من يمارس التحريض....؟؟

بقلم: راسم عبيدات

بالأمس في تل ابيب جرت محاكمة الجندي الإسرائيلي "اليؤر ازاريا" قاتل ومعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف قصداً وعمداً في الخليل،جريمة جرى توثيقها بعدسات الكاميرات،مما يجعل تهرب قادة وجيش الإحتلال من تحمل مسؤوليتها او التنصل منها مستحيلة،ولكن رغم هذا الدليل القاطع،إلا أننا وجدنا بأن هناك مماطلة وتغيير أقوال وشهادات لجنود ممن كانوا معه وقت جريمته،حاولوا الخداع والتضليل والتغطية على جريمته،ولتكن هذه الجريمة الواضحة والبينة قتل غير عمد،رغم أن القضاء قال بأن الجندي قتل الشهيد بدم بارد دون ان تكون حياته مهددة بالخطر،وهذا يؤشر الى مأسسة منظومة قتل بدم بارد للفلسطينيين،وهو ينم كذلك عن مدى انحياز المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف،والعنصرية والكره والحقد على كل ما هو فلسطيني،والمؤسف هنا القول،لكي يستوعب عندنا ممن هم يتزعمون لجان ما يسمى بالتواصل مع المجتمع الإسرائيلي ،لجان "التطبيع"،ومن الذين يعانون من عقدة "الإرتعاش" السياسي المستديمة في التعامل مع المحتل،والذين ما ان يكون هناك أي عمل مقاوم حتى تنطلق ألسنتهم بالإدانة والشجب والإستنكار،في وقت رأينا فيه أغلب المستوى السياسي الحكومي الإسرائيلي يتعاطف مع القاتل ويدعمه ويطالب بالعفو عنه،فهل هناك من يتعظ ويتعلم..؟ أم سيستمر في " تجريب المجرب"،ألم يشاهد هذا الفريق المهزوم بأن هذا المجتمع الصهيوني بكل أطيافه من أقصى يمينه الى أقصى يساره يقف في صف واحد عندما يتعلق الأمر بحياة وكرامة واملاك وأرض الفلسطينيين،فرأينا كيف ان مثل هذا اليمين المتطرف ويضاف له من يدعون انهم من اليسار الصهيوني وقفوا في جبهة واحدة مطالبين بالعفو عن قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف ( نتنياهو ،بينت ،ليبرمان،شاكيد،ريغيف) ومعهم "اليسارية " يحموفيتش النائبة في المعسكر الصهيوني،ونحن نرى بان الدعوات للعفو عن هذا الجندي القاتل من قمة الهرم السياسي الحاكم في إسرائيل،هي دعوات لإعدام رسمي ومؤسساتي للفلسطينيين من قبل قادة وجنود الإحتلال .
هذه الجريمة البينة الواضحة اعتبرت في مهزلة القضاء الصهيوني الخاضع لإنفلات اليمين المتطرف الداعم للجندي القاتل والمتظاهر دعماً وتأييداً له،قتل غير عمد ...!!،وكذلك لا نعرف ماذا سيقولون عن من حرقوا عائلة الدوابشة أحياء في قرية دوما،فخوفهم من اليمين الصهيوني دفع أجهزة مخابراتهم الى عدم اعتقالهم،رغم أنه لديهم معلومات عن هؤلاء القتلة؟؟،فربما هم لم يقصدوا حرقهم،بل قصدوا حرق الشجر او الحجر،او كانوا يمارسون هوايتهم..؟؟،وهذا ليس بالغريب فهم في جريمة خطف وتعذيب وحرق الشهيد الفتى أبو خضير،شهيد الفجر،حاولوا أكثر من مرة القول بأن القاتل الرئيسي يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية،وماطلوا في المحكمة لأطول فترة ممكنة قبل إدانته بجريمة القتل العمد،وعندما طلب اهل الشهيد أبو خضير ومحاميه من المحكمة المركزية الصهيونية،هدم منازل قتلة الشهيد،ردت المحكمة على ذلك بأنها لا تقوم بهدم منازل اليهود،وأتذكر هنا تصريحات نائب رئيس بلدية القدس المحتلة "مائير ترجمان" عندما قال عقب عملية الشهيد مصباح أبو صبيح،بأن بلديته كما هي دولة الاحتلال وجدت لهدم منازل المقدسيين،وليس من أجل بنائها،وهذا دليل على مدى الحقد والعنصرية على كل ما هو عربي.
