هناك فجوة كبيرة ما بين الجاليات الفلسطينية في الخارج وسفاراتنا الموجودة بالدول التي يقيمون بها..
- حبذا لو أن الامر ينطوي على فجوة فقط، هناك حالة من الاستياء الشديد عموما تصل احيانا حد القطيعة. بين اعضاء السلك الدبلوماسي
الكثير من السفارات الفلسطينية لا تعرف إحصائيات الفلسطينيين الموجودين في مناطق التمثيل رغم تفوق السلطة الفلسطينية على دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث يوجد 95 سفارة و102 بعثه دبلوماسية.
الا ان المئات من الفلسطينيين يشكون مر الشكوى من إهمال سفاراتنا وبعثاتنا بالخارج لقضاياهم، وتتجدد شكواهم من الخليج إلى المحيط في العالم العربي وأوروبا وبقية العالم واهم هذه المشاكل تعامل السفارات والبعثات تجاه رعاياها حسب انتمائه التنظيمي وهذا يجعل البعثات في حالة غياب تام عندما تحدث مشاكل للفلسطيني بالخارج. وهذه أكبر إشكالية تواجه البعثات
السلطة تتوسع في فتح السفارات وإسرائيل تتوسع في بناء المستوطنات، وتستعد لنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس المحتلين، وتنجح في فرض إرهاب “اللاسامية” على مختلف أجهزة الاعلام الدولية، وتسيطر على معظم دور النشر في العالم، ويطارد دبلوماسيوها الأكاديميين والنشطاء العرب والأجانب دون كلل او ملل، ويؤسسون ا “الهاسبارا” كقوة ضاربة.
لا نمانع بوجود هذا العدد الهائل من السفارات التي ترفع علم فلسطين في العواصم العالمية، فالقضية الفلسطينية التي تعيش أسوأ احوالها هذه الأيام، حيث لا مفاوضات، والقليل القليل من المقاومة ذات الطابع الفردي، الامر الذي يتطلب حركة دبلوماسية دؤوبة، ولكن الواقع مغاير لذلك للأسف، والعدد في الليمون”، مثلما يقول المثل الفلاحي الفلسطيني.
معظم السفارات الفلسطينية في العالم تحولت الى "عزب خاصة " لأسر وعائلات المسؤولين في السلطة، ومصدر اعاشه واقامه لهم كلا حسب موقع وقوة ولى امره في السلطة او في التنظيم.
ومن المستحيل ان تجد فيها اى دبلوماسي من خارج السرب لهم او حتى من أبناء الاسرى والشهداء اللذين ضحوا بحياتهم من اجل تحرير الوطن من الكيان الغاصب ومعظم من التحق بالبعثات الدبلوماسية من تخرج من الجامعات بفضل المنح الدراسية التي سرقت أيضا من أصحابها الأصليين من أبناء شعبنا المسحوق ومنهم من تعلم على حساب منظمة التحرير الفلسطينية وهذا ليس معمول به للكل الفلسطيني فقط لأبناء المسئولين بالسلطة والتنظيم للأسف.
وبشأن الجاليات وتكوينها بالخارج فقد شابتها مشاكل كبيرة وهنالك اتهام للسفارات والبعثات في مناطق التمثيل بأنها غير محايدة بل متهمة بالعمل على تكوين جاليات تتبع لهم فقط، ويساعدها في ذلك قرارات الدول التي تمنع أي تجمع للجاليات الأجنبية إلا تحت سفارات وهذا جعل الجاليات منقسمة، ونشأت تكوينات موازية للجاليات.
لابد من تدخل السفارات والإشراف على التكوين لأن اغلب الدول تمنع تكوين الجاليات إلا تحت سفاراتها، والسفارات لابد ان تكون جهة محايدة بكل معنى الكلمة وما عندها علاقة بالانتماء السياسي وهم أشخاص ترسلهم الدولة لخدمة أبناء الوطن بالخارج وهي جهة حيادية تنسق بين الجاليات والمؤسسات الرسمية، وبعض الناس خياراتهم تختلف ويرفضوا أن يكون التكوين بإشراف السفارات وليس لنا سلطة في التحكم في امزجة الناس وهم يروا أن يتم التكوين تحت واجهات أخرى ويمارسون تجمعات ونشاطات اجتماعية وثقافية وسياسية والسفارات غير معنية بتكويناتهم ونشاطهم ومعنية فقط بالجسم الذي تم تكوينه تحت إشرافها ويمثل غالبية الجالية في منطقة التمثيل والسفارات حلقة الوصل بينهم وبين الوطن والسلطات في منطقة التمثيل ولهذا لازم نكون متابعين ومراقبين للتكوين حتى يتم بشكل سليم.
