ثمة عناصر اساسية لمكونات وجود السلطة بموجب اتفاقية اوسلو عام 1993 من القرن الماضي وفترتها الانتقالية التي تراوح من 3 الى 5 سنوات لتحقيق مبدأ حل الدولتين والوصول الى حلول المرحلة النهائية من حدود ولاجئين وقدس ومياه ومنظمة النقد والامن وغيره، الاسرائيليون ورغم مفاوضاتهم على حل الدولتين الا انهم لا يقرون بان اتفاق اوسلو يتوج بدولة فلسطينية وهنا الخلط والمغالطات التي تصاحب اوسلو وبنودها.
اطراف ثلاث تعتبر شريكة في اتفاق اوسلو ووجود السلطة ، الجانب الاسرائيلي والجانب الفلسطيني والجانب الاقليمي الدولي الذي رعى اتفاقية اوسلو وجوانبها الاقتصادية والامنية.
الجميع اتفق بان اوسلو رحلت مع رحيل اسحاق رابين وابو عمار ودمرت بالاجتياح الاسرائيلي للمقاطعة محل اقامة ابو عمار، ولكن الغريب ان تستمر المفاوضات ما يقرب من عقد ونصف على ذات القواعد السابقة، وخاصة من طلرف السلطة وتمسكها بخارطة الطريق ومبادرة الشرعية العربية وهي مبادرة قمة بيروت او مبادرة الملك فهد، في حين ان اسرائيل دمرت كل شيء في حياة اتفاقية اوسلو ما عدا تعاونا مطلقا في مجال الامن وتدريب قوى الامن والتسليح والتمويل والجانب الاقتصادي والشؤون المدنية التي اصولها في الارشيف الاسرائيلي وما عرف بعد ذلك بمبادرة بليير للحل الاقتصادي الامني في الضفة اولا وهي المؤشرات الاولية لارهاصات الانقسام ودوافعه.
قد طفى على السطح هذه الايام الدعوة لاعلان الدولة الفلسطينية في المنفى واعتبارها دولة تحت الاحتلال بحدود جغرافية بناء على قرار 242 و338 الصادران عن مجلس الامن اي اراضي ما قبل 5 من حزيران لعام 67م وانهاء جميع الارتباطات باتفاقية اوسلو وفي مقدمتها التنسيق الامني واتفاقية باريس، وقيل ايضا ان قنبلة السيد الرئيس الانشطارية سيكون تفجيرها في الجمعية العامة في اواخر شهر سبتمبر، والرجوع لتوصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير بما فيها ملفات مقاضاة اسرائيل على جرائمها في الحرب الاخيرة على غزة والاستيطان والانتهاكات للقدس الشريف.
حقيقة ان تحلق في الخيال قد يخالف ان تدق قدماك ارض الواقع… فاتفاقية اوسلو ليست شأنا فلسطينيا خالصا بتعقيدات وجودها وارتباطاتها وارلاكانها واهمها الاجهزة الامنية التي تتبنى تدريبها امريكا واسرائيل ودول اقليمية ومشكلة رواتب وخدمات ومؤسسات يتجاوز عدد موظفيها 160 الف موظف باستثناء موظفي قطاع غزة واجهزتها الامنية…وهل وضعت القيادة الفلسطينية ردود الفعل للطرف الاخر وهو اسرائيل.. وهل مجرد اعلان دولة تحت الاحتلال سيضع اسرائيل في مأزق وهي ضاربة عرض الحائط كل القرارات الدولية والموقف الدولي…. لقد صرح يعالون وزير الحرب الصهيوني بان مفاتيح السلطة لن تتحمل مسؤلياتها اسرائيل مشيرا بان هناك بدائل للقيادة السياسية وهنا نذكر بانشوطة الاجهزة الامنية التي قد تسير الامور فيما تبقى من الضفة خارج منطقة ما يسمى يهودا والسامرى التي تسيطر اسرائيل عليها فعليا وحققت حلمها التوراتي كما يدعون.
المنظومة الفلسطينية والوطنية في مازق حقيقي نتيجة غباء سابق وعدم وضع حسابات دقيقة… ولكن ما الحل في ظل رفض فكرة الانتفاضة والعمل المسلح والفدائي ورفض نهج الثورة وتحطيمة سلوكيا وامنيا وثقافيا.. وم ثم امر اخر هل تقبل عاصمة عربية ان تقيم مؤسسات الدولة على اراضيها ام نشهد وبصورة اخرى وبجغرافية اخرى وبمشهد مختلف اكثر تعقيدا مصير حكومة عموم فلسطين بقيادة الحاج امين الحسيني مع فارق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود 67 وهذا لن يغير الواقع كثيرا على ارض الواقع مالم يدعم بطاقات تفعيلية لقدرات الشعب في مواجهة الاحتلال والذي اخشاه ان تبقى الاجهزة تمارس دورها من بطش وملاحقة للنشطاء بدعوى حفظ الامن.
