اليسار لحضور المؤتمر وعلان الاستقلال الذي لم يعود منه شيئا يذكر سياسيا وغيره على الشعب الفلسطيني .
اضعف اليسار وفقد كثير من مصادر تمويله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وان تحدثنا عن اليسار فل نذكر اكبر فصيل فيه وهو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تنقسم الان الى تيارين نتذكر الشهيد ابو على مصطفى وسعدات وما زال هناك تيار يرفض سياسات رئيس السلطة وقيادة فتح ولكن هناك قيادات تعيش وتقتات من ارزاق محمود عباس ان صح التعبير ويتعكس ذلك في كثير من التناقض في التصريحات بين قادتها ... اليسار الفلسطيني بكل عنفصاته يبقى في حضن قيادة فتح واهوائها وتنفيذ برامجها وفي كل المراحل .... ولنتذكر عندما عنفصت مؤخرا الشعبية والديموقراطية قطع عباس مخصصاتهم من الصندوق القومي ، وعندما اعترضت النائبة جرار والقيادية في الجبهة على عباس تم اعتقالها ادريا عدة شهور في السجون الاسرائلية ..... وها هي الجبهة الشعبية والديموقراطية واليسار يهرول الى بيروت لاجتماع تحضيري للمجلس الوطني وبسيناريو معروف لدى عباس فهو جدد شرعياته في في فتح بمؤتمر مشبوه وهو يريد ان يجدد شرعياته في منظمة التحرير ليطبق على كل الانفاس الفلسطينية ومؤسسات الشعب الفلسطيني .... اليسار المتذبذب والمترنح هو الضلع الثاني للمأساة الفلسطينية وهو الضلع الثاني في المليو دراما الذي يعيشها الشعب الفلسطيني ، وهو الديكور دائما لقيادة فتح اليمينية الاقطاعية .
بقلم/ سميح خلف