واضح بأن دولة الإحتلال التي تسير بخطىً حثيثة نحو العنصرية والتطرف،حيث تعمل على سن القوانين والتشريعات واتخاذ القرارات،جميعها تحمل عنوان واحد،وهو كيفية التخلص من الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه السياسية والإجتماعية والإقتصادية والحقوقية وغيرها...فنحن نشهد حالة واسعة من الإنفلات العنصري ضد شعبنا الفلسطيني،وممارسة لسياسة التطهير العرقي بحقه على نطاق غير مسبوق، والطبيعة العنصرية لهذا الكيان،تتكشف وتتجلى بشكل واضح،في إنكار حق شعبنا في السكن والمأوى،ورفض أي حل سياسي يقر بوجود شعبنا الفلسطيني،ويعترف له بسيادته وسلطته على دولته المستقلة ،فهذه الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة،والخاضعة لسلطة المستوطنين او تعتبر الممثل الحقيقي لهم،فبعد الرفض بتطبيق قرارات محاكمها ومن ضمنها ما يسمى بمحكمة العدل العليا بإخلاء مستعمرة "عمونه" المقامة على أراض فلسطينية خاصة،والبحث عن حجج وذرائع من اجل إستمرار بقائها،ومن اجل إرضاء المستوطنين،وجدنا تصريحات لقيادات من حكومة الإحتلال تفوح منها رائحة العنصرية والتطرف والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني في الداخل - 48 – والقدس.
تصريحات مهددة ومتوعدة بهدم عشرات الآلاف البيوت الفلسطينية تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص،وقد شرعت حكومة الإحتلال بترجمة تهديداتها من خلال هدم العشرات من البيوت والمنشئات والورش في مدينة القدس ...واحد عشر بيتاً في بلدة قلنسوة،ولتستتبع ذلك بهدم قرية عتير- ام الحيران في النقب،من أجل الإستيلاء على أرضها بعد طرد وتهجير سكانها،وإقامة مستوطنة لليهود تحمل نفس الإسم،على الرغم بأن هذه القرية الفلسطينية،وغيرها من القرى الفلسطينية غير المعترف بها(46) قرية،وجودها سابق لوجود دولة الاحتلال.
نحن لا يغيب عن بالنا حقيقة الحركة الصهيونية والمشروع الصهيوني القائم على التوسع والإستيطان وطرد وتهجير العرب من مدنهم وقراهم في نكبات مستمرة ومتواصلة...فالإحتلال لم يكتف بتدمير 531 مدينة وقرية فلسطينية،خلال نكبة عام 1948،وتشريد وطرد أهلها بالقوة الى دول الجوار والمنافي،لكي يعيشوا في مخيمات تفتقر الى أدنى شروط الحياة الإنسانية،والتي هي حتى يومنا هذا شاهد على جرائم الاحتلال،وعلى تقاعس وتخاذل ما يسمى بالمجتمع الدولي،الذي لم يستطع أن يلزم دولة الاحتلال بإعادتهم الى ديارهم وفق القرار الأممي (194).
والإحتلال في ظل ما يحظى به من دعم وحماية في المؤسسات الدولية توفرها له أمريكا ودول الغرب الإستعماري،أصبح دولة فوق القانون،مشرع له القيام بأية أعمال منافية للقانون والإتفاقيات الدولية وارتكاب أي جريمة،دون أن يحاسب عليها،او تتخذ بحقه قرارات او تفرض عليه عقوبات،ولذلك استمر في مشاريعه الرامية الى طرد المزيد من أبناء شعبنا الفلسطيني،والسيطرة على أرضهم،ورفض الإعتراف بأي حق من حقوقهم،فحاول تهويد أرض الجليل وأرض النقب عبر مشاريع المتطرفين "أريه كنج" و" برافر" ،ولكن شعبنا الفلسطيني،دافع عن أرضه وكل مكونات وتجسيدات وجوده،ودفع ثمن ذلك شهداء وتضحيات،وما حدث في الجليل والنقب،حدث ويحدث في القدس،حيث سياسة التطهير العرقي،تمارس بحق سكانها العرب،من اجل تغيير واقع القدس الديمغرافي لصالح المستوطنين، ومن أجل جعل فضاءها يهودياً بدل الفضاء العربي- الإسلامي.
