ان وجدت مناطق فراغ ،قد تظهر قوى وتختفي قوى وقد تزول برامج لفشلها في معالجة ازمات ماثلة وقد تاتي عنها برامج بديلة ولقوى اخرى فميكانيزمات الزمن وتفاعلات المجتمعات ونخبها وطلائعها تؤدي الى تلك الفرضيات او الحتميات .
بلا شك ان الواقع الفلسطيني يعيش في ازمات وليس ازمة واحدة والسلطة وبرنامجها تريد من الجميع ان يتعايش مع تلك الازمات كأمر واقع وهو الواقع الذي يكلف الشعب الفلسطيني كثيرا مستقبلا وحقوق وامنا واقتصاد وثقافة تلك الازمات وامام تحولات دولية واقليمية تهدد مصير الشعب الفلسطيني ووحدته وثقافته وجغرافيته ، نهج مصاب من الجمود والعناد على الفشل وعدم احتواء تلك الازمات بوجه جديد وبرنامج جديد وهيكليات مؤسساتية وتنظيمية وشعبية جديدة تمليء مناطق الفراغ الحادثة وخاصة ان الشرعيات الثلاث الرئاسية والتنفيذية والقضائية اصبحت تعمل بالتصور الامني المرتبط وانعكاسه على الحريات والقوى الناشئة التي تطمح بالتغيير ومليء مناطق الفراغ التي تركتها فتح بقيادة رئيسها ومركزيتها فبعد شهور من انعقاد ما يسمى المؤتمر الحركي السابع والعود والشعارات التي صاحبت هذا المؤتمر ازداد الوضع للاسوء وخاصة اضمحلال وجمود وبمقابل ذلك الاحتلال وقوى عظمى واقليمية تعمل جاهدة ان تنعش قوى وتساعد في خلق قوى اخرى بديلة وان كانت الخيارات متناقضة بين توجهات الاحتلال والقوى المتناقضة اقليميا والتي تعمل في المنطقة وفي الازمات الساخنة مثل سوريا وفلسطين وليبيا واليمن .
النهج الذي يمسك بالقرار الفلسطيني يرى بأم عينية مخططات الاحتلال لخلق كيانية فلسطينية مجزءة مع اتفاق كل قواه لا دولة للفلسطينيين تلك الكيانيات المرتبطة امنيا واقتصاديا ومع نهج جديد يقوده ترامب ، ما زال هذا النهج يرفض تفعيل قوى الشعب الفلسطيني وتنظيمها والعمل على وحدة وطنية تجمع الكل الفلسطيني في الداخل والخارج وتوحيد الثقافة والخطاب السياسي، فهو يناور كما الجهات الاخرى التي تعمل على ان تكون بديلا ايضا تناور ولا نتائج فكانت اجتماعات بيروت ومن بعدها موسكو هي اسيرة حبس واحتباس لرؤية السيد عباس التي لم تعد ذات جدوى في وض1ع المعالجات للحالة الوطنية وعلاقتها بالصراع مع الاحتلال .... خسارات وتراجعات وجمود والاخرين في ديمومة مستمرة وكما الواقع الاقليمي ايضا .
الان بعد فشل كل الحوارات في انهاء الانقسام ووضع برنامج وطني جامع وبعد الاصرار على اضعاف فتح وتفسيخها برؤية الرئيس التي اقصت الكم الكبير من القادة والكوادر .... لايمكن لعجلة الشعب الفلسطيني ان تتوقف عند هذا الجمود والفشل بل البحث عن خيارات تجمع الشمل الوطني الفلسطيني وفي ظل عناد وصرخات وهجاء لكل من يحاول .
المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي لم يعقد منذ اكثر من عقدين هو استحقاق وطني للحفاظ على الايقونة الوطنية والتمثيلية للشعب الفلسطيني وخاصة ان النهج الحاكم قد جمد وابعد فلسطيني الشتات عن دائرة الفعل والمشاركة ، فالمؤتمرات التي تعقد سواء في القاهرة او طهران او تركيا كلها مؤتمرات تبحث عن اليات يستطيع فيها الشعب الفلسطيني الخروج من المصيدة والفخ الذي نصب له ووقع فيه من سلوكيات ونهج رئيس السلطة ومن حوله وان كان هناك تناقض في تلك التوجهات المختلفة بين دول الاقليم في وضع المعالجات .
1- مؤتمر طهران التي تستضيف اكثر من مؤتمر خلال العام الواحد سواء لدعم القدس او الانتفاضة فهي مؤتمرات تعبر عن نهج اقثليمي له رؤيا بالصراع مع الاسرائيليين ويومن بالمقاومة كطريق للتحرير وهو نهج له تعمثيل اقايمي برز في الازمة السورية والعراقية ومن هنا كانت كلمة الدكتور رمضان شلح القاسمة لظهر السلطة من ادانة واتهام ، بالتاكيد ان طهران وكالعادة تمول وتدعم فصائل الاسلام السياسي وتشكيلات لكتائب الاقصى التي هي جذورها فتحاوية وتم اقصاؤها كنهج عسكري من قبل قيادة فتح التي تؤمن بالتنسيق الامني وتعمل عليه... مؤتمر طهران يجمع قوى اسلامية ووطنية وقومية وليس غريبا ان يحضر ابو اللطف هذا المؤتمر ويلقي كلمة فيه .. ابو اللطف الذي تعرض للاقصاء من عباس والغيت دائرته السياسية وهي من مؤسسات منظمة التحرير وقطعت موازنتها بل قطع راتب ابو اللطف لوقت والحقت اعمال الدائرة السياسية الى خارجية السلطة والمالكي .
