مسعى الملك الأردني عبد الله الثاني عبر الديبلوماسيه الاردنيه لجمع الشمل العربي في قمة عمان ... فهل تنجح الجهود الاردنيه

بقلم: علي ابوحبله

ستعقد قمة عمّان 2017 (والمعروفة أيضاً باسم اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الدورة العادية الثامنة والعشرون) بالإضافة إلى الاجتماعات التحضيرية خلال الفترة 23 – 29 آذار 2017 في منطقة البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية

هناك اليوم من ينظر إلى قمة عمان نظرة أمل وتفاؤل في نجاح الديبلوماسيه الاردنيه في إعادة جمع الشمل العربي وإعادة توحيد الصف العربي والانتصار على الخلافات العربية ، وينظر المتفائلون أن تستعيد قمة عمان أولوية الصراع مع إسرائيل أسوة بما حصل في قمة الاتفاق والوفاق 87

في العام 87 من القرن الماضي كان العرب في حالة من الانقسام والتفرّق والخلاف ينخر الجسم العربي ، وكانت قضيتهم المركزية (فلسطين) قد تراجع منسوب الاهتمام بها حتى أنها لم تعد أولوية في تلك ألحقبه ، ذلك أن إسرائيل ما زالت على عهدها بالتنكر للحقوق العربية الفلسطينية، وإمعانها باضطهاد الشعب الفلسطيني كاحتلال استعماري بغيض يسعى إلى نهب الأرض وتهجير أصحابها.

وكانت إيران في تلك ألحقبه تصر على حربها مع العراق والتدخل بالشأن العربي،. وكانت مصر رغم مكانتها منكفئة على نفسها بفعل اتفاقية كامب ديفيد ، وكانت في تلك ألحقبه خارج الجامعة العربية، بعد رحلة السادات إلى القدس واتفاقات كامب ديفيد.
كما أن لبنان كان لا يزال يعاني من حرب عبثية مقيتة بكل ما احتوت من قتل ودمار. وفي العموم فقد سيطرت على المشهد آنذاك خلافات عربية وأوضاع لا تسر إلا الأعداء.
جاءت قمة عمان 87 لتحد من الخلافات العربية وتوحد الجهود العربية بفعل حنكة وقدرة المغفور له الملك حسين ودعوته الصادقة للم الشمل العربي، وإنهاء الخلافات، ومساندة الأشقاء للخروج من مأزق معاناتهم ووضعت قمة الاتفاق والوفاق في تلك ألحقبه أسسا لوقف التراجع وإعادة توحيد الصف العربي، واستئناف مفهوم ومضمون الأمن القومي العربي، وإعادة التضامن وحشد طاقات العرب وثرواتهم لما فيه مصلحة الجميع. بل وإعادة التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، والتصدي لخطرها، وإجبارها على الانصياع للقرارات الدولية، والوقوف معا إلى جانب العراق في حربه مع إيران، والتصدي لمطامعها في الأرض العربية. بل وذهبت القمة إلى التمييز ما بين الإرهاب وما بين حق الشعوب في التحرر ومقاومة الاحتلال، ردا على وسم النضال الفلسطيني بالإرهاب.
لقد ترتب على قمة عمان ـ الوفاق والاتفاق أن حقق العرب، وخلال مدى زمني قصير إنجازات منها:
-عادت مصر إلى مكانتها والى عضويتها في الجامعة العربية، وقد توج ذلك بقمة الرباط/89.
- انتهت حرب الإخوة في لبنان عبر اتفاق الطائف.
-انتهت الحرب العراقية الإيرانية بانتصار العراق .
- بدأت الانتفاضة الفلسطينية المباركة.
وها هم العرب اليوم العرب على موعد مع قمة عمان فهل لقمة عمان أن تحاكي قمة عمان " الوفاق والاتفاق " هذا الاتفاق الذي طال انتظاره ليخلص ألامه العربية مما علق بها من خلافات استحكمت وأصبحت عصية على الحل والخروج من مأزقها ، وهنا تستذكرنا قمة عمان الوفاق والاتفاق بتجميع كلمة العرب وتوحيد جهودهم فنحن اليوم أحوج ما نكون للغة العقلاء وأصحاب السياسة المخضرمين لمجابهة الأخطار الخارجية والداخلية التي تهدد الأمن القومي العربي والقضية المركزية قضية فلسطين
؟ بل وتهدد وحدة أقطار عربية هامة كسوريا والعراق وليبيا واليمن. فهل تضع هذه القمة أفكارا بأدوات قادرة على درء خطر الإرهاب ودحره والانتصار عليه ؟
وهل بمقدور قمة عمان المنتظرة المكان والزمان، أن تعيد لأمننا العربي مكانته، فيتوحد الصف العربي ويبلور مشروعا عربيا يستجيب لمتطلبات وجودنا ومصالحنا وحماية أوطاننا من خطر التقسيم والضياع والاحتلال ؟