. للأسف الكثير من السفارات الفلسطينية غير مؤهلة، بحكم واقعها من حيث الكفاءة السياسية والامنية والادارية وضعف مواكبتها لتطورات القضية الفلسطينية وما يتصل بها من واجبات ومهام، ونحن امام ركام من تجربة سابقة، ومضى على العديد من موظفي هذه السفارات عشرين عاما وأكثر دون اي تغيير، وبالتالي موظفو هذه السفارات هم بحاجة لإعادة تأهيل وعملية تجديد كاملة تكون جزءا من عملية تغيير حقيقي وبناء للمسار السياسي الفلسطيني على أنقاض تجربة ومسيرة ومأساة وكارثة أوسلو.
ملحقون اعلاميون لا يفقهون بالأعلام، ولم يكتبوا سطرا في حياتهم، وملحقون سياسيون لا علاقة لهم في السياسة، وملحقون امنيون يتجسسون على الجاليات الفلسطينية، او النشطاء من المستقلين، او حتى عناصر تنتمي الى الاجنحة الأخرى فيها، خاصة التي تنتقد “الرئيس″ وسياساته ومواقفه.
والادهى من ذلك معروف دبلوماسيا في كافة انحاء العالم ان مدة اى سفير لا تزيد عن أربع سنوات الا في “العزب” الفلسطينية، فالسفير “مخلد” يبقى في سفارته وهي ملك الوالد ثلاثة اضعاف هذه المدة او أكثر، وكذلك حال “الدبلوماسيين” العاملين معه، ولماذا الاستغراب ووزير الخارجية لم يتغير من سنوات رغم جاءت حكومات جديده متعددة.
من النادر ان تجد حالة من التعاون والانسجام بين السفير وطاقمه الدبلوماسي، فالصراعات على أشدها، والطعن في الظهر من الممارسات اليومية، وأحيانا لا يطرح بعضهم السلام على سفيره او زملاء له.
ندرك جيدا ان هناك استثناءات، وان بعض السفراء والدبلوماسيين في ذروة النشاط والتفاني في خدمة قضيتهم، أمثال البعثة الدبلوماسية بسفارتنا بكندا فلهم كل الاحترام والتقدير لجهودهم الجبارة في خدمة الكل الفلسطيني.. ولكن هذا العدد قليل جدا، ويعتبر شذوذا عن القاعدة الدبلوماسية الفلسطينية.
وماحصل في قضية مقتل الأسير المبعد الشهيد عمر النايف وصمة عار للدبلوماسية الفلسطينية بالخارج.
الاداء الدبلوماسي عموما اتسم بضعف المسؤولية والافتقار للشجاعة والمواجهة مع الاحتلال التي تحلى بها الشهيد وكل المناضلين داخل السجون وخارجها، وكان وزير الخارجية ان يحذو على الاقل حذو ما حصل مع جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس عندما لجأ لسفارة الاكوادور وليست سفارة بلاده وفي عاصمة شهيرة اسمها لندن واعلنت الاكوادور عن وجوده في السفارة، ودفاعا عن حقوقه كإنسان لم تقم بتسليمه لا للسلطات البريطانية او للسويدية، وبالمناسبة أسانج متهم بقضية اغتصاب ولا اعلم اذا ما كانت تلك الاتهامات حقيقة ام زورا، وهذه قضية اخلاقية، أما المناضل عمر فمتهم بكل شرف وكبرياء بمقاومة الاحتلال، واستطاع عمر ان يخوض معاركه ببسالة وينجو من كل مكائد الاحتلال سواء خلال اعتقاله أو مطاردته إلى أن قتل للأسف غدرا وخسة في داخل سفارة فلسطين ببلغاريا.
رحم الله الشهيد عمر النايف الذي اغتالته خلية لجهاز الموساد في قلب السفارة الفلسطينية في بلغاريا التي لجأ لها بعد هروبه من الجلادين الإسرائيليين معتقدا ان هذه سفارة، ويمكن ان تحقق الحماية له، وكان مخطئا في الحالتين.
هذه لمحة معتصرة للخريطة الحقيقية للسفارات الفلسطينية بالخارج.
بقلم / سليم على شراب