بلدية الإحتلال معايير مزدوجة وخلط للأوراق

بقلم: راسم عبيدات

بلدة جبل المكبر خاصة والقدس الشرقية عامة، عانت وتعاني دوماً من سياسة الإهمال والتهميش من قبل بلدية الإحتلال،والسكان تجري مطاردتهم وملاحقتهم في كل تفاصيل حياتهم اليومية،ويحرمون من ادنى الخدمات الإنسانية،مقابل الضرائب الباهظة التي تجبى منهم وبالذات ضريبة المسقفات "الأرنونا"،وكذلك يجري التعامل معهم كسكان من الدرجة الثالثة،ولا تعترف لا حكومة الاحتلال ولا دولة الاحتلال بحقوقهم في المدينة لا سياسية او غير سياسية،وسياسة بلدية الاحتلال تجاههم عبر عنها رئيس بلدية الإحتلال ونائبه العنصريين " نير بركات" و"مائير ترجمان" فالأول قال بان البلدية ستهدم ألآلاف البيوت المقدسية بذريعة البناء غير المرخص رداً على إخلاء مستوطنة "عمونه" والثاني قال بعد عملية الشهيد مصباح أبو صبيح بأن بلدية الاحتلال وجدت لهدم منازل المقدسيين وليس من اجل بنائها،والعرب يجب طردهم وترحيلهم،وضمن هذه السياسة بعد عملية الشهيد فادي القنبر،بثت القناة العبرية العاشرة خبراً مفاده بأن اللجنة المحلية واللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال بلدية "القدس" وافقت او صادقت امس الأول على اقامة 2500 وحدة استيطانية على انقاض بيت الشهيد فادي القنبر المنوي هدمه والبيوت التي وزعت عليها اخطارات بالهدم او مراجعة بلدية الإحتلال للتاكد من انها مرخصة او مستوفية الشروط والإجراءات القانونية وفق بلدية الإحتلال،وهذه البيوت عدا كونها مرخصة فجزء كبير منها مقام منذ عشرات السنين وحتى لو افترضنا جدلاً وجود بعض الزيادات عليها،فهناك تقادم زمني مر عليها لا يقل عن عشر سنوات،وهذه قضية قانونية يجري متابعتها مع الجهات المختصة بشكل جماعي،كونها تأتي في اطار وسياق العقوبات الجماعية والإخطارات لا تحمل اسماء وارقام ملفات والهدف منها تصيّيد المواطنين والتنكيل بهم،وبث الرعب في قلوبهم،ولذلك نرى ان لا يتم التجاوب والتعاطي معها،على ان يجري متابعة امرها بشكل جماعي وقانوني،وحتى لو اضطر السكان لملاحقة بلدية الإحتلال في المحاكم الدولية.
خبر القناة العاشرة يفتقر الى الدقة وربما مقصود نشره من قبل بلدية الإحتلال وبثه لإثارة الذعر والخوف بين السكان،فالبلدية في اطار محاولة تحسين صورتها امام السكان في جبل المكبر صادقت على مشروع اسكاني لسكان جبل المكبر (2500) وحدة سكنية على مساحة (1521) دونماً شرق الشارع الأمريكي في عام 2015،ولاحقاً تبين بأن هذا المشروع ليس أكثر من بالون منفوخ و"جوز" فارغ ودعاية تجميلية لبلدية الإحتلال التي تواصل هدم بيوت اهالي جبل المكبر تحت ذريعة البناء غير المرخص، مع التاكيد على أنها رفضت اعداد اي مخطط هيكلي للمكبر يتجاوب مع احتياجات السكان وابقت جزء كبير من اراضيهم خضراء ومفتوحة وخدمات عامة.
فمشروع ال (2500) وحدة سكنية اشترط على المواطنين ان يكون خط البناء لأي وحدة سكنية يبعد عن جدار الفصل العنصري (120) متراً،على ان يجري التنظيم لكل (50) دونم لوحدها شريطة ان يكون منها (7) دونمات للخدمات العامة،وكذلك جزء اخر منها يقتطع للشوارع والمناطق الخضراء،ولنكتشف بأن ما يتبقى منها للسكن من النسبة المطروحة لا يتجاوز ال(30)%،ناهيك عن ادخال السكان في نزاعات وخلافات داخلية،من ستصنف ارضه خضراء او مسموح البناء عليها،ولذلك لم يجري تنفيذ هذا المشروع بالمطلق.
ربما المقصود بالخبر الذي بثته القناة العبرية العاشرة،بأن الاحتلال قد يقدم في اطار العقوبات الجماعية على الإستيلاء على هذه الأراضي لإقامة مشروع استيطاني بدلاً المشروع المطروح للسكان العرب.