وسؤال اخر هل مظلة الامان العربية تستطيع تغطية التزامات الدولة ومسؤلياتها عن الشعب الفلسطيني ونذكر ان مظلة الامان قد اقرت في مؤتمرات قمة سابقة ولم تجد حيز للتنفيذ….وهل الواقع العربي المؤلم قد يشجع على مثل تلك الالتزامات…… قد نفهم مؤشر هام وما تتعرض له القدس بوجود السلطة … هل تحركت الانظمة للدفاع عن القدس وحمايتها…!!! وهي جزء من كل للدولة المزمع اعلانها…!!!
بالمناسبة نشأت فكرة تكوين حكومة عموم فلسطين عندما أعلنت بريطانيا عن نيتها التخلي عن انتدابها على فلسطين وأحالت قضيتها إلى الأمم المتحدة. أدركت القيادة الفلسطينية عندئذ، ممثلة آنذاك بالهيئة العربية العليا لفلسطين بزعامة الحاج أمين الحسيني، أهمية التهيؤ لهذا الحدث واستباقه بإيجاد إطار دستوري يملا الفراغ الذي سوف ينجم عن انتهاء الانتداب البريطاني وكان هذا الإطار هو إقامة حكومة عربية فلسطينية.
كان قبل ذلك فولك برنادوت قد أعلن في تقرير له في 16 سبتمبر 1948 أن العرب لم يبدوا أي رغبة في تشكيل حكومة في القسم العربي من فلسطين مما قد يؤدي إلى ضمه إلى شرق الأردن.
يعود مشروع هذه الحكومة إلى أمين الحسيني الذي اقترحه على مجلس الجامعة العربية في دورة عالية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 1947 على مستوى رؤساء الحكومات والذي لم يكن أمين الحسيني مدعوا له. تقدم أمين ببيان حاول فيه أن يقنع المؤتمرين بإقامة حكومة عربية فلسطينية.
بدأ دعم الجامعة العربية للحكومة ينهار إذ امتنعت الجامعة العربية، فيما بعد، عن دعوة الحكومة لحضور اجتماعات مجلس الجامعة؛ كما امتنعت الحكومة المصرية عن السماح لهذه الحكومة بممارسة أنشطتها في قطاع غزة وكانت الدول العربية وبدخولها في مفاوضات الهدنة مع إسرائيل حوّلت حكومة عموم فلسطين إلى وجود اسمي فقط رغم صدور تصريحات أحيانا من قادتها في القاهرة، وفي سنة 1959 أغلقت مقراتها.
وبرغم ان المحاذير الامريكية ورسالة كيري عبر هاتفه قد حذرت عباس من الاستقالة او التهديد بحل السلطة او اي قرارات قد يتخذها ضد اسرائيل في الجمعية العامة فان الرهان على موقف روسيا الذي لديه من المسؤليات التي يبحث عن حسمها في سوريا ولقاء وزير ي الفاع في البلدين ولمواجهة داعش وقضية اوكرانيا قد يجعلان من قضية فلسطين والمفاوضات امرا ليس ذات اهمية في الوقت الراهن وان وعدوا بمبادرة اوروبية اخرى لاستئناف المفاوضات…. وربما زيارة عباس ونتنياهو لروسيا هذا الاسبوع لن تسفر عن شيء داعم للفلسطينيين في الجمعية العامة… فروسيا تحتاج للموقف الامريكي في سوريا….. واعتقد ان قنبلة عباس الانشطارية سينزع صاعقها المفجر في انتظار مبادرة جديدة لاستئناف المفاوضات……والخطورة هنا ذات حدين باعلان الدولة ومصيرها كمصير حكومة عموم فلسطين…. او مفاوضات لن نجني منها ما يذكر وطنيا….. وفي انتظار تغيير جوهري على البرنامج السياسي والمنظومة السياسية الفلسطينية للخروج من عنق الزجاجة والنفق المظلم الذي مازال يسير فيه الفلسطينيين .
بقلم/ سميح خلف