كيف يمكننا الحديث حول الامن والامان، وتردي الحال الفلسطيني؟؟ في ظل ظاهرة تفشي الفساد، بشكل ملحوظ وعلنّي في الساحة الفلسطينية؟؟ ، حقيقة فاننا نلمس كلما ازداد الفساد يزداد الفاسدون والمتآمرون والمتسلقون تألقا وبريقا وعتوا وغرورا وتسلطاً وفجوراً في الأرض ، بينما يزداد الفقراء فقراً والضعفاء ضعفاً، بحيث تتجه أنظارهم إلى مستقبل مجهول!!
إن الفساد أو التخلف أو انتشار الفقر والجريمة، ينسب للناس، كما ينسب للحكومة، والحقيقة أن الأفراد في مجتمعات الفساد والرخاوة القانونية، لا يشكلون عنصر حسم في صناعة الفساد، حيث تتحكم قوى نفوذ محددة وشخصيات معينة في تسيير الأمور وفق مصالحها، وفي بعض المجتمعات، تسيطر مافيات المال وتجارة السلاح مثلاً على مجمل الأمور، مع ذلك، فإن الناس، وإن لم يصنعوا الفساد، لكنهم بشكل أو بآخر يساعدون على بقائه وانتشاره وسيطرته،هؤلاء من يسمونهم بـ (حراس الفساد) للاسف حقيقة مؤلمة . ثم يأتي من يقول لك إن حالة التخلف ليست سوى مؤامرة عالمية ومخطط صهيوني ، والحقيقة أن الاتكاء على عذر المؤامرة، ليس سوى تبرير لحالة الفساد وشراسة المفسدين، وبالتالي، تركهم يدمرون كل شيء.
والعامل الاساسي وراء غض الطرف عن الفساد كثيرة، هو وجود من يستفيد من الفساد ومن يعتاش على حراسته واستمراره، كذلك الجهل والفقر وتدني مستويات المعيشة المفروضة والواقعة على المجتمع ، وضعف منظومة القيم، والتراخي في تطبيق القانون، أما النتيجة الحتمية لكل ذلك، فتتبدى في التكاسل والخوف والأنانية التي تسيطر على كثير من المجتمعات بشكل عام والحال الفلسطيني بشكل خاص ، فينعدم لديهم الدافع للتطوير والنهوض والتغيير نحو الأفضل.
ولولا الفساد ما وصل حال مجتمعنا لما هو عليه اليوم ، في الوقت الذي يتم فيه الحديث بصوت عالٍ عن القيم والشفافية ومحاربة الفساد!!.
وهنالك عدة عوامل ساهمت في ظهور حالة الفساد ، أهمها فقدان الديمقراطية وما يؤسس لها من حكم صالح، وتعميم ثقافة الفساد عند الناس ، فالذي يكوّن ثروة بشكل سريع يسمى (شاطرا) وهي ثقافة فساد يجب مجابهتها بتعزيز وتعميم ثقافة مكافحة الفساد.
إضافة إلى فقدان الرقابة وفقدان المحاسبة مما يؤدي إلى قيام دولة رخوة ، فيستشري الفساد الذي يبدأ في الرأس وبالتالي ينتهي في المفاصل.
والاخطر من ذلك، أن كثيراً من المساعدات التي تأتي من الدول الغنية ينهبها أصحاب السلطة وتدخل في حساباتهم الشخصية ، ولا تستفيد منها الشعب ، وهذا يدفع بعض الدول الغنية إلى التوقف عن المساعدة ، لأنها في النهاية لا تذهب إلى الشعب وإنما تذهب إلى أهل الجيوب.
وعلى الرغم من أن الفساد مستشري سواء على المستوى المحلي او الدولي أو الاقليمي يتطلب منا قبل كل شيئ ، مواجهته منظومة متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية بل واخلاقية.
وإذا فعلاً نريد التصدي لظاهرة الفساد، فلابد أن نعترف به أولا، لأن العلاج الصحيح يبدأ من التشخيص ومعرفة السبب، ولا بد أن ندرك أن محاربة الفساد لا تكون بالتنظير أو رفع الشعارات أو التظاهر بالمثالية، وإنما بالنوايا الصادقة والعمل الجاد المبني على تضافر الجهود.
غادة طقاطقة