الأوسكار هذا العام تذهب لـ"BDS"

بقلم: علي الصالح

"الاوسكارهذا العام تذهب لـ BDS"، حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، التي أطلقت من لندن يوم الثلاثاء الموافق 28 فبراير الماضي "اسبوع الفصل العنصري الاسرائيلي" السنوي الثالث عشر، ومنها ينتقل إلى عواصم ومدن العالم والغرض من هذا الحدث رفع مستوى الوعي في العالم ضد المشروع الاسرائيلي الاستعماري الاستيطاني في فلسطين.
ولم يأت هذا العنوان الذي تصدر موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني قبل أيام، من فراغ، فقد تكللت بالفشل دعوات وجهتها خلال الحفل السنوي الـ88 لتوزيع جوائز الأوسكار في العام الماضي، وزارة السياحة الاسرائيلية، لعدد من ممثلي هوليوود لزيارات "درجة ممتازة" إلى اسرائيل. وحسب الصحيفة فإن ممثلين كبارا ومرشحين للاوسكار، ومنهم حائزها، من امثال ليوناردو دي كابريو الفائز بالجائزة في2016 عن فيلم "ذي ريفننت"، ومات ديمون ومارك ريلانس، كانوا من بين الممثلين الـ 26الذين تلقوا دعوات لزيارة إسرائيل عام 2016، ولم يلب أي منهم هذا العرض المغري، والتزموا جميعا الصمت، باستثناء ريلانس الحائز جائزة افضل ممثل مساعد، والمنتقد لسياسات اسرائيل، رفض الدعوة.
واعتبر هذا الفشل، انتصارا كبيرا لـBDS، وهزيمة نكراء تضاف إلى سلسلة الهزائم التي منيت بها وزارة السياحة الاسرائيلية، التي كان آخرها، فشل الوزارة نفسها في اقناع عدد كبير من اشهر لاعبي كرة السلة في الولايات المتحدة الذين رفض6 من 11 دعوات مماثلة. وقال مايكل بينيت من فريق سياتل سيهوكس، "لن يتم استغلالي من جانب اسرائيل".
وبينما يلبي العديد من الشخصيات العالمية على جميع الصعد الفنية، غناء وتمثيلا وإخراجا، إضافة للأكاديميات والنقابات العمالية والطلابية والإعلامية، دعوات ونصائح BDS بمقاطعة اسرائيل، أو على الاقل دعوات من هذا القبيل، تهدف منها إسرائيل لمسح الانطباع بأنها تعاني من العزلة او المقاطعة ضدها، وتجميل صورة الاحتلال وتشويه صور القضية الفلسطينية، تجد أن معظم الذين يلبون مثل هذه الدعوات الدعائية الرخيصة بالمفهوم السياسي، وبرحابة صدر وحماسة، هم من "الصحافيين ورجال الإعلام العرب واحيانا سياسيين بغرض الصعود".
والشيء المخجل أن هؤلاء يعودون من مثل هذه الرحلات "سفراء لإسرائيل مسلحين بالمعلومة والحقائق التي تكشفت لهم اثناء هذه الزيارات"، وبعدما يرون بأم اعينهم ويكتشفون "زيف الدعاية العربية والاكاذيب التي تربوا عليها طوال حياتهم ضد اسرائيل.. (وهذا كلامهم وليس من باب تشويه صورهم.. فهي مشوهة اصلا) ويزعمون أنهم لم يتلمسوا "الاخبار الكاذبة عن الاحتلال الاسرائيلي ولا الحواجز ولا اعمال القتل والتدمير لكل شيء في حياة الفلسطينيين… وانما وجدوا في دولة الاحتلال شعبا مسالما منفتحا محبا للحياة راغبا بالسلام".
عودة إلى موضوعنا الأساسي والأهم من ثلة "المتأسرلين"، تقول "هآرتس" إن أيا من هؤلاء، كما يبدو، لم يلب الدعوة التي كان ستكلف كثيرا. وسلمت لمجموعة من أشهر وجوه هوليوود خلال الحفل السنوي لتوزيع جوائز الاوسكار 2016، الذي صادف هذا العام يوم الاحد الماضي وشهد فضيحة الخلط باسم الفيلم الفائز.. ولا تزال مادة للتندر الاعلامي، وخطفت الانوار عن الرئيس دونالد ترامب الذي مذ وطأت قدماه البيت الابيض، يخرج من مطب ليدخل مطبا جديدا.
واعتبر يوسف منير أحد ناشطي "الحملة الامريكية لحقوق الفلسطينيين" التي شنت بالتنسيق مع منظمة "صوت يهود من أجل السلام" الامريكية حملة ضد الدعوات التي قدمتها شركة تسويق بالنيابة، ذلك "نجاحا كبيرا" ونقل عنه القول "اعتقد أن محاولة استخدام الممثلين السينمائيين لتبييض وجه اسرائيل، فشلت"، فحتى نجمة فيلم "هانغر غيمز" جينفر لورانس، حولت الدعوة إلى والديها. وتقول المتحدثة باسم "الصوت اليهودي للسلام" غارانتي سوسنوف إن هذا الموقف يأتي في إطار حملة واسعة للمقاطعة الثقافية. وتضيف "أثارت حملتنا ضجة، وقمنا بالاخلال بالترويج "لعلامة اسرائيل" كأمر طبيعي"، مشيرة إلى أن الحملة "ذكّرت نجوم هوليوود بأن هناك تكلفة اجتماعية لربطهم بالاحتلال العسكري.