اسرائيل في اطار سياستها الخبيثة قالت بانها ستعمل على تأهيل الشارع الأمريكي والذي في جزء منه لا يبعد كثيرا عن حي القنبر، والتوسيع للشارع طرح لخدمة السكان لإقامة أبنية سكنية وتجارية على طول الشارع،ونسبة البناء التي تم رفعها للدونم الواحد،تشمل 80% تجاري و20% سكن،وهذا من شأنه خلق أعباء مالية كبيرة على السكان،فالأبنية التجارية مكلفة وضرائبها باهظة الثمن، والأرض المخصصة لها تحتاج الى تاهيل بملايين الشواقل،وهذا يعني تقليل نسبة التراخيص الممنوحة للبناء السكني،مع هدم البيوت التي تقع على الشارع والمتأثرة من عملية توسيع الشارع،ورغم كل محاولات لجنة الدفاع عن الأراضي لتقليص عرض الشارع من (32) متراً الى (24) متراً أو (18) متراً لتجاوز هدم المنازل القريبة من الشارع،إلا أن البلدية رفضت ذلك وقالت بأنها ستنفذ الشارع ولو بالقوة،وليتبين لاحقاً بالملموس بأن هذا الشارع،هو شارع الطوق الشرقي الذين يريدون من خلاله وصل مستوطنات ابو غنيم" هار هحماه" مع مستوطنات "بيت صفافا "جفعات هتحموتيطس" و"غيلو" وهذا الخط الإستيطاني يخترق منطقة دير السنة من أراضي المكبر بنفق تحت الأرض ليصل الى مستوطنات معاليه ادوميم والمجمع الاستيطاني الشرقي خارج جدار الفصل العنصري.
بلدية الإحتلال قامت امس بوضع لافتة كبيرة على الشارع الأمريكي على مدخل حي الجديرة المؤدي الى حارة القنبر وشقيرات وعبيدية ومشاهرة قالت فيها بأنها تنوي اقامة مئة صف تعليمي لرفاهية السكان،وهذا ادعاء كاذب وغير دقيق فبلدية الإحتلال لم تقم ببناء اية غرفة صفية في منطقة جبل المكبر منذ عشرات السنين،وكانت تتحدث عن اقامة قرية تعليمية في منطقة وادي ذياب مساحتها (76) دونماً صادرتها لهذه الغاية،ونجح اعتراض دار عليان شقيرات في استرداد (5) دونمات منها،وهذه المنطقة ربما تحتاج لكي تصبح صالحة للبناء او اقامة مدارس عليها عشرات السنين،وهذه الحجج والذرائع تأتي بعد سلسلة طويلة من الإحتجاجات التي قامت بها لجان أولياء الامور والسكان في البلد لحل ضائقة النقص في الصفوف التعليمية والتي لا تقل عن 300 صف تعليمي في المكبر لوحدها.
البيوت التي وزعت عليها اخطارات في الهدم بعد عملية الشهيد فادي القنبر لا تزيد عن مئة اخطار وهو رقم كبير جداً مضافا له اخطارات وزعت سابقاً في الإستهداف المتواصل لجبل المكبر،ولذلك فإن حي القنبر،هو حي عربي لا يوجد به أية أبنية استيطانية او قريب من مستوطنات،وربما كان القصد الحديث عن المشروع الذي كانت تنوي عمله بلدية الإحتلال لسكان جبل المكبر والذي اثقلته وارفقته بشروط تعجيزية تجعل اقامته مستحيلاً،وربما يكون لديها اهداف خبيثة وغير مرئية بهدف بث الرعب والخوف في قلوب السكان بأن أي عملية أخرى في جبل المكبر، قد تعني مصادرة تلك الأراضي.
حكومة وبلدية الاحتلال اللتان تمارسان كل أشكال العقوبات الجماعية والتنكيلية بحق سكان المكبر خاصة والمقدسيين عامة،ويسارعون الى هدم منازلهم وتوزيع مئات الإخطارات بالهدم لعدد أخر،وفرض القيود الكبيرة على البناء والتكاليف الباهظة للحصول على التراخيص،لم نسمع منهما يوماً بأن ما يمارس من عنصرية واضطهاد وقمع وتنكيل واهمال وتهميش وعدم اعتراف بالحقوق للعرب الفلسطينيين هو السبب المباشر فيما يجري في القدس،فالإحتلال،لم يبق للمقدسيين أي خيار،فهم قرؤوا رسائل رئيس بلديته الاحتلال ونائبه جيداً ليس أمامكم سوى الطرد والترحيل وهدم بيوتكم.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة - فلسطين
13/1/2017
[email protected]

المصدر: بقلم :- راسم عبيدات -