روى المزارع الفلسطيني عبد السلام مناصرة، من حي الشجاعية شرق مدينة غزة معاناته اليومية مع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وكرَّس المزارع مناصرة، وهو في الخمسينات من عمره، حياته للزراعة، وهي المهنة الرئيسة التي امتهنتها وورثتها عائلته من أسلافهم.
وتقع مزرعة عبد السلام في الجهة الشرقية من حي الشجاعية في مدينة غزة بالقرب من الخط الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
وفي هذا الاطار، قال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في تقرير له بالخصوص اليوم الأحد؛ إن هذه المنطقة تمثل السلة الغذائية لقطاع غزة بتنوعها من الفواكه والحمضيات وأشجار التين والزيتون وغيرها من أنواع مختلفة من الخضراوات.
وأورد المركز في تقريره حسب المزارع مناصرة أنه حتى أوائل سنوات الـ 2000 وقبل تشديد القيود الإسرائيلية على سكان قطاع غزة، "عمل 3 إلى 4 مزارعين على مساحة تقدر ب 1000 متر مربع في هذه المنطقة، والتي كانت مصدراً رئيسًا للدخل. وزاد تشديد الحصار جنباً إلى جنب مع تصاعد الإرهاب الإسرائيلي من معاناة المزارعين: فقد تسببت التوغلات في مقتل العديد من المزارعين وأدت إلى تسوية الأراضي الزراعية، واقتلاع الأشجار وارتفاع في مستوى البطالة".
وجاء في التقرير أن الحظر الإسرائيلي على تصدير السلع ادى إلى انهيار أسعار المنتجات الزراعية في غزة.
وهنا يقول المزارع مناصرة: لم يجد المزارعون، وأنا من بينهم، عائداً مالياً من شأنه أن يغطي على الأقل الاحتياجات الأساسية لأسرنا،" واضطر عدد كبير من المزارعين في المنطقة إلى وقف العمل في مزارعهم بعد فرض الحصار منذ عام 2007، لأنهم لم يستطيعوا المحافظة عليها. وكانت أسعار المنتجات الزراعية مثل المحاصيل والأسمدة أعلى بأكثر من عشرة أضعاف مما كانت عليه قبل عام 2006، مما اضطر عبد السلام لبيع الدفيئات الخاصة به.
وتابع: لم يفرض الحصار قيوداً فقط على توافر الأسمدة والمبيدات الحشرية، ولكن ارتفاع أسعارها ليست في متناول غالبية المزارعين. علاوة على ذلك، فإن جزءاً كبيراً من المبيدات المتاحة لا يكون لها تأثير التسميد على التربة لأنها تفتقر إلى العناصر الأساسية.
وبعد إجباره على بيع دفيئته، حاول عبد السلامة أن يعتاش من زراعة أشجار الزيتون.
ويقول: اليوم عمري (52 عاماً) وحاولت زراعة أشجار الزيتون ثلاثُ مرات، ولكن في كل مرة يمنعني الاحتلال إما بالجرافات أو بالقذائف والصواريخ خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014.
ووفق التقرير، تعتبر المنطقة العازلة النتيجة الرئيسية الثانية للحصار القائم حيث تمتد على طول الحدود الإسرائيلية بعرض 300 متر إلى داخل قطاع غزة، والتي تتعرض بشكل مستمر لإطلاق النار والقصف المدفعي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وحسب التقرير، ففد امتلكت العديد من العائلات أراضٍ زراعيةٍ في هذه المنطقة، والتي من شأنها أن تزيد المنتجات الزراعية، ولكن لا يستطيع المزارعون الوصول إليها دون المخاطرة بأرواحهم. وقوبلت محاولات العديد من المزارعين، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات دولية أخرى، من أجل زراعة القمح ومحاصيل أساسية أخرى بعنف من قبل قوات الاحتلال، والتي نتج عنها إصابة ومقتل عدد من المزارعين الفلسطينيين.
ويعاني المزارعون في حي الشجاعية ليس فقط من الظروف الصعبة المفروضة على قطاع الزراعة بل من الظروف المعيشية البائسة. كحال العديد من الأسر.
وأنفق عبد السلام وإخوته كل ما يملكون من المال على أرضهم الزراعية ومنازلهم، التي دمرت بالكامل أثناء العدوان الإسرائيلي عام 2014.
مع كل ما قيل، أكد عبد السلام، "سنواصل زراعة أرضنا بسبب العلاقة التي تربطنا بهذه الأرض."
ويعمل عبد السلام حالياً على مشروع لاستعادة أرض مساحتها 60 دونماً تملكها عائلته (التي تعادل 60 الف متر مربع).. و يأمل أن يعيد الحياة لأرضه من خلال حفر بئر ماء وبناء خطوط أنابيب.
واختتم عبد السلام قوله: "أود أن أرسل رسالة مفادها أن المزارع هو شخص عاجز لا يملك شيئاً في يديه غير فأسه." لذلك، يجب أن يكون لديه الحرية في استخدام أرضه وبيع منتجاته ليغطي الحاجات الأساسية لعائلته، دون أن يخاطر بحياته ويتعرض لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال.
