رسالة من فلسطيني الى السيد أنطونيو غوتيريس

بقلم: مازن صافي

من فلسطين المحتلة التي تكمل في هذه الأيام قرن من الزمان تحت حكم الظلم والتقسيم والاحتلال، وها أنت اليوم تتولى مهمة الأمين العام للأمم المتحدة، وهنا أود تقديم التهاني لك من ربوع بلادنا التي تتآكل يوم بعد يوم بفعل الاستيطان والتهويد والتدمير الاحتلالي الممنهج، والتي تفتقد الكثير من مقومات الحياة الانسانية، ولكننا لازلنا نردد أنه على هذه الأرض ما يستحق الحياة، في بلادنا يموت الناس خلف الحواجز وفي الطرقات وفي إنتظار العبور الى المستشفيات، ولدينا أطفال وشباب ونساء وشيخ يقتلون أيضا بتهم عديدة ولكنها في النهاية تهم الاحتلال لمن هم تحت الاحتلال، فيعدمون بدم بارد، ويبقى القاتل حرا طليقا يمارس "هواياته" في إصطياد "الأبرياء"، وفي غزة نسب السرطان مرتفعة، وانت تعلم كيف يمكن أن يصاب طفل او امراة أو شيخ بهذا المرض، ونعلم كم عانيتم مع مرض زوجتكم التي توفاها الله بهذا المرض، فشعبنا يحتاج الى الرعاية الصحية والانسانية بصورة مستمرة وأيضا كونه تحت الاحتلال، الذي يشارك مع كل المؤثرات والمسببات في جعل حياتنا لا تطاق، ولكننا لن نتخلى عن أحلامنا، في أن يكون لنا دولة وعاصمة، وأن يكون لكل لاجئينا المشردين في العالم وطن يجمعهم، وعودة تحميهم من ويلات الحروب والتشريد، وانت أيضا من رفعت صوتك عاليا وانتقدت ‏تعامل البلدان الغنية مع أزمة اللاجئين السوريين، قائلا في تصريحات ‏صحفية "للأسف لا يلاحظ الأغنياء وجود الفقراء إلا بعد أن يدخل الفقراء باحات ‏الأغنياء"‏، وكان لدينا في سوريا المنكوبة بالحرب، أقرباء وأهل وأصدقاء هاجروا بعد النكبة الى سواحل البحر، وبعضهم مات في الطريق، وبعضهم وصل بعد مشقة، وعمل بكل ما يمكن على ان يبقى حيا في الغربة، بعيدا عن شجر الزيتون الّذي زرعه والبيت الذي لازال مفتاحه معلق في صدره ويورثه للأجيال لكي تبقى القضية حية ومستمرة، وتشرد اللاجئون ثانية الى بلادكم وبلاد قريبة منكم وتكرر المشهد ثانية، منهم من غرق في البحر ومنهم من وصل ولازال يعاني، انها فلسطين التي لازالت تنتظر، وفيها الالاف من الشباب الذي يحمل الشهادات العلمية ولكن شبح البطالة يقتل أحلامه، والبعض يتخلى عن أحلامه كما تخليت عنها أنت سابقا، فتركت أحلامك العلمية من أجل المشاركة في الثورة، ولازالت ثورتنا مستمرة، وشبابنا ينضمون نضالهم مستمر، نضال من أجل الحياة والكرامة والسلام.

فلسطين يا سيادة الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، تنتظر منك الكثير، تنتظر أن تشارك شعبنا التحديات، ولا يمكن أن يستمر القرار الدولي هكذا دون تطبيق شامل، فالتسوية السياسية لا نبالغ ان قلنا أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهل ينتظر العالم أن يأخذ صور سلفي مع أنقاضها، المهمة ليست سهلة، والحروب تأكل كل شيء، فلا تنمية ولا تطور ولا مدنية ولا قوانين في وسط المعارك، والفقر وتحت الاحتلال المستمر والظالم، فقط انهاء وزوال الاحتلال من فوق أرضنا وعملكم معنا ومع كل أحرار العالم في أن يكون هذا العام هو عام دولة فلسطين المستقلة العضو الكامل العضوية في الأمم المتحدة، فهذا سيساعد بإخراج المنطقة الملتهبة من حالة التيه، قبل أن يغرقنا اليمين المتطرف بالمآسي، ونعم ومن حقنا أن نعيد كل مطالبنا ونرفع الصوت عاليا ونخاطب كل ذي عقل وبصيرة، أن لدينا أحلام كثيرة، وأحاديث كثيرة، ولدينا قرارت صادرة من مجلس الأمن من عشرات السنوات، وأخرها قرار ضد الاستيطان 2334، قرارات يحفظها الصغار قبل الكبار، ولكننا نحتاج واقعا أفضل، ولكي لا نبالغ، نحن نشتاق الى العدالة والحرية والمساواة والحماية، وأن يتوقف القتل، والاعتقال، والتجويع والحصار.

ألا يكفي عقود من الزمان، ونحن ننتظر ممن حرروا بلادهم بإسم القيم، أن ينهضوا بقضيتنا أم أصبحت في نظرهم، حلما صعب المنال، وكم من مآساة أخرى وشواهد حية أخرى على الويلات والشتات والتشريد يحتاج العالم منا، ليفرض أجندته وقوته على القوة الغاشمة والمحتلة، فأطفالنا الذين سيكبرون يوما، يقولون لنا اليوم، أنهم لم يعيشوا سنوات السلام القليلة، وقد تفتحت عيونهم على العدوان والتدمير والخراب، فكيف نقنعهم بقيمة السلام، وكيف نقول لهم أن هناك هيئة دولية اسمها "الأمم المتحدة" وجدت من أحل سلام العالم وحقوق الطفل والانسانية جمعاء، لذا نتمنى عليك أن تلتقط الاشارة اليوم، وتعمل بكل ما تملك من قوة وقدرة وقانون وتاريخ ثوري وانساني على مساعدنا في تحقيق أحلامنا، وجلب الأمن لأطفالنا، واستعادة حقوقنا المشروعة.

شعب دولة فلسطين المحتلة  ينتظر أن يُعاد له حقه وحريته من أحرار هذا العالم وكل عام وانتم واحرار العالم بخير.

بقلم/ د. مازن صافي