قبل العام 1967م كانت القضية الفلسطينية بالنسبة العرب مجرد "أداة" شعار يتم تداوله لغرض مفهوم "الوحدة العربية"، ولم يخرج الأمر عن مجرد الانشائيات اللفظية، وبعد هزيمة حزيران 67م ، حدثت الهزة في كل أركان الشعوب وارتبكت حسابات الحكومات، ومن هنا ظهرت اهمية انطلاقة المارد الفلسطيني بثورته الفلسطينية 1965م، ليظهر الفاعل الفلسطيني الذي عالج الوضع الفلسطيني في الشتات، ولتظهر قوة الداخل، ليعود الفاعل الفلسطيني، كفاعل مستقل يسعي لوجود فلسطين فوق الخارطة، بعيدا عن الأجندة الإنشائية، وليولد القرار الفلسطيني المستقل.
وبعد هذه المرحلة، وخاصة بعد معركة الكرامة، ظهرت الحاجة الى الدبلوماسية الفلسطينية ومخاطبة العالم بصورة سياسية مختلفة، وكان لابد من حمل الرسالة واضحة، فعاد الدعم العربي الدبلوماسي مساندا للقرار الفلسطيني، ولكنه كان في غالبه دعما يعتمد على القوة الفلسطينية أي تحول شعارهم "قضية فلسطين" الى "قضية الفلسطينيين"، في نفس الوقت الذي كانت مبادئ الثورة الفلسطينية تعزز مفهوم "البعد العربي في الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي".
في ظل عنجهية الاحتلال والسياسة الأمريكية الغير واضحة والغير معلنة والمتمثلة في رؤية الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، والذي يرهق دول العالم عامة والشرق الأوسط خاصة، نجد أن (إسرائيل) تشرعن استيطانها وتجعل له قانون تستند إليه، مما جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينتقد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأوّل مرة، منذ توليه مهام الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي قائلاً " أن المساحة المتاحة محدودة وكل مرة تأخذ الأرض للمستوطنات فإن المساحة تقل ، أنا لا أعتقد أن المضي قدمًا في هذا يساعد على السلام ولكننا نبحث في كل الخيارات”.
واليوم نجد أنه لم تعد دول عربية كبرى يمكن أن تدعم قضيتنا وقرارات قياداتنا، فكثير منها تغرق في مشاكلها الأمنية، أو التهديدات الخارجية المحيطة بها، بالتالي مطلوب من الفاعل الفلسطيني أن يحافظ على قراره المستقل بكل قوة، وأن يقف في وجه الاحتلال مهما كلف الثمن وألا يجعل قانون شرعنة الاستيطان يمر مرور الكرام، وبهذا يتحول الاسناد الجماهيري العامل الرئيس والفاعل والجوهري بجانب الموقف القيادي المتقدم، وناهيك عن كل ذلك أهمية نقل المعركة الى أروقة المحاكم الدولية بإعتبار الاستيطان جريمة ضد الإنسانية، تعاقب علبها (اسرائيل) وقد تصل الى جريمة من جرائم الحرب كما نصت عليها اتفاقية جنيف .
وبذلك كله تتضح المعادلة الجديدة، والتي تعي القيادة الفلسطينية أبعادها وتعمل بكل قوة على معالجتها ونقلها الى الملاعب المختلفة سواء العربية او الاقليمية او الدولية والتسلح بكل المرجعيات الدولية، للحفاظ على الحقوق الفلسطينية وتفعيل القرارات ذات الصلة، ويعتبر القرار 2334 جزء أساسي من هذه المعادلة، بما يعني وقف الاستيطان ونزع شرعيته، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
بقلم/ د.مازن صافي