مؤتمر باريس ....ومخرجات الإرادة الدولية

بقلم: وفيق زنداح

ما يزيد عن سبعين دولة ....وما يزيد عن أربعين وزير خارجية انطلقوا بمؤتمرهم بالعاصمة الفرنسية باريس.... بأعمال مؤتمر السلام في خطوة سياسية دولية لها دلالاتها وأبعادها مهما حاول البعض أن يقزم من أهميتها .....وأن لا يعتبرها إضافة نوعية ومتميزة في اطار هذا الجهد السياسي والدبلوماسي .....والذي وفر أرضية ومناخ دولي لعقد مثل هذا المؤتمر وبهذا الجهد الفرنسي لصالح القضية الفلسطينية وعملية التسوية والسلام بالشرق الأوسط .
جاء المؤتمر بالعاصمة الفرنسية على أرضية دولية تعبر عن إرادة جامعة ومتوافقة ....على ضرورة حل القضية الفلسطينية وإعطاء الفلسطينيين حقهم بتقرير المصير وإقامة دولتهم الفلسطينية بعاصمتها القدس وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرارين 242 و 338 وما تم اضافته من قرارات أممية على مدار سنوات طويلة .
القضية الفلسطينية يجب أن تصل الى حلول عملية.... واليات تنفيذ وفق جدول زمني وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ....حيث لم يعد بالاحتمال حتى وفق الرؤية الدولية الإبقاء على حالة الشعب الفلسطيني الذي لازال يعيشوا ظروف التهجير والاحتلال والاستيطان وما يمارس عليه من تعسف في أطول احتلال عرفه التاريخ .
يعقد المؤتمر اليوم بعد أن تأكد للمجتمع الدولي أن السلام ليس مجرد شعار يردد ويرفع ويكتب بالبيانات الختامية للمؤتمرات واللقاءات الثنائية ....ولكنه خيار استراتيجي لا يجوز القفز عنه أو تغييبه لأن تحقيق السلام بالمنطقة يعتبر حلا ومخرجا جذريا لمشاكل وأزمات عديدة ليس أقلها الإرهاب ومشاكل التنمية وما يهدد الأمن الإقليمي والدولي من مخاطر وتحديات خاصة ما بعد إرهاب ضرب العديد من العواصم الأوربية والعالمية .
عقود طويلة لم يستطع المجتمع الدولي امتلاك ارادته باتجاه دفع عجلة التسوية واخذ خطوات جادة لصياغة موقف دولي قادر على تشكيل أداة ضغط عالمي على دولة الكيان وعلى الحليف الأميركي الداعم والمنحاز .
لقد باتت السياسة الأوربية أكثر شجاعة وجدية وابتعدت بطريقة أو بأخرى عن السياسة الامريكية ومواقفها.....وأخذت العديد من المواقف داخل المؤسسات الدولية وحتى داخل الاتحاد الأوروبي وما أصدره من قرارات عديدة تؤكد على سياسة أكثر اعتدالا وأكثر جدية بالوقوف الى جانب التسوية السياسية ومفهوم حل الدولتين .
أوروبا لا تملك كافة الأوراق لكنها مؤثرة وفاعلة عندما تتبلور ارادتها وتأخذ خطواتها وهذا ما تأكد في السياسة الفرنسية وما يجري بالعاصمة الفرنسية باريس من مؤتمر السلام وبهذا الحشد الدولي الأول والأكبر في تاريخ الصراع .....وما يمكن أن يخرج عنه من مخرجات سياسية مباشرة وغير مباشرة .....وما يوفره من أرضية ومناخ سياسي دولي للاعتراف بدولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس وما يوفره من قرارات أممية على صعيد المؤسسات الدولية لاصدار قرار دولي جامع للاعتراف بدولة فلسطين بعاصمتها القدس ليكون مثل هذا القرار الأممي المنتظر فرصة سانحة كأحد مخرجات هذا المؤتمر .
القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني لم تعد خافية على احد بل واضحة وجلية ومحددة وتحتاج للالتزام بقرارت الشرعية الدولية واحترام القانون الدولي وكافة الاتفاقيات الدولية ذات الاختصاص بحقوق الانسان والحقوق السياسية وتقرير المصير ....حيث لا يجوز ....بل ليس من المقبول قانونيا ....إنسانيا... سياسيا ...ثقافيا ونحن في هذا العصر أن يبقى اثنا عشر مليون فلسطيني داخل وخارج وطنهم دون دولة وحرية وسيادة وتنهب أرضهم وتراثهم وثقافتهم ويتم التلاعب بمقدساتهم مساجدهم وكنائسهم من قبل محتل أراد تغيير معالم الأرض من ظاهرها وباطنها .
لم يعد مقبولا حالة الانحياز السياسي لكيان غاصب قام على تهجير شعب بأكمله واقام دولته العنصرية دون وجه حق أو قانون ولا زال هذا الكيان العنصري يرتكب من الجرائم والمجازر وينتهك من الحقوق ما يجعله مجرما ومدانا بحسب القوانين والأعراف الدولية .
عقد المؤتمر بالعاصمة الفرنسية وبهذا الحشد الدولي الكبير وايا كانت القرارات والتوصيات والبيان الختامي ....فانها رسالة دولية تحدد معالم السلام المقبول والممكن والقائم على حل الدولتين والذي يعطي الشعب الفلسطيني حقه بإقامة دولته بحدود الرابع من حزيران 67 ....كما انها رسالة الى الكيان المحتل بعدم قانونية كافة الإجراءات والتغيرات التي أحدثها الاحتلال على مدار سنوات احتلاله .....كما انها رسالة دولية جامعة تحدد رؤية المجتمع الدولي للسلام الممكن والذي يجب ان يكون بصلب السياسة الامريكية وسياسة الرئيس القادم للبيت الأبيض كما ان القدس جزء من دولة فلسطين ولا يجوز انقاص السيادة الفلسطينية والحقوق الوطنية .....كما لا يجوز التلاعب بقرارات الشرعية الدولية ونصوصها المعلنة .
مؤتمر باريس للسلام خطوة على طريق الجهد الدولي والذي يجب أن يستكمل ويضاف عليه قرارات اممية من المؤسسات الدولية وخاصة مجلس الامن والاممم المتحدة كما يجب ان يضاف عليه الاعتراف المباشر والكامل بدولة فلسطين من قبل المجتمع الدولي بأسره .
الكاتب: وفيق زنداح