اكتب هذه السطور في الوقت الذي يدور فيه الجدل حول منع نشر رواية جريمة في رام الله للروائي الفلسطيني عباد يحيى ، هذه الرواية التي بحت كثيرا من خلال محركات البحث لعلى أجد نسخة منها لقراءتها فلم أتمكن ربما خبرتي في البحث الالكتروني لا تكفي ، قرأت مقتطفات مما استطعت الوصول إليه فلم أجد إلا عبارات ومقتطفات نصوص عادية لا تثير أي استغراب أو اعتراض خارج سياقها الأدبي ، ولكن هناك الكثير ممن تمكنوا من الاطلاع على الرواية الذين اجمعوا على أن ما جاء فيها بالفعل هو خادش للحياء ولا ينبغا معها النشر ، في الوقت الذي استنكر فيه البعض الآخر قرار المنع مطالبين بالسماح بنشرها ، على العموم أترك هذا الجدل لكي أتوجه إلى موضوع هام وخطير نلمسه بوضوح في مجتمعنا ، وعلى الرغم من إنني كتبت أكثر من منشور حول هذا الموضوع على صفحات التواصل ، إلا أنني أجدني أعود للكتابة في مرة أخرى ألا وهو الاستخدام الشائع لكثير من المفردات الغير لائقة بقائلها ، وغير لائقة لا زمانيا ولا مكانيا ، كلمات ومفردات اقل ما يقال عنها أنها بذيئة ، فكيف نسمح بها ونحن الشعب الذي يعاني من الحصار وتداعياته ، الشعب الذي قدم أروع آيات الصمود والصبر المصحوبة بالتضحيات الجسام بشريا وماديا ، نعيش ونقاوم اشد محن هذا الزمان .
بداية نود القول أن الثقافة حسب فهمنا لها هي كل ما اكتسبه الفرد من معرفة علمية كانت أم حياتية ، بحيث تلقي بظلالها على سلوك الفرد ، مآكله ، مشربه، ملبسه، ما يقبل ، وما يرفض ، طريقة حديثة ، هواياته قراءاته ، الخ ، وبحجم ما اكتسب من خبرات ومعرفة يقدر خحم ثقافته وتنوعها ، إما الأدب في جزء من الثقافة ، بالإضافة إلى كونه تخصص علمي وأدبي يمكن لصاحبه أن يمضي حياته معه ، فالأدب هو تصوير قلمي لكثير من جوانب الحياة باستخدام مفردات اللغة بمعانيها ومدلولاتها ، هو خوض في بحار اللغة خاصة في لغة كلفتنا العربية الغنية والقوية كيف لا وقد اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون لغة القرآن الكريم / فيها من البلاغة وما تتضمنه من الوصف والتشبيه إلى الكناية والاستعارة ، ومفردات تجدها في دهاليز اللغة وثناياها ، المهم هنا التزام المعايير الأخلاقية عند اختيار الكلمات ، والابتعاد عن البذاءة والكلمات الخادشة والجارحة التي تتنافى مع طبيعة البشر وحياتهم وعلاقاتهم المختلفة والمتنوعة . صحيح هنا لغة الورقة والكتاب ولغة الإعلام المرئي والمسموع ، وهناك لغة الشارع التي يتم تداولها أفراد المجتمع كل حسب مرحلته العمرية وحالته الثقافية ومستواه التعليمي ووضعه الاجتماعي .
لقد أصبح من المألوف سماع شخص ما في مرحلة الشباب يوجه تحية لصديقة بصفة غير مقبولة إذا سمعها هذا الصديق من غيره تقوم الدنيا ولا تقعد ، كثيرا ما تسمه أطفالا يتلفظون بألفاظ غير معقولة تطال صفات الأب وألام وأخت والأخ والعائلة ، كثيرا ما تسمع عبارات لا تتماشى وديننا ، إذن اين القيم ، أين الأخلاق ، أين التربية في زمن الفضائيات والانترنت وأدوات الاتصال المختلفة ،
هذه الممارسات تجدها منتشرة حتى على صفحات التواصل ، خلال تعليقات البعض على احد المنشورات التي لا تتوافق مع وجهة نظرة ، فيتعرض الكاتب للسب والشتم ، ويتعرض المحاور أيضا لنفس الشيء ، تجد كلمات ومفردات سيئة جدا فلماذا النشر بهذه الألفاظ ؟ ، ألا تعلموا أن ما ينشر خاصة على شبكات الانترنت ومواقع التواصل يمكن قراءته في كل أنحاء العالم ، ألا يطرأ في أذهانكم أن هذا يظهر صورة سيئة عن ثقافتنا وأخلاقنا للغير ونحن الذين نقاوم قوى الأرض حتى نحفر لنا مكانا تحت الشمس ، نسعى لان نكون شعبا متقدما يعيش في دولة مستقلة كباقي الشعوب . الم تقرأوا قول الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن ذهبت أخلاقهم هم ذهبوا
نعود إلى رواية جريمة في رام الله ، وما تضمنته من كلمات ومفردات خادشة للحياء ، هنا الكاتب ، الصحفي ، الروائي ، الأديب ، والمثقفين بشكل عام ، هؤلاء هم الصورة المشرقة لأي شعب ، هؤلاء هم القدوة لجيلهم والأجيال التالية ، فهل ضاقت اللغة العربية لنستخدم كلمات غير ملائمة ، أو حتى كلمات سوقية ، والكاتب أو الأديب يسعي بل من واجبه نشر الفضيلة والقيم النبيلة بين أفراد مجتمعه ، نعم انأ مع منع نشر هذه الرواية ، وغيرها ، كما أتمنى على مستخدمي أدوات التواصل الاجتماعي عدم الحوار أو النقاش مع أي شخص يخرج هن حدود الأدب والأخلاق عند إبداء رائيه في موضوع ما ، يحب أن ننبه أبناءنا بعدم استخدام عبارات ومفردات بذيئة في الشارع أو البيت ، وللمدارس والمساجد دورها الكبير هنا ، ولا ننسى الأسرة بالطبع . رسالتي ارجوا أن أكون قد وفقت في إيصالها والله من وراء القصد .
أكرم أبو عمرو
غزة- فلسطين
9/2/2017