الاحتلال ادرك بان استمرار شعبنا في البناء من شأنه،تغيير الواقع الديمغرافي لصالح الشعب الفلسطيني،وما يعنيه ذلك من خطر على نقاء دولته ويهوديتها،ولذلك لا بد من استهداف الحجر في مجازر كبرى،ولتكن مستوطنة "عمونه" المقامة على أرض فلسطينية خاصة الحجة والذريعة للشروع في هدم عشرات الآلاف المنازل الفلسطينية في الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس،ولتكن "داعش" كحركة إرهابية متطرفة العنوان لوسم النضال الوطني الفلسطيني بالإرهاب و"التدعيش" بحيث تتجند الحكومة وكل أجهزتها ووسائل الإعلام الإسرائيلية،للقول بأن الشهداء الذين ينفذون هجماتهم ضد الاحتلال وجنوده ومستوطنيه،او حتى الذين يجري قتلهم بدم بارد من قبل شرطة الاحتلال كما حصل مع الشهيد يعقوب أبو القيعان بأنهم "دواعش" لتسهيل شن حرب شاملة على شعبنا وممارسة سياسة التطهير العرقي بحقه.
وقد كانت الشرارة لذلك عملية الدهس التي نفذها الشهيد فادي القنبر في يوم الأحد 8/1/2017 ،ضد جنود الاحتلال في جبل المكبر،لكي يخرج بعدها رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو ويقول بان الشهيد القنبر ينتمي ل"داعش" وبأن الإرهاب الذي ضرب في بون وباريس وغيرها،هو نفسه الذي يضرب في القدس،ولتكن حرب شاملة على المكبر،تتعدى العقوبات الجماعية الى منطق الثأر الشخصي،من المكبر خاصة والقدس عامة،حيث جرى هدم عشرات الورش والمحلات والبركسات،ووزعت مئات الإخطارات لهدم المنازل في المكبر والقدس تحت حجج وذرائع البناء غير المرخص.
ولذلك كان القرار الحكومي الصهيوني بإستهداف الوجود الفلسطيني وإعلان الحرب عليه في القدس والداخل الفلسطيني،حيث ارتكبت مجرزة حجر بحق (11) منزلاً في بلدة قلنسوة في الداخل الفلسطيني،بذريعة البناء غير المرخص،ولم يمض وقت طويل،حيث تم استهداف قرية عتير- أم الحيران بالهدم والتدمير،وأثناء اقتحام شرطة الاحتلال وقواته للقرية من اجل تدمير بيوتها،قتلت المدرس يعقوب أبو القيعان بدم بارد،فبعد إطلاق النار عليه واصابته بجراح وفقدانه للسيطرة على مركبته،استمر إطلاق النار عليه،ليتم فتح باب المركبة عليه وتصفيته من نقطة الصفر،وليخرج بعد ذلك رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو،بدلاً من الحديث عن جريمة تصفية الشهيد بدم بارد،للقول بأن الشهيد ينتمي ل"داعش"،وبان هذه الجريمة الثانية التي تنفذها "داعش" ضد الاحتلال وجنوده وشرطته،في تحريض وتجريم للنضال الفلسطيني وتشريع بالقتل،ووسم للنضال الوطني الفلسطيني بالإرهاب.
الرد على الجرائم المرتكبة بحق الحجر الفلسطيني تحت ذرائع البناء غير المرخص، و"تدعيش" نضالات شعبنا الفلسطيني،يجب أن لا تبقى أسيرة العفوية والإرتجالية والتقليدية والتخبط والإنفعال وسوء الإدارة،بل يجب ان تستند الى استراتيجية وطنية شمولية،من أجل حماية حقنا في السكن والمأوى وحماية أرضنا،ومنع تشويه نضالنا المشروع.
فالخطوات التي اتخذتها لجنة المتابعة العربية العليا عقب مجرزة الحجر بحق بيوت قلنسوة وبعد تدمير بيوت قرية أم الحيران في النقب،تصل حد التطابق للقرارات والخطوات التي جرى اتخاذها بعد استشهاد المواطنين سامي الجعار وسامي الزيادنه في 14 و 18/1/2015،حيث أعلنت لجنة المتابعة العليا الإضراب العام والحداد وجرت عدة فعاليات ومسيرات احتجاجية ومظاهرات،واتفق على تشكيل وفد للتوجه الى الهيئات والمحافل الدولية لرفع شكوى باسم الجماهير العربية حول قمع وعدوانية الحكومة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب.
وكذلك توجيه رسائل احتجاج وإدانة وتحميل المسؤولية للحكومة الإسرائيلية وجميع المسؤولين الرسميين ومطالبتهم بمحاكمة ومعاقبة المجرمين والمسؤولين عنهم.
اليوم نحن أمام تطور نوعي في الإستهداف للوجود الفلسطيني على طول مساحة فلسطين التاريخية ،من قبل حكومة يمينية مغرقة في العنصرية والتطرف،ونحن بحاجة الى ردود نوعية تحمي وجودنا وأرضنا وبيوتنا وحقنا في السكن والمأوى،نحن بحاجة الى حماية دولية مؤقتة تحمينا من "تغول" وتوحش" الاحتلال.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
19/1/2017
0524533879
[email protected]