هذا الموضوع للتفكر والتدبر وإشغال العقل والمنطق. فباختصار شديد، ما لم يستفق شعبنا اليوم فوالله الذي لا إله إلا هو ...ربما لن تقوم لأجيالنا الحالية قائمة ..
وربما يلعننا الله والتاريخ ونُحشر مع الشياطين....
أتمنى أكبر مشاركة من كل صاحب ضمير حيث أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان والضرورة القصوى لترجمة ما سينتج عنه من بنود سأطرحها على الملأ كمشروع خطة عمل خاضع للنقاش على جميع المستويات الشعبية والتنظيمية
فكل فلسطيني في العالم معني بالواجب الملح في الحوار والمشاركة بتحريك المياه الراكدة الآسنة واستعادة الينابيع الصافيه كفاحنا الوطني ، بحيث نصحو من غفلتنا، ونحرر إرادتنا ، ونُسمع العالم الصوت الحقيقي لشعبنا من جديد..
لقد أصبحت منظمة التحرير الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ، ورمى شعبنا كل حمله وقضيته على عاتق قيادتها وذلك لتحقيق أهدافه الوطنية وجوهرها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.... ولولا ما تم طرحه من بنود وطنية راعت متطلبات شعبنا التواق للحرية والعودة والإستقلال لما لاقت المنظمة الدعم والتأييد الكبير من جماهير شعبنا في الوطن والشتات. ولا ننسى الدعم الأكبر حين تم فك الإرتباط مع الأردن وأصبحت المنظمة بقرار من مؤتمر القمة العربية في الرباط الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وذلك تطور مفصلي يستحق لوحده وقفة مراجعة وتقييم لمدى صوابه وخفايا دوافعه ، إذ عاد السؤال يطرح : هل كان مصير الضفة الغربية هو هذا المصير البائس لو ظل الأردن مسؤولاً عن استعادتها ؟
وبعد أن تولت المنظمة المسؤولية عن الضفه بعد أن رفعت شعار تحرير فلسطين التاريخية..فلا حررت الضفة بل أصبحت الضفة غارقة بالمستوطنات والسلطة تحت الإحتلال وشعبنا يذوق الأمرين.. وتنازلت عن فلسطين التاريخية.. أي إنجازات هذه...؟
.. لقد تمت إقامة المنظمة بقرار من مؤتمر القمة العربي في الاسكندرية سنة 1964، أي بقرار من الحكام العرب ، مما جعل المنظمة محكومة للفاعلين من هؤلاء الحكام الذين نادراً ما يتفقون .... لقد كانت المنظمة مطلباً رسمياً عربياً ودولياً لقطع الطريق على قيام كيان أكثر ثورية واستقلالاً نتيجة اشتداد التململ والحراك الجماهيري في التجمعات الشعبية الرئيسة بعد اكتشاف خدعة الوعود الرسمية بقرب تحرير فلسطين وتهيئة الجيوش لإزالة الكيان الصهيوني الذي اغتصبها. لقد صدم الرئيس المصري المرحوم جمال عبد الناصر وفداً شعبياً فلسطينياً بقوله :" أنا معنديش خطة لتحرير فلسطين .. اللي بيقول لكم انه راح يحرر فلسطين بيكذب عليكم .. الشعب الفلسطيني وحده هو اللي بيقدر يحرر أرضه.." . وبعد أشهر تم الإعلان عن إنشاء المنظمة..... فهل أقيمت منظمة التحرير الفلسطينية فعلاً من أجل التحرير ، أم من أجل امتصاص الحراك الثوري المتعاظم للجماهير الفلسطينية آنذاك ؟ بل وحتى من أجل دفعها بعد سلسلة مجازر وحصار للانزلاق إلى الإعتراف بقرار 242 اي اعتراف بإسرائيل كما حدث سنة 1988 تحت غطاء إعلان استقلال؟
ونكتفي هنا بالتذكير باستقالة المرحوم أحمد الشقيري من رئاسة المنظمة في نهاية 1967 بعدما هدد بفضح اتفاق القمة العربية في الخرطوم سراً على التخلي عن التزاماتها السابقة بتحرير ما اغتصبه الغزاة الصهاينة من أرض فلسطين في العام 1948، والاكتفاء بتسوية تستعيد ما احتله العدو الصهيوني إثر الهزيمة المذلة للجيوش العربية في 5/6/1967 ، والتغطية على هذا التنازل الخطير ببيان إعلامي شعبوي مضلل رفع شعارات : لا مفاوضات ، لا صلح ، لا اعتراف بإسرائيل .. وهي لاءات داستها الأنظمة التي رفعتها بعد استهلاكها وامتصاص صدمة تطبيق الاتفاق السري ، لا ذلك البيان .
