قريبا .. يتلاشى حل الدولتين ..!

بقلم: هاني العقاد

يبدوا ان امواج التطرف اليميني الإسرائيلي هذه الايام بدأت تأخذ المشهد السياسي بعيدا عن اي حلول سلمية يمكن ان تفضي الى تطبيق شامل لحل الدولتين وبالتالي اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية , هذه الامواج ترتفع شيئا فشيئا وخاصة بعد ان لاقت رياح امريكية مناسبة بعد تولي دونالد ترامب ادارة البيت الابيض وانحيازه للمشروع الاستيطاني و صمت دولي مطبق ,المشهد الحالي يعني ان عملية السلام يمكن ان تسحقها تسونامي التطرف كضربة قاضية لن يكون في الامكان اعادتها للحياة . مشهد تصاعد الاستيطان الاسرائيلي في اراضي الدولة الفلسطينية احذ منحنى تدميري مقصود لكل فرص السلام بعد ان تم تنصيب ترامب على سده البيت الابيض بل ان هذا التصعيد وصل الى اراضي العام 1948 في خطوة تكشف عن مضي اسرائيل في تنفيذ مخطط الدولة اليهودية دون اكتراث لقرارات الشرعية الدولية واحترام شرائع حقوق الانسان.
اليوم تدرك اسرائيل ان هذه فرصتها لتحقق ما لم تحققه خلال العقود السالفة , ليس لتقضي على حل الدولتين فقط بل لتنفذ سيناريو بشع يبقي الفلسطينيين شعب بلا ارض ,وتضعهم امام الخيار الوحيد وهو القبول بما تفرضه الدولة العنصرية على الارض من حلول لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وتنكر وجودهم على هذه الارض بل وتحاول بمخططاتها ان تتجاهل هويتهم الفلسطينية وانتمائهم التاريخي لهذه الارض . مع ادراك اسرائيل لكل هذا فأنها لا تدخر اي جهود او سياسات لتفعل ذلك وتريد في المقابل ان تساعدها واشنطن بتطبيق هذه السياسات وتجعل اسرائيل بذلك دولة ذات قومية واحدة وهي القومية اليهودية , اسرائيل اليوم تتبع سيناريو متدحرج على مراحل ينتقل من مرحلة الى اخري للوصول الى اكتمال المشروع اليهودي على الارض وسرقة كل بقعة ارض فلسطينية في القدس العربية وبين منطقتي رام الله و نابلس و بين القدس والخليل والقدس وبيت لحكم بالإضافة الى غور الاردن والنقب بالكامل فلا تريد اسرائيل ان يبقي للفلسطينيين شبرا واحدا في تلك المناطق والتي تنوي ضمها لإسرائيل على انها محيط للمستوطنات اليهودية ومعظم هذه المناطق تقع في المناطق المصنفة (ج )والتي تفرض إسرائيل عليها السيطرة الامنية والادارية حسب اوسلو.
لو كانت اسرائيل تفعل ذلك وتعرف ان كل ممارساتها العنصرية التهويدية ستكون وبالا عليها و في ذات الوقت تعيد الصراع الى حالة اعقد من مرحلة المربع الاول الذي واكب فترة انطلاق الثورة الفلسطينية منتصف الستينيات لكانت اسرائيل تراجعت وحسبت الف حساب , الاكثر من هذا ان اسرائيل اصبحت اليوم في حالة لا ترغب في بقاء السلطة الفلسطينية الا اذا وفرت الامن لإسرائيل والمستوطنين المنتشرين داخل الارض الفلسطينية وتبقي ذراعا اداريا للشعب وليس لها اي سيطرة على الارض حتى في تلك المناطق المصنفة (أ) والتي تبلغ مساحتها 18% من مساحة الضفة الغربية . ان ما يجعل اسرائيل تتمادي في مخططاتها انها تعتقد ان الفلسطينيين ليس لديهم بديل عن الحلول السلمية ولن تسقط سلطتهم او يتم حلها مهما وصلت درجة الاستخفاف بها او مهما دفعتها اسرائيل لتبقي سلطة بلا سلطة ومجرد اسم على ورق وهياكل سلطوية ادارية على المستوي الخدماتي في المناطق( ا) و (ب ) فقط , اما باقي المناطق فان اسرائيل ورائها بالمرصاد وتنفذ فيها مخططات القضم والضم الصامت ليتفاجأ العالم بعد فترة وجيزة انها اصبحت تحت السيادة الاسرائيلية ,وهذا يعني ان حل الدولتين بدا بالتلاشي , واليوم اصبحت اسرائيل تبحث عن المزيد من الاجراءات التي من شانها ان تحد من سيطرة السلطة الفلسطينية السياسية على الكثير من المناطق وسحب اي عناصر سيادية يمكن ان تبقي في يدها , ليس هذا فحسب بل ان اسرائيل تعيق سفر وتنقل الفلسطينيين في كل مكان بالضفة الغربية فكلما اراد الفلسطينيين الوصول الى محافظة اخري يصطدموا بعشرات الحواجز العسكرية الاحتلالية الاسرائيلية التي تخضعهم للتفتيش والاعاقة وفي كثير من الاحيان الاعدام لمن يحلوا لها او لا يعجبها بحجة انه قادم لتنفيذ علمية طعن.
اخشي ان سيناريو مخيف بات على وشك الاكتمال فيما يتعلق بالقضاء على حل الدولتين وهنا نقول انه بات امام الفلسطينيين مصير واحد اذا ما استمر تنفيذ مخطط نتنياهو وهو سحب الاعتراف بإسرائيل وحل السلطة ونقل ادارة الشؤن السياسية للشعب الفلسطيني الى منظمة التحرير على ان تقيم كافة هياكلها من جيد في الخارج ,هنا تعود واشنطن لوعيها ويتحمل الاحتلال احتلاله يدفع ضريبة استمرار السياسات الاحتلالية الاستيطانية واخضاع الفلسطينيين الى الحلول الاجبارية التي تقفز عن حقوقهم التاريخية وتصادر هويتهم وتحول بينهم وبين دولتهم وقدسهم وحل كل القضايا الكبيرة التي تسبب فيها الاحتلال واولها حق العوة حسب القرارات الرعية و القانون الدولي .


د.هاني العقاد
[email protected]