الرياضة السياسية درس في حبّ مصر

بقلم: محمد أبو مهادي

ثارت صفحات التواصل الإجتماعي إبتهاجاً بفوز المنتخب المصري في بطولة أفريقيا، وخرجت جماهير غفيرة من قطاع غزة إلى الشوارع حتّى ساعات متأخرة من الليل لتحتفل بهذا الفوز، جزء اعتبره انتصار، رغم كل المآسي التي تلفّ غزة، آخرها أزمة الكهرباء وما رافقها من حملة إعتقالات طالت نشطاء الحراك الشبابي.

فرحة الفلسطينيين بفوز المنتخب المصري غطّت على حادثة مقتل إسلام المقوسي حرقاً، وهو الحدث الذي أثار موجة غاضبة شملت قطاعات واسعة من ابناء الشعب الفلسطيني في الأيام السابقة، هذه الفرحة لها دلالات عديدة وتحمل رسائل أخرى إلى جانب الرسالة الرياضية وتعلقّ الناس الكبير في متابعة الرياضة حبّاً في المتميز منها، أو هرباً من الواقع المؤلم وحالة الإحباط التي يعيشها نسبة لا بأس بها من الفلسطينيين بفعل القيادة السياسية واخفاقاتها التي لا تنتهي.

أربعة رسائل لخّصتها هذه الفرحة الناتجة عن فوز المنتخب المصري:

الرسالة الأولى:

إستحالة فضّ العلاقة التاريخية بين الشعب الفلسطيني والشقيقة مصر، علاقة الجغرافيا وشراكة النضال والسياسة، هذه العلاقة التي فهمها كل من يعمل بالسياسية، منهم من طوّرها كما فعل الرئيس ياسر عرفات والنائب محمد دحلان وبعض أطراف الحركة الوطنية، ومنهم من أساء إليها كما فعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بل جعلها في توتر مشابه لما حصل مع حركة حماس بعد سقوط حكم الاخوان المسلمين في مصر.

الرسالة الثانية:

أن كل ما يجري من حوارات للمصالحة الفلسطينية في الدوحة وغيرها من عواصم عالمية هي هراء ينبغي التوقف عنه، طالما أنه يجري بعيداً عن القاهرة بل يستخدم ضدّها في ظل ما يفرزه العالم من إستقطابات، جزء من هذه الإستقطابات يهدف إلى ضرب مصر في إقتصادها وأمنها القومي، وتحويلها إلى بلد يتناحر فيه أمراء الحرب وتزهق فيه أرواح الأبرياء كما جرى وما زال في بعض البلدان العربية، ولسنا بحاجة للتذكير بما يعنيه إستقرار جمهورية مصر العربية.

الرسالة الثالثة:

للقيادة المصرية وشعبها العظيم، رسالة محبة من الشعب الفلسطيني، تمحو كل ما شاب المرحلة السابقة من توتر واثارة مقصودة وغير مقصودة، هي دعوة لإستمرار مصر في جهودها لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وتعزيز التعاون الإقتصادي وتسهيل حركة عبور الأفراد والبضائع من خلال معبر رفح والشراكات الإستثمارية المختلفة، لما في ذلك من دور ايجابي يعزيز قدرة الفلسطينيين على الاستمرار في مواجهة الإحتلال وجرائمه المختلفة، أخطرها ما يتعلق بالإستيطان ونهب الأرض.

الرسالة الرابعة:

هناك فرق بين المواقف الرسمية التي تقررها بعض الأطراف الفلسطينية ومنها موقف رئيس السلطة ومسؤول حركة حماس خالد مشعل، وبين موقف الشعب الفلسطيني الذي أطلقت غالبية من عوائله إسم جمال عبد الناصر على أسماء ابنائهم، ويرى في مصر حاضنة قضيته الوطنية منذ نشأتها حتّى الآن، بل هي خط الدفاع الأوّل عن الشعب الفلسطيني في كل الأزمات، لهذا يستقبل الفلسطينيون بتقدير ورحابة صدر كل جهود مصر من أجل المصالحة الشاملة، ويبنى آمالاً عليها، بما فيها مبادرة الرباعية العربية.

مبارة لكرة القدم، كشفت مخزوناً هائلاً من عشق الفلسطينيين لمصر وشعب مصر، مزجت ما بين السياسة والرياضة، الفلسطينيون باركوا لمصر وشعبها، ومهروا كل التهاني بكلمتين يختصران كل الكلام، "بنحبّك يا مصر".

بقلم/ محمد أبو مهادي