"حق الاستقلال" ويسميه البعض (حق السيادة) أيضا، سواء أكان المقصود من ذلك السيادة في المجال الداخلي، أو السيادة في المجال الخارجي. ففي المجال الداخلي يحق للدولة أن تختار نظام حكومتها (ملكية، جمهورية، ديكتاتورية...) ونظام حكمها (رئاسي، برلماني، مجلسي...)، ونظامها الاقتصادي (ليبرالي، ماركسي...) ولها أن تنتقل من نظام بدون أي حق للدول الأخرى بالتدخل.
وقد كرس مشروع 1949م بخصوص حقوق وواجبات الدول مادتين لهذا الحق هما المادتان الأولى والثانية، وتنصان على ما يلي: "لكل دولة الحق في الاستقلال وبالتالي الحق في أن تمارس بحرية، ودون أي خضوع لإرادة دولة أخرى، جميع اختصاصاتها القانونية ومنها اختيار شكل حكومتها "ولكل دولة الحق في أن تمارس قضاءها على إقليمها وعلى جميع الأشخاص والأشياء الموجودة فيه مع مراعاة الحصانات المقررة في القانون الدولي".
وقد نص إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة (القرار رقم 2625 (25) تاريخ 24 تشرين أول/أكتوبر 1970م) على هذا الحق أيضا ضمن مبدأ تساوي الشعوب في حقوقها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها. وأما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3281 (د 29) تاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1974م، والذي يحده ميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية، فقد نص على هذا الحق أيضا ضمن مبدأ (سيادة الدول وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي). ويبني على هذا المبدأ الحقوق الفرعية التالية:
لكل دولة حق السيادة غير القابل للتصرف في اختيار نظامها الاقتصادي فضلا عن نظمها في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي وفقا لإرادة شعبها دونما تدخل أو إكراه أو تهديد خارجي بأي شكل من الأشكال.
لكل دولة سيادة كاملة ودائمة تمارسها بحرية على جميع ثرواتها ومواردها الطبيعية.
من حق جميع الدول منفردة ومجتمعة إزالة الاستعمار والعدوان الأجنبي والاحتلال والسيطرة الأجنبية.
وبالطبع فان حق السيادة والاستقلال المقرر لكل دولة يفرض واجبات معينة على عاتق بقية الدول أهمها واجب (منع التدخل) الذي نصت عليه المادة 3 من مشروع 1949م المذكور أعلاه بالقول: "على كل دولة واجب الامتناع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى).
ثم جاء نص عام 1970م في نفس المنحى بالتأكيد على واجب عدم التدخل في الشؤون التي تكون في صميم الولاية الوطنية لدولة ما، وان (الالتزام القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى هو شرط أساسي لضمان عيش الأمم معا في سلام).
بقلم/ حنا عيسى