منذ بداية الغزوة الصهيونية الأولى لفلسطين،والصراع مع المحتل الصهيوني يدور على الأرض والوجود،والإحتلال يدرك تماماً بأن استمرار الوجود الفلسطيني يعني عدم تقدم مشروعه الصهيوني،في عبرنة الأرض،ولذلك هو يعمل ليل نهر وضمن سياسة التطهير العرقي،من اجل نفي الوجود العربي الفلسطيني في هذه الأرض،ورغم كل مشاريعه التهويدية من مشروع المتطرف العنصري "أريه كنج" مشروع تهويد الجليل عام 1976،والذي كان سبباً في اندلاع هبة الأرض،والتي قدم فيها شعبنا الفلسطيني على قربان الدفاع عن ارضه ووجوده ستة شهداء وعشرات الجرحى والمعتقلين،ومحاولات المحتل للتهويد والتذويب القومي لشعبنا الفلسطيني هناك لم تتوقف او تنتهي،فالمحتل ينظر لشعبنا على أنه سرطان ديمغرافي يجب التخلص منه،وإلا فإن مشروعه سيواجه الفشل،فكان مشروع تهويد النقب،مشروع "برافر" مشروع يستهدف المحتل من خلاله سرقة أراضي شعبنا هناك مليون دونم كان يملكها أبناء شعبنا لم يبق الإحتلال لهم منها سوى مائة الف دونم،ويخطط للإستيلاء عليها من خلال حشر أبناء شعبنا هناك في معازل وجيتوهات خاصة،وبما يشمل تدمير حوالي اربعين قرية فلسطينية كما يقول المحتل بانه غير معترف بها،وهي موجودة قبل وجود دولة الإحتلال،ولذلك هدمت قرية العراقيب هناك مائة وسبعة مرات،وفي كل مرة تهدم يعاد بناءها،وشعبنا انتفض في وجه مشروع تهويد النقب،ولكن المحتل الذي تراجع عن تنفيذ مشروعه،تراجعه مؤقت ويتحين الفرصة المناسبة ليهاجم من جديد،هكذا هو المحتل تراجعه مؤقت،ومتى وجد الفرصة والظرف مناسبين يهاجم من جديد.
حكومة الإحتلال تريد حرمان أبناء شعبنا في الداخل من حقهم في السكن والمأوى،وجريمة هدم وارتكاب مجزرة الحجر بحق 11 منزلاً فلسطينياً في قلنسوة،عدا انها تكشف عن الوجه العنصري القبيح لهذه الحكومة المتطرفة،والتي اتت انتقاماً لمستوطني مستوطنة"عمونه" المقامة على ارض فلسطينية خاصة،والتي رغم قرار محكمة ما يسمى بالعدل الصهيونية بضرورة هدمها وإزالتها،بقيت حكومة الإحتلال المتطرفة تبحث عن حجج وذرائع من اجل إبقائها،وهددت قوى واحزاب يمينية بان هدم "عمونه" يعني هدم ألالاف البيوت الفلسطينية في القدس والداخل الفلسطيني تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص،وبالفعل إرتكبت مجازر حجر بحق عشرات البيوت في مدينة القدس،ووزعت اخطارات هدم على المئات من سكان مدينة القدس.
عملية هدم المنازل في قرية قلنسوة الفلسطينية أتت استباقاً للتعديلات على قانون البناء والتنظيم،الذي رغم أن ظاهره ينص على زيادة لجان التنظيم في البلدات العربية،ولكنه في الجوهر يحول لجان البناء ورؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية الى مقاولي هدم لعشرات ألآلاف البيوت العربية،والمحتل يعتقد بأن الظروف الناشئة فلسطينياً وعربياً ودولياً مؤاتية له لتنفيذ عمليات هدم واسعة وتطهير عرقي بحق شعبنا الفلسطيني في الداخل- 48 – والقدس،ورأينا كيف ان وزير الأمن الداخلي الصهيوني المتطرف جلعاد أردان،كيف أشاد بالقوات التي نفذت جريمتها بعملية الهدم الجماعية هذه،وهذا يذكرني بإشاداته هو وقادته العسكريين والسياسيين بعمليات الإعدام الميدانية للشبان والفتيان والأطفال والفتيات الفلسطينيات بدم بارد،حتى وهم لا يشكلون خطر على جنود الإحتلال ومستوطنيه،ورأينا كيف ان الجندي ازاريه الذي اعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف بدم بارد،جرى احتضانه من المجتمع والحكومة الإسرائيلية ومختلف أحزابها ومركباتها السياسية يميناً ويساراً.
