ماذا عن قرار الاتحاد من اجل السلام رقم 377 لسنة 1950م؟

بقلم: حنا عيسى

( قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 ، والمسمى أيضا قرار الاتحاد من اجل السلام ، ينص على انه في اية حالة يخفق مجلس الامن ، بسبب عدم توفر الاجماع بين اعضائه الخمسة دائمي العضوية ، في التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، يمكن للجمعية العامة ان تبحث المسالة بسرعة وقد تصدر أي توصيات تراها ضرورية من اجل استعادة الامن والسلم الدوليين ، وإذا لم يحدث هذا في وقت انعقاد جلسة الجمعية العامة ، يمكن عقد جلسة طارئة وفق الية الجلسة الخاصة الطارئة )

تضمن الميثاق أحكاما بشان الهيئات العامة بشان الهيئات العامة لمنظمة الأمم المتحدة والتي تشتمل على الجمعية العمومية ومجلس الأمن والأمانة العامة, وجرى تحديد اختصاصاتها وأصول العمل فيها وجلساتها وقد تضمن الفصل الرابع المواد القانونية من 9-22 والمتعلقة بالجمعية العمومية والفصل الخامس بمواده من 23-32 والمتعلقة بمجلس الأمن والفصل الخامس عشر بمواده من 97-101 والمتعلقة بالأمانة العامة. إن أهم وابرز اختصاص لمجلس الأمن هو حفظ السلم والأمن الدوليين, وقد نصت المادة 24 على ما يلي: (لكي يكون عمل المنظمة سريعا فعالا يعهد أعضاء المنظمة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية فيما يتعلق بحفظ الأمن والسلم الدوليين ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل باسمهم عندما يضطلع بالواجبات التي تفرضها عليه هذه التبعات ويتقيد مجلس الأمن بأهداف الأمم المتحدة ومبادئها عندما يقوم بهذه الواجبات ). وقد تضمنت مقدمة الميثاق والفصل الأول بمادته الأولى والثانية أهداف ومبادئ الأمم المتحدة.. أما المواد (10و11و13و15و16و23و58و61) فقد تحدثت عن اختصاصات الجمعية العمومية. وقد أظهرت السنوات الماضية بعد قيام الأمم المتحدة بان مجلس الأمن عجز أحيانا عن اتخاذ قرارات بشان تهديد السلم الدولي أو الإخلال به أو عمل من أعمال العدوان. وذلك بسبب استخدام أحدى الدول الأعضاء الدائمين في المجلس لحق النقض (الفيتو) أو بسبب تغيبه.. وإثناء المسالة الكورية كان الاتحاد السوفيتي قد قاطع جلسات مجلس الأمن في الفترة من 13/1/1950 وحتى أوائل شهر آب من العام نفسه بسبب اعتراضه على رفض قبول عضوية الصين الشعبية بالأمم المتحدة وممارستها لدورها كعضو دائم في مجلس الأمن بدلا من الصين الوطنية التي احتلت المقعد الدائم المخصص للصين الشعبية وأثناء فترة غيابه ومقاطعته لجلسات المجلس استصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قرارا من مجلس الأمن بتاريخ 25/6/1950 جاء فيه:( إن قوات كوريا الشمالية لم تصدع بأوامره الخاصة بوقف القتال والانسحاب إلى الشمال وانه لذلك يوصي أعضاء الأمم المتحدة بان يقدموا لجمهورية كوريا كل مساعدة لازمة لدفع العدوان المسلح ولإعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة إلى نصابه).

وبعد صدور هذا القرار أعلن الاتحاد السوفيتي بمشاركة الدول الاشتراكية بيانا قال فيه أن قرار مجلس الأمن المذكور يعتبر باطلا لصدوره بأكثرية ستة أصوات, إذ أن الصوت السابع وهو صوت الصين لا يعتد به ولا يقبل لأنه ليس لممثل الصين الوطنية الحق بالتصويت باسم الصين الشعبية ونيابه عنها... وجاء في البيان بان القرار المشار إليه يعتبر أيضا تدخلا في الشؤون الداخلية لكوريا حيث أن القتال الجاري فيها يشكل حربا أهلية وليس للأمم المتحدة حق التدخل فيها ومن ناحية أخرى فان أغلبية الأعضاء في مجلس الأمن لم تقر وجهة النظر السوفياتية وأرسل بعضها قوات عسكرية للقتال بجانب قوات الولايات المتحدة الأمريكية دعما ومساعدة لكوريا الجنوبية ضد كوريا الشمالية... وفي 7/7/1950 اتخذ المجلس قرارا وضع بموجبه جميع تلك القوات تحت قيادة واحدة عهد بها إلى الولايات المتحدة. وفي 3/10/1950 أصدر مجلس الأمن قرارا هاما خول نفسه تلافيا لمحذور صدور فيتو صلاحية إصدار توصية إلى الجمعية