لقد خرج الانحراف والتفريط إلى العلن بعدما كانت خطواته تتلاحق في السر ، وتم تجاهل شعبنا في كل ما طرح من القرارات المتعلقة بمصير وطننا وشعبنا وثورته المسلحة دون رجوع إلى الشعب أو احترام إرادته ، بل بالتحايل على هذه الإرادة وعلى حقوقنا الوطنية من خلال إجراءات مثل إتفاق أوسلوا والإعتراف بالكيان الصهيوني مقابل فتات سلطة شكلية انتهت بقرار وترتيب أمريكي إلى تحويل الفدائيين ،إلى جنود كلاسيكيين بينماوالعدو يعد العدة ويجند شبابه وفتياته لمحاربة أبناء شعبنا ونخدحن نتلهى بالمناصب والغنائم و إيهام شعبنا أنهم تحت سلطة وطنية حره قادره
لا ننكر الظروف المأساوية المعقدة التي مرت على قضيتنا الفلسطينية..ولا ننكر جهود قيادة المنظمة وإنجازات مختلف فصائلها المقاتلة وعلى رأسها فتح ، العمود الفقري للثورة المغدورة وللمنظمة ، من خلال الكفاح المسلح لمقاتليها ومناضليها الأشاوس ، هذا الكفاح الذي استقطب احترام العالم لشعبنا وثورته في فترة المد الوطني ، وانتزع الإقرار بالحقوق الوطنية لشعبنا الذي قدّم شلالاً من الدماء ، وضحى بأرواح خيرة أبنائه على أمل تحقيق الحلم الوطني بالتحررمن الاحتلال العنصري الصهيوني . بعد كل ما خضنا من كفاح ونضال وصراع حتى معركة بيروت الكبرى ظلّ الأمل يراود شعبنا ، بدعم من أمتنا العربية ، خرجت المنظمة من بيروت بمقاتليها وفصائلها الى الشتات ، وبدأ فصل حاسم من فصول المؤامرة التي شاركت أطراف رسمية عربية في حياكتها وتنفيذها . وعندما انتفض شعبنا ليملأ الفراغ الذي حدث بعد إبعاد مقاتلينا إلى الشتات وبفضل أشاوس شعبنا على رأسهم الفهد الأسود إنتقل الصراع من الحدود التي أغلقت في وجوه مقاتلينا إلى داخل الوطن ، بحيث أججت انتفاضة الحجارة الالتفاف الشعبي الفلسطيني حول قضيتنا الوطنية وحقوقنا الثابتة ، مما أعاد الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ولفصائلها المشتتة في العديد من المنافي وكسبت الانتفاضة احتراماً عالمياً كبيراً ودعماً غير مسبوق . وأعاد القائد الفذ الشهيد أبو جهاد ومعه خيرة مقاتلي القطاع الغربي أعاد بوصلة المقاومة من خلال تبني المقاتلين ومدهم بكل ما يلزم من عتاد وأموال مما جعل الإنتفاضة شاملة في كل الوطن من جنين حتى رفح .
منذر ارشيد
يتبع الحلقة (3)