ترددت كثيراً قبل أن أقرر الكتابة في هذا الموضوع الحساس المتعلق بالواقع الفلسطيني ، فبعض القوى والفصائل تبحت لها عن مفاهيم واستراتيجات ومواقف ممكن تتنقض مع استرايجيتها واهدافها ، نتيجة اجتهاد بعض القياديين في العديد من الاتجاهات، حيث اصبح هذا الموضوع يتطلب نقاش واسع في أوساط هذه الفصائل والقوى، وهذا أمر غاية في الأهمية على صعيد الكادر والقيادة وأنني لا أملك حق رأي حتى اعبر ما في داخلي في المرحلة الراهنة، لكن اقول ان القيادة التي تعرفت عليها كانت شجاعة وحكيمة ، ونحن اليوم بأمس الحاجة لقيادات تقراء المرحلة وظروفها .
وانا من موقعي اقول يجب معالجة الامور بروح عملية حتى لا تتعرض هذه القوى والفصائل الى خضات أو ثغرات تعطل الكثير من عملها ، فكفى شعارات جوفاء لا تقدم المثل والنموذج ، وخاصة ان الشعب الفلسطيني يتعرض للعديد من المؤامرات والعدو الصهيوني ما زال مستمرا في عدوانه واستيطانه للأرض الفلسطينية ويستهدف الشجر والحجر والبشر ، وهو لا يحترم أي معاهدات أو اتفاقات.
إن النقاش داخل كل حزب او فصيل يجب أن يستمر وأن نبحث عن أفضل التكتيكات والمعالجات، فالظروف متغيرة ومعركتنا طويلة والقوالب الجامدة يجب ان تكسر لمصلحة عمل أكثر حيوية في خدمة القضية الوطنية وتأطير أعلى للجهد، وحتى يكون كلامي واضحاً والنصيحة كما يقال بجمل أعود للذاكرة لتذكير البعض ان ما تتعرض له القضية الفلسطينية اليوم يتطلب وقفة صريحة وواضحة ، فهناك قوى خارجية تفرض اجندتها على الساحة الفلسطينية من خلال عقد مؤتمرات هنا وهناك والهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتشتيت الجهد الوطني في ظل تصاعد الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة الشعبية ، وخاصة أن الدور والخطاب الذي تبنته الفصائل والقوى كانت جميعها أفكار ، عبرت جميعها عن أساليب فلسطينية جديدة في مسار النضال الوطني، الا انها لم تتمكن من منع حضور بعض كادراتها وقياداتها لهذه المؤتمرات .
من هنا نرى ان مستقبل النضال الوطني يستدعي ربط النضال الوطني مع النضال القومي ، فمعركة تحرير فلسطين واستعادة كل الحقوق الوطنية، تستدعي العمل على المشاركة في المؤتمرات التي تخدم القضية الفلسطينية والوحدة الوطنية ، والتي تتداعى اليها الأحزاب اليسارية والقومية العربية, بهدف تعزيز التأييد والمساندة للقضية الفلسطينية, وعموم القضايا العربية, باتجاه سليم وصحيح, في مجابهة الأخطار المحدقة القضية الفلسطينية والمنطقة.
في ظل هذه الظروف نقول اصبح العمل على استنهاض جهود كل الاحزاب والقوى العربية , وخاصة ان النضال ضد كيان الاحتلال وأعوانه في المنطقة في ظل ضعف الموقف العربي, اصبح يستدعي اقامة جبهة شعبية عربية , لأن الدفاع عن فلسطين , هو دفاع الامة العربية في مواجهة المشروع الإمبريالي الصهيوني.
وامام هذه الاوضاع نقول لأصحاب المؤتمرات التي تريد ضرب المشروع الوطني ، إن الشعب الفلسطيني شعباً موحداً داخل فلسطين اوفي كل بلدان الشتات , رغم كل الظروف والتحديات ، وإن مسيرته لن تتوقف إلا بالنصر أو الشهادة ، رغم كل ما أصاب الوضع الفلسطيني من انقسام ومن تردي وارتهان .
إن شعباً يرسم بالدم خريطة الوطن ويسعى بأمثولة كفاحية لتغير وقائع الأمس ..لقادر طال الزمن أم قصر على تحقيق حلم الانتصار والعودة ، وأهم ما يشغل اهتمامه راهناً , كيف يتجاوز الضغوط التي تستهدف صموده بإرادته وتضحياته وصموده ، فهذا الشعب العظيم قادراً على قطع الطريق على كل محاولات الإجهاض والطمس والتجاوز لأهدافه الوطنية وصولاً لتجسيد الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .. وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم .
لذلك علينا ان نقراء تطورات ما يحدث في الوطن العربي ..وما يعصف في العالم من أحداث تلقي بمزيد من الأعباء الجسام على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة وقواها الديمقراطية والقومية في الوطن العربي والعالم قاطبة , فالإمبريالية الاميريكية بعد انتخاب ادراتها الجديدة المنحازة لكيان الاحتلال الصهيوني ، كما ادراتها المتعاقبة توجه تهديدا واضحا لقهر وحرية وإرادة الشعوب ، الا ان إرادة الشعوب وقواها الحية تشكل إرادة صلبة وعزيمة لا تلين وهي بذلك تطلق صرخة مدوية لأحلام الحرية والعدالة , والديمقراطية في وجه ظلام العصر , وإمبرياليي العالم وأعوانهم .
ختاما : لا بد من القول من أجل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يمكن ان تنطفئ شعلة الحرية ولن تتوقف حتى العودة والنصر ، لا خيار إلا النضال والمقاومة ، ولا وطن إلا فلسطين حرة ومستقلة وعاصمتها القدس ولا بديل عن الحقوق العادلة والتاريخية للشعب الفلسطيني في وطنه .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي