المحلفون (juror) والقيادة التاريخية

بقلم: سميح خلف

ثمة ماهومهم وعندما يتجمد عقرب الزمن الوطني او يبدأ بعجلة معاكسة تتعارض مع القوانيين الفيزيائية وبالتاكيد الوطنية بأن تبحث الشعوب عن ما هو امين على مصالحها وتحقيق امانيها واهدافها وعندما تكون الخيارات الاكلاسيكية عقيمة وبدون جدوى بل تأخذ تلك الخيارات مفرزتين ، احداهما تنتج طبقة مستفيدة من العجز والفشل وتمثل اقطاع سياسي يعبر عن مصالحه فقط وفي هيئة شعارات ومنطلقات واهازيج وطنية والاخر يعطي انعكاس مباشر للفرز الاول بظواهر مظلمة وقاتلة لحياة شعب تطيح باحلامه وطموحاته الوطنية والاشد قتامة ان ينشغل المواطنون بازمات حياتية معقدة بتفشي الفقر والبطالة والثقافة والخدمات وهي حالة من الضياع قادها ويقودها ما يسمى التاريخيون في حياة الشعوب ، قد يرافق ذلك عملية تجهيل وتسطيح ثقافي وتعبئة عاطفية تستنزف ما تبقى من يقظة للشعب وقد تكون النخب والطلائع والاعلام والى حد كبير مشاركون في صياغة لوحة الالام والتيه والغثيان الوطني .

هناك نوع من التاريخيين والقيادة التاريخية تنجح في تحقيق اهداف شعوبها وتؤمن بالفصل بين السلطات ومنها من يتمسك بالوائح والقوانيين والدساتير التحررية والوطنية فلا تستطيع القيادة التارخية وعبر ومن خلال اي تحورات وتلفيقات وحيل ان تغير ولان تلك الارتكازات هي خيار الشعب وتمثل القيادة التاريخية بمثابة هيئة محلفين مهمتها حماية متطلبات الشعب والمضي به نحو اهدافة وكذلك تكون جهه رقابية وتنفيذية على اي انحراف مستندة الى الاعراف والقوالنيين الثورية والتحررية وبما فيها العنف الثوري .

تجارب عالمية استخدمت فيها كل ادوات المقاومة الشعبية التي انجبت مؤسسات دفاعية وهجومية حماية لمصالح الشعب وهناك قيادات تاريخية مثل لنين واستالين وماو تسي تونج وشون لاي وهوشي منه وجياب وكاسترو وغاندي وتيتو وبن بيلا وهواري ومارتن لوثر كنج وجمال عبد الناصر وثورات العمق الافريقي وبالرغم من فعلهم الايجابي في حياة شعوبهم فلقد شهدت كثير من تلك الثورات التصحيح ومنع لهم اي نصب تذكاري في الميادين او تداول شخصياتهم في الحياة الرسمية حفاظا على النمو والتقدم والرقي وعدم التعلق بالماضي ، اما في التاريخ الاسلامي والثورة الاسلامية ان جاز التعبير فلنا حضور بكلمة ابو بكر الصديق رضي الله عنه عندما قال بوفاة الرسول " من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبدالله فان الله حي لايموت ""

البناؤون من القيادات التاريخية هم هؤلاء الذين يستعينون بهيئات محلفون سياسية وقانونية للتغلب على الازمات والمشاكل وان كان هناك مفترق طرق يهدد حياة الدول او الشعوب بالاستناد الى القوى الشعبية للدفاع على الاغلبية المعدومة وتكون هي هيئة ادعاء وحكم شعبي وتضع لائحة اتهام ودفاع لكل ازمة في مكانها .

هيئة محلفين سياسية :-
وتشكل من المواطنين اي من القوى الشعبية تجتمع من اجل استصدار قرار او او تقدم مشورة او نصح بشأن حالة او ازمة سياسية او وطنية وتختص بالشؤون السياسية ومشابهة لهيئة المحلفين القانونية وهي تاتي من طبيعة الحكم او السلطة بالتداول الديموقراطي وقد يرتقي عمل هيئة المحلفين المختارة من الشعب ليس بتقديم توصيات او حكم او قرار على مستوى المحليات والسلطات الثلاث بل قد تؤدي دورها على مستوى رؤيا لصلاحية القادة او السلطة وبمقدار ما تؤتمن عليه لتحقيق مصالح الشعب وهناك دول متعددة تعمل بانظمة المحلفين على مستوى المحليات وانظمة الانتخابات والابرز في ذلك كندا .

يأخذنا هذا لطبيعة الازمة الوطنية التي يعيشها الشعب الفلسطيني وحالة الفشل والتراجع والعقم السياسي والوطني الذي اصاب الحالة الفلسطينية على مدار عقود ليجسد موخرا حالة تيه للشعب وازمات امتدت من الفشل السياسي والبرمجي والحياتي بما يهدد الطموح الوطني ووحدة الجغرافيا لبقايا من ارض الوطن وتراجع الاهداف الى منطلقات قد لا تخدم الا الاقطاع السياسي ، والمطلوب دائما دعم وتخليد وتكريس القيادة التاريخية التي لم تعطي رقما موجبا قياسا بالنتائج والظرف مع احترام من مضوا ولم تمسهم شبهات "" وما بدلو تبديلا "" بل قد وصل الحال في مؤتمر فتح الاخير الذي يسمى بالسابع تكريس عملية التوريث ومحاولة انهاء بتغيير النظام وتعديلة بما يتوافق مع اطروحات سياسية فاشلة وقاتله ومحافظة على عملية التوريث .

من الحقائق التي اصبحت تمثل احتيالا على القضية والطموح الوطني والحالة الشعبية هي تلك المؤسسات التي افرزتها حركة الشعب الفلسطيني لتجسد قيادة وطليعة ورقابة وسلطات تعمل على تنفيذ مطالبه وهي مكونه من مؤسستين رقابيتين يفترض ان تكونا ذات عمق شعبي يعبر عن مطالب الشعب وهي تعتبر هيئة محلفين ، الاول المجلس الوطني وما يفرزه من هيئة محلفين سياسية تسمى اللجنة التنفيذية ، والثاني لاكبر فصيل فلسطيني وهو المؤتمر الحركي العام وما يفرزه من مجلس ثوري ينتخب هيئة محلفين سياسية تسمى اللجنة المركزية وهناك لباقي الفصائل هيئات محلفين بمقياس قوة كل فصيل .

طبيعة المشكلة ان تلك الهيئات او المؤسسات وشخوصها اصبحت عله ولم تقم بدورها كاوصياء وحكماء ومنفذين وتشريعيين واصحاب قرار ينحاز لمطالب الشعب ومعالجة ازماته الوطنية والمعيشية ، وهم غير امناء بواقع السلوك والممارسة بل اصبح فصل طبقي بنموذج جديد تعبر عن حالة استبداد وقهر للشعب وانحسار ومراقبة وقرارات معاكسة لطموحاته.

وامام هذا العقم التاريخي والمستمر اصبح من المهزلة استمرار هذا الواقع ومن الضروري الخروج من عنق الزجاجة والاختناق لحالة مد شعبي تتجاوز المحن والمسببات والظواهر التي افرزتها القيادة التاريخية ، بحاجه الى هيئات محلفين صغرى في القرى والمدن لتشكل هيئة محلفين كبرى تقيم التجربة وتضع النقاط على الحروف وتضع لوائح اتهام ومعالجات لتقاضي وتحاسب وتبدع في نفس الوقت وان يصبح فعليا ان "" الشعب هو مصدر السلطات "

سميح خلف