ورفضت وزارة السياحة الاسرائيلية التعليق لاحقا. لكن نقل عن المدير العام لوزارة السياحية الاسرائيلية عمير هاليفي القول في حينه "لكل واحد من هؤلاء المشاهير ملايين المتتبعين. كل مشهور قد يأتي لزيارتنا بإمكانه نشر صورة ذاتية له من مكان ما عبر الانترنت ولهذا الامر قيمة هائلة".
ويعترف بفشل الكثير من حملات الدعاية الصهيونية، أمام زخم BDS، المحامي ريتشارد هايدمان المرشح لرئاسة الحركة الصهيونية. ويعتقد في مقابلة مع صحيفة "جيروساليم بوست" الاسبوع الماضي، أن الحرب لكسب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل قد بدأت قبل عقود، ويرجعها إلى قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الصادر عام 1975، الذي اعتبر الصهيونية حركة عنصرية قبل إلغاء هذا القرار بعد "اتفاق اوسلو العتيد" عام 1993.. بالمناسبة هذه ايضا خطيئة اخرى من خطايا اتفاق اوسلو التي لا تعد ولا تحصى.
ويعتبر هايدمان وهو من اشهر الخبراء القانونيين في مواجهة BDS ومتابعة القضايا القانونية باسم ضحايا ما يسميه بالارهاب في جميع انحاء العالم.. ومن المهام التي يضعها هايدمان على كاهله إضافة إلى العمل لتشويه سمعة وصورة ناشطي BDS من خلال الزعم بانها مصدر ترهيب، وأحيانا تهديد جسدي للطلبة اليهود في الجامعات الامريكية، تحسين صورتها عبر تقديم الحقائق، ولا اعرف عن اي حقائق يتحدث، إلا اذا كان يعتبر احتلال إسرائيل لفلسطين والجرائم التي ترتكبها يوميا بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم والبناء الاستيطاني على نحو يتعارض مع القانون الدولي والقانون الدولي الانساني، حقائق.
وفي عودة إلى السنوية الـ13 لـ"لأسبوع التمييز العنصري الاسرائيلي" الذي كما اسلفت قد انطلق في بريطانيا، سينتقل على التوالي إلى200 عاصمة ومدينة في العالم من بينها الاراضي الفلسطينية وعواصم ومدن عربية. وتشمل نشاطات هذا الاسبوع سلسلة من الفعاليات الدولية في الجامعات، والاحتجاجات في الاماكن العامة وامام المحال التي تبيع المنتجات الاسرائيلية، لغرض تعزيز الوعي ضد المشروع الاسرائيلي الكولونيالي الاستيطاني، وتطبيق نظام الابرتهايد (الفصل العنصري) على الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تعزيز ومضاعفة الدعم المتصاعد لحركة BDS. وتقول حركة المقاطعة إنه رغم التشريعات التي تتخذها بعض الحكومات ضدها فإن نفوذها يتصاعد وتتسع رقعة نشاطها لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة.
واخيرا.. إنها الحرب والصراع وBDS هي احد اهم الوسائل لهذا الصراع، لكسب ضمائر وعقول وقلوب الشباب في العالم، ولعل هذه الطريقة السلمية هي الاكثر نجاعة والاشد وطأة على اسرائيل، وهي بالتأكيد تستحق منا هذا الدعم فادعموا BDS التي ستبدأ اسبوعها في الاراضي الفلسطينية ما بين 18-11 من شهر مارس الحالي وفي العالم العربي من 25-19 منه.
فقدت القضية الفلسطينية يوم الاحد الماضي، صديقا صدوقا وشخصية من الوزن الثقيل ومن اشد الداعمين لها والمدافعين عنها، على مدى عقود طويلة، لم يحد خلالها قيد انملة عن موقفه من إسرائيل الاستعمارية، التي كان يصف نظامها بالاسوأ من نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، ويدعو لمقاطعتها اقتصاديا وسياسيا.. انه سير جيرالد كوفمان اليهودي الذي يحظى باحترام الجميع، النائب عن حزب العمال من مدينة مانشستر عقر الصهيونية، وزير خارجية الظل الأسبق عميد مجلس العموم. وسيشكل رحيله خسارة حقيقية وكبيرة لفلسطين وقضيتها، سواء في البرلمان او في المجتمع البريطاني.

علي الصالح
كاتب فلسطيني من أسرة "القدس العربي"