ابو اللطف ماله وما عليه فهو في فترة من الفترات كان يمثل الرجل الثاني لاكبر فصيل فلسطيني بعد ياسر عرفات ، وللانصاف هو رجل مؤسس بعثي الجذور وان كانت سلوكياته في داخل الدائرة السياسية كانت تعمل بشكل فئوي ومؤسس لهذا النهج الذي انقلب عليه بقيادة عباس والطيب وغيرهم واذكر مدى الضغوط التي تعرض لها ياسر عرفات في السنوات الاولى من الثمانينات لاستبدال زهدي القدرة ممثل منظمة التحرير في القاهرة بالطيب عبد الرحيم ، ابو اللطف الذي تجاوز الثمانينات وفي عام 2011 دفع به الاخوة ليكون هو الرجل الاول لفتح كما كان الدفع بعد اغتيال عرفات فكان اجتماع مع قادة من العاصفة والغربي في بيروت لانقاذ فتح من تغول ونهج عباس فالتزم ابو اللطف بهذا الدفع ومن ثم ذهب الى الدوحة والقى محاضرات فيها واعتقد حصل على بعض المال ومن ثم ذهب الى طهران واعتقد ايضا وكما وصل لي حصل على بعض المال ، ولكن هل التزم ابو اللطف بالاتفاق مع الاخوة تخلى عنهم قائلا لا يوجد لدي دعم مادي ... ومبررا تخليه بانه تعرض لتهديد...!! ولا ندري من اين مصدره .
ابو اللطف له احترام من كوادر فتح كمؤسس ومن القوى الوطنية والاسلامية ، واعتقد انتهت الخلافات بينه وبين عباس بعد حل مشكلة العقارات في عمان وبيروت وسوريا المتنازع عليها بينه وبين عباس .
نما الى علمي ان ابو اللطف وبعد المؤتمر السابع وحتفاظه بعضو مركزية كقائد تاريخي وبالتصفيق والتزكية بانه بصدد التحضير لانعقاد مجلس وطني او مؤتمر وطني وسيعلن موقفه صراحة من نهج عباس الذي اعلن في السابق موقفه منه عدة مرات ولكن هل هذه المرة سيلتزم ابو اللطف بدعم ايراني من وضع قدمه في المعادلة الفلسطينية والفتحاوية من جديد.. وهل قواه لالصحية تسمح بذلك ...؟؟ اشك في الامر .....
2-المؤتمر الشعبي في تركيا : وهو مكون من فلسطيني الخارج للبحث عن دور فاعل لفلسطيني الخارج في المعادلة الفلسطينية بعد عقود من التهميش والاقصاء وتجميد دور ومهمات منظمة التحرير والتلاعب في الحقوق الوطنية واللاجئين .... طبعا مؤتمر يعقد في تركيا على نقيض مع توجهات ايران ، تركيا التي لها علاقات امنية واقتصادية وعسكرية مع اسرائيل ومن احدى الدول المسببة للازمات العربية في سوريا وليبيا وهي عضو في حلف الناتو وتدعم ايضا الاسلام السياسي وتحاول ان تصل معه على ورقة سياسية تتناسب مع الموقف الدولي ونظرته لحل الصراع وتحاول ان تضع لها نصيب في المتغيرات في فلسطين وليبيا وسوريا والعراق .... تركيا التي تستضيف المؤتمر الشعبي هل ستدعم لوجستيا كيانية لفلسطيني الخارج في نطاق نظرتها وتعاملها مع اسرائيل ...؟؟ وهل هذه الكيانية ستلقى اعتراف دولي كلديل عن منظمة التحرير او قيادة منظمة التحرير ، ام سيقسم الفلسطينيين الان بتقسيم جديد يجزيء المجزء والمقسم وبالتالي ستزداد الازمة عنفا وتشظي ،؟ اعتقد ان حكماء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج لن يسمحو بتشكيل موازي ينقصه تمثيل الداخل ففي اخر احصائية الفلسطينيون 12 مليون 6 في الداخل و6 في الخارج.... وهل القوى الطامحة بعملية البديل او الاحلال سيوصلها مؤتمر تركيا لهذا الطموح...؟؟ اشك في ذلك..؟؟ اعتقد ان اي احلال او بديل لحالة الفشل والسلطة ؤيقع في فرضيتين : هبه شعبية متكاملة تسقط النهج الحاكم ، والفرضية الثانية هي توافق اقليمي دولي لعملية الاحلال او التغيير .
وفي النهاية المسؤول عن حالة الفوضى والتشتت في الساحة الفلسطينية نهج السيد عباس .... فهل يستيقظ او يفيق او يتراجع عما هو فيه ويتخذ مواقف جريئة لاعادة وحدة فتح والحركة الوطنية وانهاء الانقسام وتجديد الشرعيات .... لا اعتقد ذلك ولذلك ستبقى حالى البحث عن التغيير قائمة ... والزمن ليس لصالح الفلسطينيين بل اسرائيل ستاخذ ما تريد من واقع فلسطيني ضعيف مهلهل.
بقلم/ سميح خلف