علاقة العشق والغرام بين ما يسمى جبهة "الإنقاذ" السورية المعارضة وبين دولة الإحتلال،وخروجها من مرحلة السر الى العلن،والسير بها نحو التطبيع والعلاقات الإستراتيجية،ليست هي علاقة استثناء أو يتيمة،فبعد ما يسمى ب"ثورات" الربيع العربي،وقيام العديد من المشيخات النفطية الخليجية العربية بحرف الصراع العربي- الإسرائيلي عن جوهره واساسه وتحويله من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- ايراني،ونقلها للفتن المذهبية (سني- شيعي) الى المستوى الشعبي،بدات تلك المشيخات بنقل علاقاتها مع الإحتلال الإسرائيلي على كل المستويات والصعد الى علاقات علنية تعدت مسألة التنسيق والتعاون الى المناورات المشتركة والعمل الإستخباري والأمني المشترك،ولكون ما يسمى بجبهة "الإنقاذ" السورية السورية تنتمي الى نفس هذا المعسكر الحاضن والداعم والممول لها،فهذا يعني انها ستسير على نفس النهج والمبدأ والخيار،كما هو حال بقية الجماعات الإرهابية التكفيرية المتمسحة بالدين من "القاعدة" ومتفرعاتها من "داعش" و"نصرة" وغيرها من الألوية والتشكيلات الإرهابية،التي تعبر عن فرحها وسعادتها وشكرها لدولة الإحتلال عندما تقوم بعمليات قصف لأهداف ومقرات ومواقع سورية،كما حصل مؤخراً في قصفها لمطار المزة السوري...ونحن كنا واثقين بأن الحرب العدوانية القذرة التي تشن على سوريا تستهدف إعادة انتاج الدولة السورية هوية وموقفاً وخياراً،بعد أن يجري تدمير جيشها واسقاط قيادتها،وتفكيك واعادة تركيب جغرافيتها،بحيث تصبح محمية من محميات العدو الصهيوني،تدار باوامره وتنفذ مطالبه،وبما يمنع بروز أي قوة عربية تنادي بمواصلة النضال او الكفاح ضد العدو الصهيوني،أو تحرير الجولان وبقية الأراضي العربية المحتلة.
كل يوم تتكشف حقيقة تلك الجماعات الإرهابية والتكفيرية،ومن يسمون انفسهم بالجيش الحر،فأحد قادة المعارضة السورية التائبين،والذين خدعوا وضللوا،شيخ عشيرة البقارة،البشير بكاره،كشف في اكثر من مؤتمر ولقاء صحفي حقيقة تلك العصابات والقيادات لما يسمى بالجيش الحر،وخاصة المدعو رياض حجاب،المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، الذي اختلس عشرات الملايين من الدولارات،التي مولته بها قطر والسعودية،وكذلك فعل العديد من قادة ما يسمى بالمعارضة الضالعين بالتجسس والخيانة والعمالة واللصوصية والفساد.
الصحافة الإسرائيلية كشفت قبل فترة عن " خارطة طريق للسلام" مع اسرائيل صاغها قادة ما يسمى بجبهة الإنقاذ السورية،ومن ضمن ما تضمنه تلك الوثيقة،انهاء الوجود الفلسطيني في سوريا،وشطب وجود المخيمات الفلسطينية،كشاهد على جرائم الإحتلال،والتأكيد على تصميم شعبنا وحقه بالعودة الى أرضه التي طرد وشرد منها،ناهيك عن الإنتقال بالعلاقات مع سوريا من مرحلة العداء الى السلام والتعاون والتحالف الإستراتيجي،ولعل التطبيع وتشريع الخيانة واحدة من الأهداف الإستراتيجية التي سعت وتسعى اليها دولة الإحتلال وقوى العدوان التي تشن حربها على الأمة العربية عامة وسوريا خاصة،والمسيرة هذه بدأت بتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" بين النظام المصري ودولة الكيان الصهيوني،ولكن لم تنجح تلك الإتفاقية بشعبنة التطبيع او شرعنة الخيانة بشكل علني،على الرغم بأن هناك العديد من الدول العربية،التي كانت تقيم علاقات على مختلف المستويات مع العدو الصهيوني،بشكل سري،ولتأتي ما يسمى ب" ثورات" الربيع العربي،لكي تمعن تلك الدول العربية في خيانتها واستدخال الهزائم وبث ثقافة " الإستنعاج"بين الشعوب العربية،ونشر الخداع والتضليل حول الخطر الإيراني المزعوم على الأمة العربية وأمنها بدل العدو الصهيوني الذي يحتل الأرض العربية،ويمارس كل أشكال القهر والقمع والإضطهاد بحق شعوبها،ولتستغل الحالة الناشئة من اجل علنية وشرعنة التطبيع والخيانة.