إن العرب اليوم بحاجة إلى بلورة هكذا مشروع يندد بالمشاريع الطامعة بنا، فتركيا لها برنامجها حيث لا تخفي أطماعها في شمال العراق وشمال سوريا، وإيران لها برنامجها الذي يسعى إلى الهيمنة وفرض سياسة وأيديولوجية إيران على كل العرب. كما أن إسرائيل ماضية في برنامجها الاستعماري، ليس في نهب كل فلسطين بل وبسعيها إلى أن تصبح أقوى دولة دينية مذهبية مهيمنة في المنطقة.
إن الأمة العربية بكل أقطارها أضحت مكانا لتقاذف المصالح وتقاسمها بين القوى العظمى، خصوصا بعد بروز قطبية ثنائية، أخطر ما فيها أنها يمكن أن تكون قطبية متفاهمة، خصوصا فيما يتعلق في بلادنا، لنشهد ضربا مماثلا كالذي تم بعد الحرب العالمية الأولى بتقسيم المنافع والثروات والأراضي بين تلك القوى الدولية والإقليمية.
قمة عمان ... رهاننا ألا تكون قمة عادية بنتائجها، وأن تكون قمة وفاق واتفاق حقيقي، تعيد سوريا إلى الصف العربي، وتسعى إلى جمع الأشقاء السوريين تحت مظلة القمة ليتوافقوا فيما بينهم لإنهاء حربهم العبثية، ويعيدوا لسوريا أمنها واستقرارها، ويحفظوا وحدة أرضها وشعبها، ويضعوا معا صياغة لنظام سياسي ديمقراطي للجميع بلا إقصاء أو تهميش لأي طرف.
قمة عمان ... رهان أن تكون الحضن الذي يجمع الأشقاء العراقيين وان تنهي انقساماتهم الوهمية، «المذهبية والمناطقية»، فيضعوا أسسا للمصالحة تعيد للعراق مكانته وألقه ودوره الدائم كمركز إشعاع وظهير للعرب ولمستقبلهم.
قمة عمان ... رهان أن تتوج جهود الشقيقة مصر بإنهاء الحرب في ليبيا عبر توافق وطني يعيد لليبيا أمنها المفقود ووحدتها المهددة.
قمة عمان ... رهان أن تعيد لليمن وحدته وسلامة شعبه، ووقف تلك الحرب المدمرة، وجمع أطرافه المتحاربة عند نقطة وسطى تنهي المأساة اليمنية . ولنا أن نتذكر هنا الجهد الأردني النزيه في مطالع التسعينيات من أجل وحدة وامن واستقرار اليمن العربي "السعيد".

وأخيرا فان قمة عمان هي الرهان أن تعيد للقضية الفلسطينية مكانتها كأولوية عربية مركزية، وذلك بدعم الأشقاء في الداخل والسعي لإنهاء انقساماتهم غير المقبولة وغير المبررة، واتخاذ موقف عربي صارم بأدوات تنفيذية تجاه غطرسة إسرائيل خصوصا بعد انتخاب الرئيس ترامب الذي يبدو أن سياسته المعلنة تتماها تماما مع السياسة الإسرائيلية. ذلك أن حل الدولتين أمر لن يأتي، ولن تنصاع له إسرائيل، ولن توقف الاستيطان، ولن تتوقف عن تهويد القدس إلا بمجابهة عربية جادة، يتم توظيف كل الإمكانات على اختلافها لتحقيق ذلك.

نسأل الله أن يجمع شتات ألامه العربية وينهي صراعاتها وخلافاتها وان تحقق قمة عمان ما يصبوا العرب لتحقيقه بإنهاء الخلافات والصراعات وليطلق عليها قمة الوفاق والاتفاق وترقى بقراراتها لمستوى التحدي الذي يهدد أمن ألامه جميعها وتنهي خلافاتها وصراعاتها
والحقيقة أن الأمة العربية وفي اثر قمة الوفاق والاتفاق 87، كانت على وشك الإقلاع عبر مشروع عربي يحاكي مصلحة العرب باندفاعه قوية نحو حسم التحديات إلى جهة مصلحة الأمة على كل الأصعدة، أمنية كانت أو سياسة أو اقتصادية، لولا أحداث جسام لم تكن بالحسبان، حدت من ذلك الإقلاع وتلك الاندفاعه.

وحتى تتحقق أمنيات العرب وعيونهم تشخص نحو الأردن بانتظار عقد القمة العربية القادمة في عمان نهاية شهر آذار 2017 يتطلعون بشغف لما يبذله جلالة الملك عبد الله الثاني من جهد وتوجيهات ملكيه للديبلوماسيه الاردنيه أن تنشط قبل انعقاد القمة، لتضع تصورات وأسسا إيجابية لكل هذه الملفات فتتحول في القمة إلى قرارات عربية.
نراهن على الدبلوماسية الأردنية بألا تسمح أن تكون قمة عمان، قمة تقليدية رتيبة، اجتماعا من أجل الاجتماع لا غير.
ويحذونا الأمل بقمة عربيه فاعله وقادرة بالتغلب على كل المعيقات قمه تجمع الشمل العربي وتوحد الجهد العربي بالأفعال وليس الأقوال قمه يكون شعارها قولا وعملا وفعلا استعادة فلسطين والقدس والمقدسات ودعم الحقوق الوطنية الفلسطينية وان تنجح جهود المخلصين في استعادة سوريا موقعها في ألجامعه العربية وتشارك في القمة وان تنتهي حرب اليمن ويتوحد الجميع بمظله عربيه جامعه تمكن لفتح حوار إسلامي ينهي الصراعات ويطفئ نيران الحرب المذهبية الشيعية السنية وان تتوج قمة عمان بتذويب الخلافات واستعادة استجماع القوى للنهوض من جديد


المحامي علي ابوحبله