ومع الشروع في الحملات الانتخابية استباقاً للانتخابات الطلابية في أبريل/نيسان، تُرفرف الأعلام الإسلامية الخضراء خارج صالة الألعاب الرياضية بالجامعة، إذ تُحاول كُتلة مرتبطة بحركة حماس استعادة السيطرة على اتحاد الطلاب.
وفي معرضٍ من اللافتات السياسية، تجلس صورة مرسومة على الأرض لفلسطين تحت الانتداب البريطاني إلى جانب أُخرى تُظهر أرغفة عيشٍ ملفوفة في شكلِ قنبلة زمنية، مع سطرٍ كتبه الشاعر محمود درويش "حِذار.. حِذار من جوعي ومن غضبي".
جامعة بيرزيت، بحرمها مترامي الأطراف على منحدر تلٍ، وتمويلها الذي يأتي معظمه من أثرياء فلسطينيين بالولايات المتّحدة والخليج، وبكتلة طلابية تضمّ العديد من أبناء النخبة، لطالما كانت مؤشراً على حالة المجتمع الفلسطيني. واليوم، مع الترنح الاقتصادي وتراجع الآمال في قيام دولة فلسطينية، فإن مزاج الطلاب كئيبٌ لا ريب، وفقاً لما ذكرت صحيفة فايننشيال تايمز.
تخلي ترامب عن حل الدولتين
تعرّضت فرص الفلسطينيين في إنشاء دولتهم الخاصة لتراجعٍ جديد عندما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي إلى أنّ إدارته ليست مُلتزمة بحل الدولتين في الصراع العربي الإسرائيلي، وأنّها تُوافق على حل الدولة الواحدة.
استجلبت التعليقات ردود فعلٍ غاضبة من السياسيين الفلسطينيين ممّن قضوا قرابة 3 عقودٍ يحصرون جهودهم السياسية في اتفاق الدولتين. لكن بالنسبة للعديد من طلاب بيرزيت، استُقبلت التعليقات باستهجان العارف؛ بالنسبة لهم، الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية الذي دام خمسين عاماً والتوسّع في بناء المستوطنات غير الشرعية خلقا بالفعل "واقع الدولة الواحدة".
يصوّر عددٌ متزايدٌ من الطلاب صراعهم مع إسرائيل على أنّه صراعٌ على كل الأرض بين البحر المتوسط ونهر الأردن. يقول محمد مخلف، طالب العلوم السياسية البالغ من العمر 21 عاماً: "إن كنّا نتحدث عن الشرعية فهذه أرضنا. لماذا ينبغي عليك الوصول إلى تسويةٍ بخصوص ما هو لك؟".
تُظهر مثل هذه الآراء كيف يتراجع دعم الفلسطينيين لحل الدولتين الذي وُضعت خطوطه العريضة في اتفاقية أوسلو عام 1993، بينما يتصاعد الدعم لحل الدولة الواحدة، على الرغم من أنّ الأخير غير واضح الملامح ولا تدعمه القيادات في الجانبين.
وموقف إدارة ترامب المُنحاز بقوة لإسرائيل لم يُفلح إلا في تدعيم وجهات النظر الفلسطينية بأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية لن تخطو خطوة واحدة في اتجاه السلام إلا مجبورة.
والعديد من الطلاب الفلسطينيين ممن نشأوا خلف الأسوار والحواجز الإسرائيلية في المناطق المحتلّة يقولون إن أملهم الوحيد يتمثّل في الصراع المفتوح مع إسرائيل أو حلّ الدولة الواحدة الجذري. في حالة الأخير، سيتوقّف الفلسطينيون عن الضغط في اتجاه دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، ويدفعون في اتجاه المُساواة مع الإسرائيليين في الحقوق على أرضهم التاريخية.
يقول جهاد حسن مناصر (طالبٌ آخر): "الإسرائيليون لا يعطوننا أي شيءٍ أبداً بلا مواجهة. إن لم تتهدّد مصالحهم، لن يفعلوا أي شيء".
يميل طُلاب "جيل أوسلو" في بيرزيت إلى إعطاء أجوبة مشوشة عند الضغط عليهم للحصول على تفاصيل ما يريدونه، بخلاف قول إن الصيغة الحالية قد رسّخت قدم الاحتلال الإسرائيلي.
يقول محمد الأحمد، وكيل شؤون الطلاب، إن العديد من الطلبة شكّلتهم "الخبرات السيئة"، ومن ضمنها رؤية أصدقائهم يُعتقلون أو المزيد من الأراضي تذهب إلى المستوطنات اليهودية.
وقد اعتُقل بعض طلاب بيرزيت على خلفية انتهاكاتٍ أمنية؛ تقدّر الجامعة أن من 60 إلى 70 من طلابها البالغ عددهم 12 ألفاً يقبعون في السجن. وتنسّق الحكومة مع شركات ذات إدارة فلسطينية في الوطن أو دول الخليج لإيجاد وظائف للخريجين، لكنّها تجد عملاً لحوالي النصف فقط بسبب الحالة السيئة للاقتصاد.
في هذه البيئة اكتسب النُشطاء الطلابيون الإسلاميون الدعم عن طريق بيع كتبٍ دراسية مدعومة والتوسّط عند المُديرين عندما يُعاني الطلاب من مشاكل في دفع مصاريف التعليم.
وتسمح بيرزيت، على العكس من أي جامعة فلسطينية أخرى، لحماس بالمنافسة في الانتخابات الطلابية.
ويتحدّث غسان خطيب، أستاذ بالجامعة، بفخرٍ عن التقاليد الديمقراطية بالجامعة و"النقاش المتحضر". لكنه يُضيف أن الطلاب أحياناً "يُبالغون" في نشاطاتهم على حساب الدراسة.
ويرفض خطيب الحديث عن حل الدولة الواحدة، قائلاً إن الخيار بين الدولتين أو بقاء الوضع على ما هو عليه.
يقول الأستاذ خطيب: "حل الدولة الواحدة ليس مطروحاً، وليس واقعياً. الخيار بين الدولتين أو استمرار المُمارسات الإسرائيلية - المزيد من نفس الشيء - وأظن أنّ هذا هو الوضع المفضل لنتنياهو". وقد فقد الآخرون إيمانهم بمبدأ التسوية السلمية.
تقول وعد، ممثلة طلابية عن الكتلة الإسلامية: "كل هذا الحديث عن الدولتين أو الدولة الواحدة، لكن ما نكترث له هو فلسطين. لماذا نتنازل؟". هذا الموضوع مترجم بواسطة "هافينغتون بوست عربي" عن صحيفة Financial Times. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.