ولذا فإن ما قامت به ما يسمى بجبهة الإنقاذ السوري،ليس بالجديد،فهو سير على النهج والخيار الذي خطته العديد من المشايخ العربية،والتي عبر سيطرتها على الفضائين الاعلامي والثقافي،تحاول جاهدة اشغال شعوبها بقضايا بعيدة عن القضايا الأساسية،وان تغرس في عقولهم وفكرهم بأن فعل الخيانة والتطبيع مع العدو ليس بالجريمة.
ونحن نتذكر هنا التقاطر العربي والفلسطيني الرسمي للمشاركة في جنازة سفاح "قانا" بيرس،والأب الروحي للإستيطان في فلسطين.
«خريطة طريق السلام» ليست الفعل الخياني الأول المسجل باسم مَن يسمّون أنفسهم معارضة سورية، فقد سبق أن أعلن منسق الجبهة المذكورة فهد المصري، في نيسان 2016، أنّ «سورية الجديدة لن تكون قوة معادية لإسرائيل». ودعا العدو لـ»تشكيل مجلس للأمن الإقليمي للتنسيق حول أمن المنطقة»، مؤكداً أنّ دعوته للعدو «واجب أخلاقي ووطني». كما أنّ زميلاً له هو كمال اللبواني زار فلسطين المحتلة مرات عدة، وشارك في مؤتمر هرتسليا الصهيوني، تماماً كما فعل زميل آخر له هو محمد حسين الذي يرأس حركة «سورية السلام» والذي عقد لقاءات علنية ولمرات عدة مع مسؤولين صهاينة. وهناك عشرات المعارضين السوريين الإرهابيين التقوا بمسؤولين صهاينة.
والأمور لم تقف عند هذا الحد،فلعل الجميع يعرف،التعاون ما بين دولة الإحتلال وتلك الجماعات الإرهابية،الذين كانوا يتلقون العلاج في المشافي الإسرائيلية،بالإضافة الى تزويدهم بالسلاح والمعلومات الإستخبارية،ولتصل الأمور الى قيام وفد من ما يسمى بالجيش الحر بالمشاركة في لقاء في معهد ترومان في الجامعة العبرية في القدس،للحديث عن ما يسمى بالسلام مع "اسرائيل" والأزمة الإنسانية السورية في ظل نظام "ديكتاتوري" يقوده بشار الأسد،وقد وجه المتحدثون من ما يسمى بالجيش الحر" المصري وزيتون وكاجو اللوم لقيادة "اسرائيل الديمقراطية" على أنها لا تساعد ، ربما بدرجة كافية، المعارضة السورية الديمقراطية ، كيف؟
على "إسرائيل" أن تقيم منطقة عازلة جنوب سوريا يتمتع فيها "الثوار" بحرية الحركة.
وقد تعرض المدعو زيتون الى مقاطعة من الطلبة العرب أثناء القاء كلمته في الجامعة العربية ووصفوه بالخائن،وهذا الوصف الطبيعي الذي يليق بأمثاله.كل يوم تتكشف خطوط جديدة عن حجم المؤامرة على سوريا،وحقيقة تلك المعارضات الماجورة والمشبوهة الأهداف،ولكن رغم كل ذلك لن تنجح لا هي ولا من خلفها مشيخات النفط والبترودولار،في أن يصبح فعل الخيانة وجهة نظر، والتطبيع والتعامل مع العدو موقفاً، والتفريط بالحق والكرامة فضيلة.
بقلم/ راسم عبيدات