أزمة الوعي ..ام وعي الأزمة ؟؟!!

بقلم: وفيق زنداح

نواجه بحدية عالية كل من يحاول الاقتراب منا .....او مواجهة مواقفنا وتبيان فهمنا واليات فكرنا وحتي ثقافتنا .....لأننا لا نقبل الا بما هو في فكرنا ومنهجيتنا وطريقتنا ...ولا نقبل حتي بأن يقول لنا أحد هذا ممكن ...وهذا غير ممكن ...لهذا نعم ...ولهذا لا ....ثقافة نمتاز بها كما غيرنا من الشعوب التي تزداد بحدية اعتزازها بثقافتها وتاريخها على أرضية عصبوية لا يحدث عليها أدني تغيير الا بفعل قانون المصالح ...وعوامل ذاتية تربط البعض ولا تفرقهم ....الا اذا كانت المصالح قادرة ونافذة .
نتغنى أننا من الشعوب التي تفخر بنسبة تعليمها .....وانخفاض نسبة جهلها واميتها..... وأن نسبة الوعى لديها تزداد بحكم تجربتها ومدي استفادتها من تجاربها ونسبة التعليم لديها ومساحة المعرفة التي تزداد بفعل عوامل التعليم الممنهج والذاتي وتراكمات الخبرة الشخصية ......من خلال ثقافة سمعية ومشاهدات بصرية ....ووشوشات وجلسات تمتاز بها بعض الشعوب دون غيرها .
لا يستطيع من كان..... أن يحاول مجرد محاولة لإقناع أحد بأنه يعيش ازمة وعى ومعرفة وعدم ادراك شمولي للنقطة المراد الحديث عنها ....أو القضية مثار النقاش والحوار حولها ....لقناعة راسخة وثابتة أن كافة المفاتيح والاسرار والمحطات قد تم وضعها في هذا الجيب الصغير لهذا المتحدث أو ذاك .....وهذا بعكس الحقيقة .
الوعي مسألة نسبية..... لا تكتمل ولا يجري عليها سياسة التحكم .....لأنها مسألة مفتوحة تأخذ طريقها المعرفي بأسلوب الانفتاح على الاخرين وعدم الانغلاق عنهم ...والاطلاع المعرفي الذي يتم اكتسابه من خلال قراءة أخر المستجدات والابداعات .....ومشاهدة أخر ما يتم انتاجه والاستماع الي خبرات الاخرين ....حتي نحدث خبرات متراكمة وليس فذلكيات كلامية..... وبراعة لغوية.... وحنكة بفعل عوامل الجذب والاستئثار بما تمتلك الجيوب من أموال ....وما تتميز به الألسنة من كلمات قادرة على دغدغة العواطف وما يمكن أن تحدثه من فتح لشهية من يريد ملئ جيوبه .
يجب أن نقر جميعا أننا نعيش أزمة الوعي بفعل عوامل ذاتية وموضوعية .....وأن الزمن وقياساته كفيلة بأن تحدث التغيير في مستويات الأزمة ودرجاتها ومعدلاتها..... وأن أزمة الوعي ليست عيبا تاريخيا يمكن أن يحسب .....أو سيفا مسلطا يمكن أن يقطع رؤوس من لا يمتلكون الوعي لما يجري بداخلهم .....وبمن حولهم لكنها خطر داهم ...وعبء كبير ...وخلل مستمر يصيب المجتمعات والشعوب لفترات عديدة من تاريخ حياتهم .....ولا يستطيعون ادراك عيوب أزمتهم الا بعد أن تحدث ما يمكن أن تحدثه من خراب واثار يتم تحمل تبعاتها على مدار فترات متباعدة .
فالأزمات غير مرتبطة ومحددة بمن يحكمون ...لكنها أزمات تشمل كافة المنظومات والمستويات والشرائح بمعني أنه لا يمكن أن يكون مقبولا أن نحمل مسئولية أزمة محددة الي جهة بعينها لأن من يتحمل المسئوليات سيفرغ مسئولية المجتمع والمنظومة من مسئولياتها العديدة ....وسيخلق حالة من الاتكالية وعدم الانصهار في بوتقة الفعل الاجتماعي والثقافي ...وهذا لا يعني التنكر للتفاوت بنسب المسئولية أمام الأزمات ما بين شريحة وأخري.... وحتي داخل النخب الفكرية والسياسية التي تتحمل النسبة الأعلى .
لا شك أن هناك خللا كبيرا يحدث بمنظومة الوعي البشري ازاء القضايا العديدة ...وأن هناك حالة من عدم القدرة والتحكم لمعرفة اسباب ونتائج الأزمة المحددة بصورة قاطعة وأن محاولة التعرف على الاسباب والنتائج تكمن بمنظوم شخصي أحادي ذات معرفة وارتباط بمصلحة فئوية ضيقة تزيد من مساحة الازمة والوعي بها ولا تقلل منها .
متابعة تاريخية لتجارب الشعوب واستخلاصات تجربتها.... انما يؤكد أن هناك الكثير من النتائج الوخيمة والكارثية كان من نتيجتها أزمة الوعي لدي تلك الشعوب بمرحلة محددة ....وأن هذا الخلل لم يتم الوقوف أمامه والبحث حوله لعدم امتلاك الشجاعة المطلوبة والحكمة الموضوعية لدي النخب القادرة على طرح القضايا ....وتبيان أسباب الازمة وطرح الحلول والمعالجات لها .
التجارب التاريخية واستخلاصات النخب والشرائح القادرة على ايصال مواقفها..... تؤكد أنها بحالة ارباك وخلل زاد من أزمة الوعي...... ليزيد من حالة وعي الازمة ....ويثقل عليها ويزيد من اعبائها .....الا بعض الشعوب والفئات والشرائح التي خرجت من أزماتها أكثر قوة وقدرة وابداع .....والتي نجدها على خارطة السياسة والاقتصاد الدولي متربعة بقوة وقدرة واقتدار .....لأنها امتلكت شجاعة مواجهة الذات ولم تهرب الي الوراء أو الي الامام ...خشية من مواجهة عيوبها وايجاد المعالجة لها .
وشعوب أخري لا زالت تعيش أزمة الوعي بمراحلها المتعددة حتي زادت من وعي أزمتها المتراكمة وهذا ما يدلل على أن النخب الفكرية الثقافية الاعلامية السياسية تتحمل مسئولية كبيرة في تعميق الازمة وانتشارها واستمرار نخرها لمفاصل المجتمع وبنيته .....وأن محاولة القذف بالمسئولية على هذا وذاك..... انما يدلل على ضعف ذاتي وتشتت فكري .....وتهرب مقصود دون امتلاك القدرة على الوقوف على أرضية الواقع وملابساته ومتطلباته .
لا شك أن حالتنا الفلسطينية حالة فريدة ومتميزة نعيش فيها بأزمة وعي مبرمج ومخطط..... حتي حدث هذا الخلط مع وعي الأزمة وما نحن عليه من ظروف قاسية لا زالت تعصف بنا ....ولا نريد ان نتعلم منها ....وهذا ما سيبقي على أزمة الوعي ...ووعي الأزمة ....وما يمكن أن تكون عليه النتائج من أخطار .
الكاتب : وفيق زنداح