الرئيس الأمريكي الجديد الذي أعلن عن نيته نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ولم يتراجع عن إعلانه هذا بشكل رسمي حتى اليوم والأمين العام للأمم المتحدة الذي من المفترض أن يكون ممثلا لشعوب الأرض ومحايدا في الصراعات والنزاعات الدولية ومدافعا عن الأنظمة والقوانين الدولية وممثلا لقراراتها يعلن على الملأ أن المسجد الأقصى لليهود بكل بجاحة ... ترامب يستقبل نتنياهو بكل فخامة الاستقبال ولا يفعل ذلك مع العاهل الأردني الذي من المفترض انه ؤول زعيم يستقبله ترامب وهو ممثل لأمة عربية من المحيط إلى الخليج وبدون خجل يعلن ترامب تراجعه عن فكرة حل الدولتين أو أن الأمر يبدو للعلن وكأن الإدارة الأمريكية مربكة بهذا الشأن فيما قد تكون الحقيقة أننا أمام حالة من جس النبض حول ردود الأفعال حول هذا الأمر وعلنا يتحدث وزير إسرائيلي عن تبني فكرة استبدال فلسطين بسيناء وبلع الضفة الغربية بالكامل من قبل إسرائيل.
مرة أخرى تذكرني فكرة استبدال وطننا فلسطين الخضراء الجميلة... ارض السماء والخير, بوابة الدنيا إلى السماء وبوابة السماء إلى الدنيا بصحراء سيناء بما صرخ به مظفر النواب ذات يوم " سنصبح نحن يهود التاريخ ونعوي بالصحراء بلا مأوى " مذكرا بتيه سيناء الذي يبدو أن الأعداء يريدون لنا أن نعيش تيههم مرة أخرى في العصر الحديث وعلى مرأى ومسمع من كل الدنيا التي باتت تصم آذانها وتغلق عينيها علنا عن قضيتنا ومعاناة شعبنا والاعتداء السافر علنا على كل ما يمت لتجذرنا بأرضنا التي ما " كانت تسمى فلسطين ... صارت تسمى فلسطين " بل هي فلسطين منذ أن كانت ولا زالت وتبقى ومع اعتذاري لدرويش إلا أن فلسطين لم تكن تسمى فلسطين لتصير تسمى فلسطين بل هي فلسطين اسمها لأنه اسمها فالأفعال الماضية الناقصة كان وصار لا علاقة لها ببلادنا واسمها وتاريخها لا من قريب ولا من بعيد.
الكل بات يتراجع اليوم عن علاقته بقضيتنا وبنا وبات الجميع يقومون بدور الحكماء على حساب شعبنا وأرضنا وليس أكثر من التبني الوقح للمفهوم الإسرائيلي للمفاوضات معنا والقائم على التفاوض المباشر دون وسطاء ودون شروط ودون تواريخ وهو ما نادت به إسرائيل دوما والتصريح الذي ادلى به ترامب بحضور رئيس وزراء إسرائيل حول قبول أمريكا لما يتفق عليه الفلسطينيون والإسرائيليون لهو دليل على قبول أمريكا للطلب الإسرائيلي التاريخي بتوقف أمريكا عن القيام بدور الوسيط أو من يقترح أو يضع أو يشترط حلولا ما أيا كانت.
الموقف الترامبي الأخير هو دعوة علنية لإسرائيل للاستفراد بنا وبقضيتنا في ظل الملهاة المأساة التي يعيشها العالم العربي من فتن وحروب مفتعلة بحيث لم يعد احد يلتفت الى ما يجري في فلسطين فسوريا منشغلة بجراحها ليس عن فلسطين فقط بل وحتى عن الجولان الأرض العربية السورية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967م والسعودية ودول الخليج ومعهم مصر منشغلون بوحل اليمن وليبيا والعراق التي كانت يوما مصدر دعم هائل لفلسطين وقضيتها لتصبح اليوم عبء على كل قضايا العرب اكبر من أي عبء آخر كما هو حال سوريا البلد الذي كان وظل كتف الفلسطينيين الآمن حتى بات لا يدري من أين تنهشه الضباع من الأعداء من كل شكل ولون وأولهم عرب أمريكا الغائبين عن عروبتهم لصالح الأعداء.
صحيح ان فلسطين بحاجة اليوم كما كانت بالماضي وستبقى للعرب جميعا سندا وحضنا ومدافعا ومقاتلا من اجل عودتها حرة ومحررة وعربية إلا أنها وقبل كل هذا بحاجة لأهلها بكل تلاوينهم موحدين حولها ذلك أن من المستحيل علينا ونحن نختلف حد الدم والقتال أن نطالب الآخرين بان يحملوا قضيتنا عنا في حين نغيب نحن عنها علنا فلا يجوز هنا استخدام شعار ملكيين أكثر من الملك الا حين يكون الملك على عرشه ونحن تنازلنا عن عرش وطنيتنا علنا لصالح عروش قبائلنا من الفصائل والأحزاب والقوى فلنعد لذواتنا ولا مؤمنين بحقنا مقاتلين في سبيله حتى يصبح من حقنا أن نسال الآخرين أين انتم.
بقلم/ عدنان الصباح