العمومية لتتخذ الإجراءات الكفيلة بإنقاذ السلم والأمن الدوليين في حال تهديداهما أو مسهما عن طريق عدوان أو بأي شكل كان, ويقترح المجلس في توصيته بأنه إذا لم تكن الجمعية العمومية في حالة اجتماع فان عليها أن تجتمع في غضون 24 ساعة بدعوة من مجلس الأمن أو أغلبية أعضائها... ومن اجل إنقاذ السلام أصدرت الجمعية العمومية قرار الاتحاد من اجل السلام ويعتبر هذا القرار من صنع الدول الغبية التي كان لها النفوذ الكبير في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ذلك الوقت وينص القرار على (انه إذا اخفق مجلس الأمن بسبب عدم توفر الإجماع بين أعضائه الدائمين في القيام بمسؤولياته الأساسية الخاصة لحفظ الأمن الدولي في الحالات التي يبدو فيها وقوع تهديد للسلم أو إخلال به من أعمال العدوان تبحث الجمعية العمومية الموضوع فورا لإصدار التوصيات اللازمة للأعضاء لاتخاذ التدابير الجماعية والمناسبة بما في ذلك استخدام القوات المسلحة عند اللزوم للمحافظة على السلام أو لإعادته إلى نصابه في حالات الإخلال به أو حالات العدوان).. ومازال قرار مجلس الأمن وقرار الجمعية العمومية المذكور موضع نقاش من قبل فقهاء القانون حيث أنهما تضمنا تعديلا في الاختصاصات الواردة في الميثاق نلاحظ من القرارين ما يلي:-

 

 

1- يمكن للجمعية العمومية أن تصدر توصيات لاتخاذ تدابير لمواجهة الإخلال بالسلام ويعطي لها سلطة استعمال القوات المسلحة مع العلم بان ذلك من اختصاص مجلس الأمن فقط.

2- يمكن دعوة الجمعية العمومية إلى دورة طارئة مستعجلة في 24 ساعة للنظر في تطبيق قرار الاتحاد من اجل السلام.

3- أوصى قرار الاتحاد من اجل السلام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بفرز بعض قواتها لتكون ضمن القوات العسكرية للأمم المتحدة وذلك بناء على توصية من الجمعية العمومية أو مجلس الأمن علما بان ذلك كان من اختصاص مجلس الأمن وحده.

4- اعترض الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية على قرار الاتحاد من اجل السلام واستند اعتراضهم إلى القرار يتعارض مع المادتين 11و 12 وهو يتضمن تعديلا لاختصاصات الجمعية العمومية ومجلس الأمن على السواء وهذا يتعارض مع الأحكام القانونية المتعلقة بتعديل الميثاق والتي تتطلب موافقة الدول الخمس الكبرى مجتمعة.

5- قامت العديد من الدول بالمسائلة في مدى دستورية هذين القرارين كما رفضت دفع مساهمتها في تكاليف تشكيل قوات الأمم المتحدة.

لقد جرى استفتاء محكمة العدل الدولية حول النفقات على هذه القوات من قبل الجمعية العمومية والأمين العام للأمم المتحدة فأصدرت المحكمة رأيها حول ذلك وقالت ( بأنه ينبغي اعتبار هذه النفقات كنفقات للمنظمة وهي تأتي ضمن الفقرة (2) من المادة (17) من الميثاق.

وعلى ضوء كل ذلك فقد جرى تشكيل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الحالات التي يتعذر فيها اتخاذ قرار بشان تشكيلها من قبل مجلس الأمن نتيجة لتنافس القوى العظمى بشرط أن لا تكون مهمة هذه القوات متعلقة بأعمال الحرب والقمع لان هذه الأعمال محصورة فقط بمجلس الأمن وهي من اختصاصه. لقد كان قرار الاتحاد من اجل السلام قرارا عارضا صدر في ظروف خاصة وذلك أثناء الحرب الباردة... حيث أن الأوضاع الدولية الحديثة تبدلت كثيرا عن السابق وزال التوازن الدولي وانفردت الولايات المتحدة الاميركية بالقوة الرئيسية الضاربة في العالم وأصبحت تمارس ضغوطها على الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المرتبطة بها فان المجال أصبح غير مفتوح لتطبيق قرار الاتحاد من اجل السلام.. إن تنفيذ هذا القرار يحتاج إلى دعم ومساندة سياسية ومادية من طرف الدول الكبرى وبخاصة من الولايات المتحدة الاميركية وهي

ليست على استعداد لتطبيق هذا القرار إلا في كل ما يتعلق بسياستها ومصالحها الذاتية علما بان القرار المذكور (الاتحاد من اجل السلام) استخدم في عدة أزمات وهي:-

1- أزمة قناة السويس سنة 1956

2- أزمة هنغاريا في نفس السنة.

3- المشاكل التي حدثت في لبنان سنة 1958.

4- أزمة الكونغو سنة 1960.

5- أزمة الشرق الأوسط سنة 1967.

6- أزمة تأسيس دولة بنغلادش سنة 1971.

7- مشكلة أفغانستان سنة 1980.

8- مشكلة ناميبيا سنة 1981.

بقلم:د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي