محزن ان تغيب اليوم جريدة السفير صوت الذين لا صوت لهم من خلال رمزها الاستاذ طلال سلمان، ، الذي كنت اقراءها منذ تأسيسها ، لم أكن أتوقع أن في لحظة ان تتوقف هذه الصحيفة عن النشر ، فهي صوت المقاومة والعروبة ، فهي صوت فلسطين ، فهي صحيفة غسان كنفاني و محمد حسنين ، هي صحيفة سمير القنطار ، هي صحيفة المناضلين والمثقفين، هي محطة أعتز بها لأنني لا أزال أشعر أن الصحافة أصعب المهن، وأشعر أيضاً أن غياب جريدة السفير ، في هذه اللحظات هو غياب لصوت عروبي تقدمي وشبابي ومجتمعي نحن احوج ما نكون له في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة .
رغم كل ذلك ستبقى السفير حاضرة في وجدان كل المثقفين العرب ، وأن قامة الاستاذ طلال سلمان ستبقى حية وموجودة في قلب فلسطين ، وهيئة تحريرها ومراسليها والعاملين فيها سيبقون منارة لجريدة تحمل عنوان بارز لها ، من اقوال الشهيد الرئيس الخالد جمال عبد الناصر " ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " لتؤكد بذلك ان السفير تشبه مرجلاً يغلي، ولكن ستبقى حاملة لواء الهم والحلم العربي بشجاعة وشرف لم يطفئ نورها .
أكتب هذا الكلام لأن فلسطين ولبنان هما بلدان منكوبان بالأعداء والحروب قبل أن ينكب الباقون في العراق وسوريا واليمن وليبيا والحبل علي الجرار، وبقيت قلاع الكلمة تواجه وتقاتل دفاعا عن الرأي وعن الأوطان والمبادئ الضائعة ، لهذا نطالب الاستاذ طلال سلمان بان تبقى السفير عبر موقعها الالكتروني صوتا عربيا لحين انتهاء الازمة المالية التي تعيشها ، وحتى تتمشق الموقف كسيف للحقيقة في الميدان وتبقى نبراسا للحق والكلمة، صحيح ان جريدة السفير تعبت ، لكنها ترفض أن تكون المثال، خصوصاً أنها ترى في أفق المهنة بعض النور، إذ لا يعقل أن يبقى الظلام المخيّم على المنطقة والبلد جاثماً على صدرها وزميلاتها لوقت طويل.
نحن بحاجة للسفير لمواقفها الجميلة ونحن نتطلع ان تعود وتنهض قوية عملاقة برسالتها الصحفية ، مستجيبة لتطلعات قرائها، متسلحة بإرادة النجاح وبلا حدود في مسيرة العطاء.
ولاشك أن المرحلة التي مرت بها جريدة السفير من خلال المسيرة الطويلة كانت جديرة بالتفوق والتميز وهي تؤدي رسالتها الصحفية بكل أمانة وإخلاص وحيادية ونزاهة،ولا ننسى في هذا المقام الخبرات والكفاءات من الكتاب بمقالاتهم وأعمدتهم وتحليلاتهم الرصينة والمعمقة لشتى القضايا والتطورات والأحداث على جميع الساحات ، كما كانت تستوعب كل الآراء في التزام كامل بأخلاقيات وآداب المهنة.
امام كل الظروف كانت هناك أسماء كثيرة في السفير لها مواقع التأثير والإبداع والقيادة، في السبعينات والثمانينات والتسعينات حتى الان يكتبون في صفحتها الأولى لأنها هي الجريدة التي تحمل رسالة سياسية وثقافية ، وساحة للتلاقي الجامعة.
ومن هنا لا بد ان انوه بمراسلي جريدة السفير بفعل نضالهم اليومي، فهم شكلوا وجه حضاري، نقول ذلك لاننا نحن جيل رأى بأم العين الأبطال الذين خلّدتهم "السفير"، بل احتفظنا بأعداد منها روت قصصهم وحكاياتهم، يبدو أننا نحتاج إلى جرعةٍ كبيرةٍ من الأمل، جُرعة قد تعيد السفير ، الى قراءها وإكمال الدرب حتى تبقى الكلمة هي الصوت المدوي في زمن الانهيارات .
ختاما: تحية الى السفير وهي طوت أيامها الأخيرة، على امل العودة لتبقى تحمل الراية وتكون بقدر التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة بأسرها.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي