تقرير المراقب الإسرائيلي وأحاديث الحرب

بقلم: أكرم أبو عمرو

منذ أن صدر تقرير المراقب الإسرائيلي حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014 ،والتي أطلقت عليها عملية الجرف الصامد ، وردود الأفعال الإسرائيلية وبعض الفلسطينية ما زالت قائمة حول هذا التقرير ، وهي ما بين الانتقاد الحاد من العديد من الإسرائيليين كتابا وقيادات سياسية وعسكرية ، وما بين ترحيبا من بعض الفلسطينيين الذين رأوا فيه دليلا على انتصار المقاومة وقدرتها على التصدي لأي عدوان إسرائيلي ، سنعود إلى هذا الرأي بعد قليل ، فما يهمنا هو الانتقاد الحاد الذي واجهه هذا التقرير من قبل الإسرائيليين ، والذين رأوا فيه إعلان لإخفاق الجيش الإسرائيلي في تنفيذ الهدف الأول لهذه الحرب وهي تدمير الإنفاق التي تقيمها حركة حماس ، وتدمير القدرات العسكرية للحركة ، وألان وبعد مرور هذا الوقت يرى المنتقدون الإسرائيليون أن الأوضاع في قطاع غزة عادت إلى درجة صفر ، حيث استطاعت حركة حماس إعادة حفر الأنفاق إلى ما كانت عليه قبل الحرب وأكثر ، كما أنها عززت بشكل كبير قدراتها العسكرية ، لذلك ترداد مطالبات الكثير من الإسرائيليين بضرورة شن حرب حاسمة على قطاع غزة لتدمير حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى .

التقرير كما لمسنا يتحدث بشكل كلي تقريبا عن حيثيات الحرب وإخفاقاتها وإسناد هذا الإخفاق إلى الناحية العسكرية المحضة ، ولم يلتفت إلى نتيجة هذه الحرب على المدنيين الفلسطينيين الذين سقط منهم آلاف الشهداء والجرحى ، وتعرض أكثر من 120 ألف منزل إلى أضرار ما بين بالغة وبين منازل دمرت تدميرا كليا ، بالإضافة إلى الظروف اللاتسانية التي وجد قيها مئات الآلاف من سكان القطاع أنفسهم يواجهونها ، وبناء عليه فإن هذا التقرير هو بمثابة تقرير تحريضي للقيادات العسكرية الإسرائيلية لشن حرب جديدة على قطاع غزة تراعي فيها عنف الضربات ، واختيار الأهداف بدقة وإلحاق اكبر الخسائر بين صفوف الفلسطينيين .

المتتبع للأحاديث الصادرة من إسرائيل وبعد مرور خمسة أيام فقط على صدور التقرير ، يستطيع القول أن المجتمع الإسرائيلي بشكل عام يميل إلى تأييد شن قوات الاحتلال حربا على غزة ، وبشكل اقوي وأعنف من ذي قبل ، وقد أشارت بهذا الخصوص بعض نتائج استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى مثل هذا التأييد ، كما أن أحاديث الحرب بدا تداولها بين أوساط الكتاب والمحللين الإسرائيليين حيث تناولوا قوتها ونتائجها مسبقا .

بصراحة جميع الظروف الدولية والعربية والإقليمية ، والظروف الفلسطينية ، هي ظروف يمكن أن تكون ظروفا مناسبة لشن قوات الاحتلال حربا رابعة على قطاع غزة دون الاكتراث بنتائج هذه الحرب على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ، ولا نريد هنا ذكر الظروف الدولية والعربية والإقليمية فهي معروفة بمدى انشغال هذه الأطراف بالقضية الفلسطينية التي تراجعت كثيرا على سلم أولوياتها ، ولكن الظروف الفلسطينية هي الأهم من ذلك ، فعلى الرغم من الأخطار الحقيقية التي تحيط بقطاع غزة فما زالت الأطراف الفلسطينية حكومة وفصائلا لا تبالي من احتمالات قادمة ، قمن جهة مناكفات وحلافات حزبية داخلية ، مناكفات بين الفصائل ، انقسام مستمر ،ومن جهة أخرى إن تصريحات بعض الفلسطينيين حول تقرير المراقب الإسرائيلي إنما تعمل على دعم وتعزيز رأي المؤيدين الإسرائيليين لشن حرب على قطاع غزة ، وكان من المفروض أن تكون التصريحات وردود الأفعال أكثر منطقيه وسياسية تقوم بالتركيز على نتائج الحرب وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين ، فقط لفضح إسرائيل وجرائمها ومطالبتها بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين .

لقد باتت الأسباب المباشرة لشن إسرائيل حربا على قطاع غزة من جهة بدعم من التطرف الإسرائيلي المتزايد أولا ، ومحاولة تعويض إخفاق قادة الجيش الإسرائيلي في حربهم الماضية كما أشار تقرير المراقب ، من جهة أخرقيام بعض الأطراف الفلسطينية بمغامرات غير محسوبة لا زمانيا ولا مكانيا بإطلاق قذائف صاروخية على المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة قد تلحق خسائر مادية كبيرة أو خسائر بشرية تكون هي ساعة الصفر للحرب .

في ظل أحاديث الحرب واحتمالاتها يطرأ على أذهاننا ماذا اعددنا نحن الفلسطينيين في الوقت الذي أصبح فيه لدينا تجارب كثيرة بعد ثلاث حروب عدوانية إسرائيلية علينا ، قتلت ما قتلت ، ودمرت ما دمرت ، هل اعددنا خططا لتلافي الخسائر الفادحة أو التقليل منها ، هل ننتظر تحذيرات الإسرائيليين عبر الهاتف لتحديد المناطق التي يجب أن نلجأ إليها ، هل اعددنا خططا للدفاع المدني والإسعاف ، هل لدينا مخططات إستراتيجية للغذاء والماء مثلا .

ما نقوله ليس تحبيطا ولا تقليلا من قدرات وصمود شعبنا فنحن ومنذ اليوم الأول لنكبة فلسطين الأولى صامدون وعنواننا الرئيس هو الصبر ، ولكن كلمة نوجهها ، شعبنا ما زال يئن من نتائج الحرب الماضية ، ولا تنسوا أن قيمة الإنسان غالية وقد كرمه الله سبحانه وتعالى على العالمين .فارحموا شعبنا ، واتركوا له فرصة للحياة

بقلم/ أكرم أبو عمرو