ما يجري في بلدة جبل المكبر خاصة عقب عملية الشهيد فادي القنبر،ومدينة القدس عامة شبيه الى حد كبير،بما يحدث في قلنسوة،نفس الإستهداف للوجود والأرض،حيث عشرات الإخطارات لهدم المنازل بحجج وذرائع عدم الترخيص،تجريف اراضي وهدم بركسات خيول وغيرها،واخذ مقاسات منزل الشهيد فادي القنبر تمهيداً لهدمه،مع توزيع عشرة اخطارات لهدم عشرة منازل لعائلة القنبر في إطار العقوبات الجماعية بحق ال القنبر خاصة وجبل المكبر عامة،ولتصل الامور الى حد اتخاذ وزير داخلية الإحتلال "أرييه درعي" بالتشاور مع جهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وسلطة الهجرة والسكان قراراً بسحب اقامات ومعاملات لم الشمل لوالدة الشهيد منوة واثني عشر فرداً من عائلة القنبر أقرباء درجة اولى وثانية للشهيد،مع حرمانهم من التوجه لما يسمى بمحكمة العدل الإسرائيلية،على اعتبار أنهم مقيمين وليسوا سكاناً.
هذه العقوبات الجماعية وعمليات الهدم الجماعية للبيوت،لن توفر الأمن والأمان لدولة الإحتلال والمجتمع الإسرائيلي،ولن تفلح في منع استمرار المقاومة للمحتل،ما زال القمع والتنكيل والعقوبات الجماعية مستمرة بحق شعبنا الفلسطيني،كما ان عمليات هدم المنازل والتطهير العرقي،لن تؤدي الى تغيير الواقع الديمغرافي لصالح هذا المحتل،ومشاريع التهويد في النقب والقدس ستسقط،كما سقطت مشروع تهويد النقب "برافر".
على جماهير شعبنا الفلسطيني وهيئاتها التمثيلية" لجنة المتابعة العربية" والقوى والأحزاب والبلديات والسلطات المحلية ان تعمل على صياغة استراتيجية وطنية شاملة للتصدي لعمليات هدم المنازل الفلسطينية هناك،ووضع برامج وأليات تنفيذية تمكن من حماية وجودنا وبيوت أبناء شعبنا من خطر الهدم،من قبل حكومة يمينية مسعورة ومتطرفة.
اما في القدس فعلى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني،تشكيل جسم شعبي عام،يضم كل مكونات ومركبات المجتمع المقدسي سياسة ووطنية ومجتمعية،يكون له دوراً شبيهاً بدو الجسم المشكل في الداخل الفلسطيني،في صياغة استراتيجية سياسية وطنية شاملة،للدفاع عن وحماية بيوت شعبنا من خطر الهدم والتدمير من قبل بلدية الإحتلال ووزارة داخليته،على ان تكون مظلتها ومرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية،بالتعاون مع السلطة الفلسطينية.
فهذا المحتل لا يريد أن يقدم أي تنازلات جدية وحقيقة من اجل التقدم نحو يحل يبرد هذا الصراع،بل ما يريده هو استمرار هذا الصراع على جثث وبيوت شعبنا،وشعبنا سيدافع عن وجوده وبيوته،ولن يسمح بأن يطرد من أرضه ووطنه مرة اخرى.
بقلم/ راسم عبيدات