العرب تاريخياً لم يكونوا موحدين

بقلم: راسم عبيدات

لا اعرف مرحلة من مراحل تاريخ هذه الأمة كانت فيها موحدة،أو عبرت عن وحدتها في إطار وسياق عملي،وأثبتت انهم امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة من محيطها لخليجها،أمة كانت موحدة عبر الأفكار والكتب فقط،وحتى في هذه المرحلة وفي هذا الإطار،تغيرت الكتب والأفكار وتسللت المذهبية والطائفية الى أفكارهم وكتبهم،وأصبح حقدهم على بعضهم البعض أكثر من حقدهم على أعدائهم وخلافاتهم أخذت البعد الثأري والإنتقامي على اساس مذهبي وطائفي،والقطر الواحد لم يعد موحداً بنسيجه المجتمعي والوطني.
نحن نتحدث عن امة تشترك في اللغة والدين والتراث والتاريخ والجغرافيا،لم تستطع ان تحقق الحد الأدنى من الوحدة بينها،او تتوافق على المصالح العليا الأمة العربية وفي مقدمتها حماية امنها القومي،بل دوماً كنا منشطرين ومقسمين في ولاءاتنا،ونرهن امننا القومي في الغالب لقوى خارجية،وبالذات مشيخات النفط والكاز العربي،وانظمة حكمنا خارج إطار الديمقراطية والمجتمع المدني،والمواطنة الكاملة،حتى أن تقرير "الاسكوا" الممنوع من النشر مؤخراً أشار الى ان دولاً عربية تجرد مواطنيها من الجنسية كالبحرين والإمارات العربية.

في الوقت الذي نجحت فيه الحركة الصهيونية في غزوتها لفلسطين في طحن وصهر اليهود القادمين من دول وأثنيات وقوميات ولغات مختلفة في دولة واحدة.

الحدود والحواجز المصطنعة جغرافياً التي اوجدها الإستعمار بين الشعوب والبلدان العربية،من خلال اتفاقيات استعمارية،اتفاق سايكس- بيكو،أصبح من الصعب على أبناء الشعوب العربية تخطيها،حيث يستطيع المواطن العربي،ان يجتاز الحدود الى الدول الأوروبية وغيرها دون عوائق أو حواجز تذكر مع الدخول والتنقل بين حدود البلدان العربية.
في أحسن حالات المد القومي،عهد عبد الناصر والقادة الكبار بومدين وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي،لم تنجح تلك القيادات في تحقيق وحدة عربية،حيث قوى الطرد والقطرية والأنا والتحلق حول النظام والسلطة والزعيم المعظم والمبجل،وغياب الفكر والعقيدة القومية وتجذرها في الواقع العربي،والتدخلات الإستعمارية،كلها كانت تدفع نحو عدم تحقيق أي وحدة عربية حقيقية،عنوانها الأول امن ومصلحة الأمة العربية،فوق أي اعتبار،وبقيت المعاهدات والاتفاقيات العربية للتكامل الاقتصادي والاجتماعي والوحدة الجمركية والدفاع المشترك حبراً على ورق.
الإستعمار نجح في احتجاز تطور امتنا وبث الفرقة والفتن المذهبية والطائفية بين شعوبها،والعديد من القيادات العربية،عاملت شعوبها على أساس أنهم عبيد،أذلتهم وأفقرتهم،وصادرت حقوقهم وكممت أفواهم،وتعاملت مع المعارضة بالحديد والنار،بالسجن والنفي والفصل من العمل والملاحقة والمراقبة،وحتى بالتعليق على أعواد المشانق.
اليوم بعد الحرب العالمية الثالثة التي شنت على الأمة العربية،وعلى سوريا وحلفائها من قوى المقاومة،وبعد أن فشلت تلك الحرب العدوانية،وبدعم ومشاركة من العديد من القوى العربية والإقليمية الى جانب القوى الإستعمارية،عبر قوى إرهابية جلبت من كل أصقاع الأرض في هزيمة سوريا والمشروع المقاوم،عبر تفكيكها جغرافيا وتقسيمها مذهبياً،وتقسيم كامل المنطقة العربية على تخوم المذهبية والطائفية،وبعد أن فشلت تلك الحرب في جلب الأمن لدولة الإحتلال،التي بات امنها ووجودها أكثر تهديداً من السابق،نجد ان قادة دولة العدوان والإحتلال الصهيوني،يطلقون التصريحات والتهديدات لشن حرب عدوانية جديدة على حزب الله والمقاومة،متذرعين بان حزب الله من خلال مشاركته في الحرب الى جانب النظام السوري راكم خبرات عسكرية كبيرة،وأصبحت لديه ترسانة عسكرية ضخمة ونوعية،ولا بد من توجيه ضاربة قاصمة له تضعفه الى أقصى حد ممكن.
اسرائيل اختبرت جهوزية وقوة ورد الحزب،في الحرب العدوانية التي خاضتها بالوكالة عن أمريكا في تموز/2006،من أجل خلق شرق أوسط كبير وجديد بشرت به وزيرة خارجية امريكا أنذاك "كونداليزا رايس"،حيث فشلت اسرائيل بذلك وهزمت،واتذكر جيداً ما قاله سماحة السيد حسن نصر الله للعرب أنذاك بأن اسرائيل" دولة اوهن من بيت العنكبوت".
اسرائيل هي ليس أقوى من أمريكا،ونحن لسنا أضعف من فيتنام،ففيتنام بوحدة وصلابة قيادتها الثورية،هزمت أمريكا القوة العظمى شر هزيمة،ونحن العرب اذا ما غادرنا خانة القطرية والأنا والتحلق حول المنصب والزعيم المبجل،وتخلينا عن عقدة "الإرتعاش" السياسي المستديمة عند قياداتنا في التعامل مع أمريكا ودولة الإحتلال الصهيوني،والتي رأينا تجلياتها في تراجع مصر الدولة العربية الكبرى،عن تقديم مشروع عدم شرعية الإستيطان الصهيوني في القدس والضفة الغربية لمجلس الأمن الدولي،تحت تهديدات نتنياهو وترامب قبل توليه الرئاسة الأمريكية،فأنا واثق بأننا سنكون قوة كبيرة،لن يجرؤ أحد على تجاوز مصالحها وحضورها وفعاليتها إقليميا وعالمياً،وتوهم العدو بأن إنشغال حزب الله في الحرب على أكثر من جبهة قد تمكنه من هزيمة الحزب وقوى المقاومة،فهو واهم،فالحزب اليوم في أعلى درجات جهوزيته وقوته،وخصوصاً بأن مشروع العدوان على سوريا والعراق يتراجع ويندحر،وبوحدة أمتنا الحقيقة ننتصر،وبضعفها وتفككها نزداد ذلاً وهواناً وضياعاً للحقوق.

بقلم:- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين

27/1/2017
0524533879
[email protected]