- بقلم: د.محمود خلوف
- صحفي وأكاديمي مختص بالإعلام الإليكتروني
في زيارات عدة لمسؤولين، وأكاديميين وممثلي مؤسسات شعبية ورسمية وأهلية للجامعة العربية الأمريكية في جنين أثيرت أسئلة عدة منها: لماذا لديكم قسم اللغة العربية والإعلام وليس قسمان، أحدهما إعلام، وآخر خاص باللغة العربية؟ ولماذا تمزجون بين اللغة والإعلام؟ وهل يتخرج الطلبة على قدر عال من الكفاءة؟ وما هي فرص العمل المتوفرة لخريجي هذا القسم؟.
وكان لزيارة وكيل وزارة الإعلام د.محمود خليفة صاحب التجربة الإعلامية والدبلوماسية العريقة، ومؤلف كتاب "الإعلام الفلسطيني، النشأة والتطور" الذي يعد من أمهات الكتب، في بداية الشهر الجاري لهذه الجامعة رونق خاص، وأهمية خاصة؛ نظرا للشهادة المهمة التي أدلى بها حول هذا القسم ورسالته وأهميته في سوق العمل.
وبالعودة إلى الأسئلة المشروعة حول مبررات المزج بين اللغة العربية والإعلام، فقد جاءت الفكرة استجابة لحاجة المؤسسات الصحافية لمدققي لغة وقائمين باتصال ممن يفهمون الإعلام ووظائفه بعمق، وممن يعرفون الجمهور المستهدف بدقة، وطبيعة الاختلافات بين وسائل الإعلام.
إن طبيعة المناهج التي يتم تدريسها في القسم ابتداء بمساقات النحو والأدب، والصرف، ومرورًا بمساقات استخدامات الحاسوب في الصحافة، والإعلام الإليكتروني، والإعلام الدبلوماسي، والتصوير، والإخراج والمونتاج التلفزيوني، والتطبيقات الإعلامية، والدعاية والإعلان، والصحافة الاستقصائية، والإعلام السياحي، والصحافة المتخصصة، وانتهاء بالصياغة والتعبير، وعلم الأصوات، والخطابة وفن الإلقاء، تتناسب والحاجة الفعلية لسوق العمل سواء في الضفة الغربية أو داخل أراضي 1948.
نحن لا نتحدث عن مساقات يتم تدريسها بأسلوب تقليدي، بل عن تجربة تعتمد على أساليب متقدمة ابتداء من التدريب العملي في مركز متقدم جدا للأصوات، أو من خلال ممارسة العمل الصحفي على أصوله في مختبر مجهز يتلقى الطالب خلال التدريب في المساقات التطبيقية على لوحة تحميل إليكترونية ينفذ الدارس بوساطتها مهام العمل الصحفي المختلفة ابتداء من المراسل الميداني، ومرورا بالتدقيق اللغوي، وانتهاء بتحرير النص أو تحرير الصورة، ومن ثم النشر على موقع التدريب الخاص بذلكLocal Website).
إن هذه التجربةَ تعد تجربة نوعية، ليس بسبب طريقة التدريس فقط التي تقوم على أساس تدريس 6 ساعات عملي وساعة نظري أسبوعيا للمساق التطبيقي، بل نظرًا لأن مدرسي الإعلام لديهم تواصل دائم مع الواقع المهني والإعلامي، فهم يجمعون في آن واحد الجانبين: الأكاديمي والمهني، كما أن مدرسي اللغة من كبار الباحثين في مجالات تخصصاتهم.
في السابق لم تكن رسالة القسم مفهومة ومستوعبة لدى العديد من مسؤولي المؤسسات الإعلامية أو التربوية، ولكن بعد جهد أتيحت الفرصة لخريجيه للمنافسة على تبوء الوظائف التربوية (التعيين في سلك التربية والتعليم)، وفي المؤسسات الإعلامية، وقد حقق خريجو اللغة العربية والإعلام نتائج فاقت التنبؤات؛ نظرا لوجود عدد من الخريجين في قنوات فضائية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر في: "الجزيرة"، و"روسيا اليوم"، وفي مؤسسات وطنية عريقة مثل وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، ووكالة "وطن"، والإذاعة الفلسطينية، وجريدة الحياة الجديدة،... وغيرها.
ومن خلال التواصل مع الطلبة ممن تخرجوا من هذا القسم من أبناء الأراضي المحتلة عام 1948، زادت القناعة لدى رئيس القسم الحالي ولدى المدرسين بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، فقد نافس الخريجون بقوة المتقدمين لإشغال وظيفة معلم في مجالي اللغة العربية أو حتى الاتصال والإعلام، كما كانت لهم فرص مريحة في العمل داخل المؤسسات الصحفية في الداخل الفلسطيني المحتل.
إن المخرجات مشجعة فعلا بالنظر إلى جوانب أخرى، فهذا القسم خرّج بعض الكُتاب والروائيين والشعراء ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر الشاعر صلاح الدين ولد علي، والشاعر مجد بعجاوي، والروائية خنساء كميل مؤلفة كتاب "الله يحبك".
ومن الواضح أن رجع الصدى المريح، والإقبال المتزايد أقنع راسمي السياسات في الجامعة العربية الأمريكية لتبني بعض المشاريع الواعدة من بينها إقامة إذاعة تعليمية متطورة، والشروع في تجهيز استوديو تلفزيون بمواصفات عصرية متقدمة، ما يُبشر بأن مشوار تراكم الإنجازات متواصل، وبشكل يعزز الآمال والطموحات الكبيرة لشعب بحاجة ماسة إلى خبراء إعلام على قدر عال من الجرأة والحرفية والمسؤولية لنقل همومه الناجمة عن الاحتلال وجرائمه وسياساته القهرية.
بقلم: د.محمود خلوف
صحفي وأكاديمي مختص بالإعلام الإليكتروني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت