ساعات قليلة تفصلنا عن لقاء القمة بين الرئيس الامريكي ترامب ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو... والتي تأتي في اطار اللقاءات السنوية والاولي للرئيس الامريكي وخاصة لدول الشرق الاوسط ما بعد لقاءه جلالة الملك عبد الله ملك الأردن .
يأتي اللقاء الامريكي الاسرائيلي لبحث قضايا النزاع والصراع الممتد داخل المنطقة وخاصة قضية فلسطين ....كما يأتي اللقاء لبحث قضايا اقليمية ودولية ومن بينها الملف الايراني والأزمة السورية وما يمكن أن يطرأ على لقاء القمة من ملفات ثنائية في اطار علاقات استراتيجية ممتدة منذ عقود .
تأتي القمة الامريكية الاسرائيلية في ظل غياب الرؤية الواضحة والالتزام الثابت والارادة السياسية ....بمعني أن الادارة الامريكية لم يخرج عنها رؤية واضحة حول كيفية حل النزاع ....كما لم يأتي على لسان رئيس حكومة الاحتلال ما يؤشر الى تحقيق رؤية شاملة يمكن أن تقرب المسافات ...وأن تؤدي الي انهاء النزاع وتحقيق الانسحاب ....واقامة دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 دولة خالية من الاستيطان والمستوطنين .
نتنياهو المكبل بمواقف الائتلاف الحكومي اليميني والذي لا يتيح له فرصة التحلل من القيود في اشارة واضحة الي أن اليمين المتطرف قد وضع خطوط حمراء لنتنياهو بعدم تجاوزها أو القفز عنها أو حتي محاولة الاقتراب منها والا سوف يهدد ائتلافه الحكومي في ظل حالة الضعف التي يعيشها نتنياهو نتيجة ملفات الفساد ....وما يمكن أن يقدم ضده من لائحة اتهام ستجعل من وجوده داخل الحكومة أمرا صعبا ....كما أن ترامب لا يمتلك الرؤية الواضحة في ظل ما تم اعلانه حول عدم الاعتماد على مفهوم حل الدولتين ....وهو بذلك يضفي على القمة أجواء سياسية تبعد المسافات وتزيد من الهوة ...وتحدث افاق توتر جديد ومواجهات سياسية وتهديد حقيقي لمجمل التسوية السياسية والجهود الدولية بهذا الصدد ...وما سوف يحدثه من مواقف لدول المنطقة العربية التي اعتمدت مفهوم حل الدولتين من خلال مبادرة السلام العربية..... وقرارات القمم العربية واعتبار الدولة الفلسطينية أحد أهم ركائز الامن والاستقرار داخل المنطقة ....وبالتالي فان ادارة ترامب وتخليه عن مفهوم حل الدولتين وما يمكن أن تأخذه من قرار نقل السفارة الامريكية للقدس ....ستفتح الطريق واسعا لاجتهادات سياسية قد تأخذ المنطقة الي حالة من التوتر وعدم الاستقرار ....كما أن مجرد الاشارة حول مفهوم الدولة في غزة وسيناء بحسب التسريبات السياسية والاعلامية يفهم منها اضعاف الموقف الفلسطيني والمصري ...كما اضعاف الموقف الدولي الداعم لمفهوم حل الدولتين .....وقد جاء الرد سريعا ومباشرا وحاسما لمثل هذه المشاريع التصفوية المشبوهة من قبل المسئولين الفلسطينيين والمصريين.
ادارة ترامب والتي عصف بها ردود الافعال الداخلية والخارجية والتي تعترض على سياسية الرئيس الامريكي وما يخرج عنه من تصريحات وقرارات وما حدث من استقالة مستشار الامن القومي في حادثة من الوزن الثقيل لإدارة جديدة لا زالت تخطو خطواتها الاولي .....انما يؤكد على ان هذه الادارة لا زالت لم تبلور مكوناتها ولم تقف على ارضية صلبة..... حتي أنها لن تصل الي حد بلورة الرؤية الشاملة للعديد من الملفات والقضايا.... ومن بينها النزاع والصراع داخل المنطقة العربية ...وهذا ما يتم تأكيده من خلال زيارة رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج لواشنطن واجتماعاته مع كبار المسئولين ....كما لقاء رئيس السي أي ي مع الرئيس محمود عباس .....والتي تأتي في اطار اللقاءات السياسية التي ستبلور الخطوات القادمة .
نتنياهو يلتقي الرئيس الامريكي ترامب وهو في أضعف حالاته ومتهم بقضايا فساد ورشاوي وعلى وشك توجيه لائحة اتهام له من قبل المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية ....وهذا ما يمكن ان يضعف ويبهت اللقاء .....ولا يعطيه صفة الجدية والالتزام والثبات ....علما أن ادارة ترامب أرادت قراءة ما جاء في التحقيقات مع نتنياهو قبل اللقاء المنتظر مساء اليوم .
حالة نتنياهو الاضعف منذ توليه رئاسة الائتلاف الحكومي.... وما يحاصره من مواقف وزرائه والاحزاب التي تشكل هذه الحكومة العنصرية اليمينية المتطرفة وما تستند اليه من مواقف سياسية ضد مفهوم حل الدولتين.... وتشجيع الاستيطان وتوسيعه وعدم الانخراط بعملية سياسية ....وكأن نتنياهو قد أراد وضع مفهوم حل الدولة الواحدة وهذا ما سوف يسقط مشروعه حول يهودية الدولة في ظل الديمغرافيا التي تهدد وجود الكيان الذي لا زال على توسعه واستيطانه واحتلاله .
قمة ترامب نتنياهو محاولة عكسية لإرجاع عقارب الساعة للوراء .....وما يتم من صناعة الاعداء والتخوفات حول التهديد الايراني..... كما تهديد حزب الله وما يخرج على لسان الساسة الاسرائيليين من مزاعم وهمية لا اساس لها حول تهديد امن اسرائيل..... وما يتهددها من الصواريخ الايرانية والذي يعطي لدولة الكيان المجال متسعا لزيادة الدعم العسكري والتكنولوجي واستمرار الانحياز الامريكي .....كما اعطائها فرصة التهرب من استحقاقات السلام تحت مزاعم وأوهام وخزعبلات اسرائيلية يمينية متطرفة .
العلاقات الامريكية الاسرائيلية علاقات استراتيجية متميزة لا منافس لها وهذا مثبت ومؤكد عبر عقود طويلة من الانحياز ودعم قوة الاحتلال .....على حساب أصحاب الحق ...كما على حساب القانون الدولي وقرارت الشرعية الدولية ....وبهذا تكون الولايات المتحدة أمام مواجهة العالم بأسره بدعمها للمواقف الاسرائيلية المرفوضة من المجتمع الدولي ومؤسساته .
أي أن ترامب الرئيس الامريكي يلتقي مع رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو في ظل مشهد سياسي دولي يرفض سياسة هذه الحكومة ....كما يرفض قراراتها واستيطانها ...كما ويرفض انتهاكاتها المستمرة لحقوق الانسان الفلسطيني ...كما ويدين كافة القرارات التي تخالف الشرعية الدولية والصادرة عن برلمان الاحتلال وحكومته .
مفهوم حل الدولتين تم اقراره بكافة المؤتمرات واللقاءات والقرارات الدولية .....والقائم على قيام دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 بعاصمتها القدس الشرقية ....والذي ينسجم مع ارادة المجتمع الدولي وقراراته .
لقد تأكد أن لقاء ترامب نتنياهو سوف يعكس وجهة نظر احادية الجانب.... ومواقف لا تنسجم مع مواقف الشرعية الدولية وهو سيكون لقاء حليفين أرادوا أن يقفوا أمام العالم بأسره ....فهل بإمكان ترامب ونتنياهو الاستمرار على حالة العداء مع الشرعية الدولية وقوانينها ....والارادة الدولية ومؤسساتها ؟؟!!....هذا ما سوف تكشف عنه الأيام القادمة .
الكاتب : وفيق زنداح