وكذلك قالت المحكمة بأن ما جرى في قتل الشهيد أبو خضير لا يشكل نهجاً في المجتمع الإسرائيلي،كما هو الحال عند الفلسطينيين،ونحن مع فارق التشبيه وجدنا بأن هذه الكذبة الكبيرة تسقط في أرض الواقع،حيث وزراء ونواب عدا المستوطنين والجنود يتظاهرون دعماً لهذا القاتل،ويطالبون بإطلاق سراحه،حتى وزيرة ما يسمى بالعدل الصهيوني ايليت شاكيد قالت بأن " هذه المحكمة كان يجب لا تكون من الأساس".
بالمقابل الطفلة الفلسطينية مرح باكير والمتهمة بمحاولة الطعن،وليس القتل والإعدام تحكم ثمانية سنوات ونصف..؟؟،وكذلك رأينا عندما نفذ الشهيد مصباح أبو صبيح عمليته في القدس في تشرين أول من العام الماضي،دعك عن اعتقال ابنته وأولاده واشقاؤه واغلاق محلاتهم وهدم جدران بيتهم في كفر عقب والتنكيل المستمر بهم،وحملات الدهم والتفتيش والعبث بمحتويات منازلهم غير المتوقفة،وجدنا بأن سلطات الاحتلال اعتقلت من صور او قال لا الله إلا الله بعفوية،او أكل حلو،أو زار بيت الشهيد ...الخ.
هذه جريمة واحدة تم توثيقها وكشفها،من بين آلاف جرائم القمع والعنف والقتل،التي يرتكبها جيش الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد الفلسطينيين،فمعظم الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين من قبل الجماعات الإرهابية الصهيونية مثل " تدفيع الثمن" و"شباب التلال" و"لهافا"والمتطرفين من المستوطنين، تقيد ضد مجهول ولا تجري محاكمة مرتكبيها،ومن تجري محاكمته،تكون ضمن سياسة الباب الدوار،يحتجز لفترة معينه،وحتى تهدأ العاصفة وردود الفعل،تخلق الحجج والذرائع من أجل إطلاق سراحه.
هذا دليل واحد لجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، ومن لم يمثل للمحاكمة عليها في إسرائيل،سيمثل في النهاية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي".،وعلى المؤسسات الدولية التي تتسابق على وصف النضال الفلسطين بالإرهاب،وإدانة أي عملية فلسطينية،أن تعمل على فتح تحقيق دولي بحق الجرائم الكثيرة التي ارتكبها جنود ومستوطني الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني،ومن جعلوا دولة الاحتلال دولة فوق القانون،لا تحترم لا القوانين ولا المواثيق ولا الإتفاقيات الدولية،ناهيك عن تشكيل مظلة وحماية لها من أي قرارات أو عقوبات قد تتخذ بحقها أو تفرض عليها في المؤسسات الدولية،وبالذات مجلس الأمن الدولي،هو من يشجعها على مواصلة إرتكاب جرائمها والتمادي فيها،ومن يقومون بهذا الدور هم شركاء في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
من يطرحوا على الكونغرس الأمريكي مشروع قرار للموافقة على نقل سفارتهم من تل ابيب الى القدس،هم الشريك الرئيسي في جرائم الإحتلال،ولذلك علينا أن لا نستمر في رهن قضايانا الى الإدارات الأمريكية المتعاقبة،وان نفقد صوابنا ونخرج بتحليلات مغرقة في التفاؤل وبعيدة عن أرض الواقع،بأن أمريكا بصدد تغير استراتيجي في علاقتها مع إسرائيل،فأمريكا حتى في الحروب العدوانية التي شنت على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز 2006 وعلى سوريا والأمة العربية الآن،هدفها اولاً وعاشراً أمن إسرائيل.
جريمة قتل الشهيد عبد الفتاح الشريف يجب ان تنقل الى محكمة الجنايات الدولية والى كل المحاكم الدولية،فالقضاء الصهيوني ومحاكم الإحتلال المتفرعة عنه،هي في خدمة حكومة الاحتلال ومستوياتها السياسية والأمنية.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
5/1/2017
0524533879
[email protected]