الفلسطيني لا يشذّ...

بقلم: سعدات بهجت عمر

عادة المآسي التي تحل بالناس مجتمعات وشعوب تكون ما بين شاملة ومتنوعة ومتدرجة، إلاّ أن مآسي شعبنا الفلسطيني فهي شاملة بدأت باقتلاعه من أرضه وتشتيته بآلامه ومآسيه ولن تنتهي بالمؤامرات المتواصلة ضده من قتل وذبح وحرق وتشريد لإلغاء وجوده، وحين وصلت السكين إلى رقبة الفلسطيني في أحداث الأعوام التالية: (1956-1967-1970-1971-1974-1976-1982-1988-1990-2000-2004-2007-2009-2013) على هذا النحو الأغشى يغدو التزام الموضوعية والحياد ضرباً من الترف الذي لا يستساغ وسط هذا الركام من المظالم، وبعد نكبة 1948 فُصّلت الكثير من القوانين والقرارات الوزارية العربية على مقياس الفلسطيني وقد تركت تلك السياسات آثارها النفسية والمادية السيئة. لكن يجب عدم إغفال هذه الجوانب حين التطرق الى الفلسطينيين بشكل عام. فما أن تقع أزمة داخلية في أي بلد عربي أو تقع أزمة عربية بين بلدين عربيين يجد الفلسطيني نفسه بين مطرقة هذا الطرف وسندان ذاك الطرف فيُزج الفلسطيني أو يُستدرج في هذه النزاعات العربية، وهكذا يتم استنزاف الفلسطيني مادياً وأخلاقياً ويُحارب في رزقه ويضطر إلى الرحيل مرة تلو أخرى وتستمر المطرقة في دق جسم الفلسطيني إن كان في توريطه أم في شحنه حتى يصل إلى حالة الانفجار، وتُعتبر هذه الاجراءات شديدة العنت والاجحاف فإن عبأها الأكبر يقع على كامل شعبنا بأجمعه، وهكذا تنفذ بحق الفلسطيني عملية ترانسفير عربية. هنا ما كان يجب أن تطحن أي أزمة عربية الفلسطيني بهذا الشكل العنيف لو لم يكن هناك نيّات غير النيّات المعلنة، والخشية أن تصل رحلة العذاب الفلسطيني إلى أبعاد الصحراء العالمية المترامية وبهذا يكون الحلم الصهيوني قد تم. فما كان أن يتحول الخطأ الى الخطيئة في حالة الخروج عن الأصل أو في حالة الجنون السياسي التي تلبس بعض من يسمون أنفسهم قادة الشعب الفلسطيني في مؤتمرات طهران واسطنبول على السواء أفبعد كل هذه المجازر والمآسي والمحن نبحث عن خلافات وانقسامات جديدة، ألم يطرد الفلسطيني من الخليج؟ الم يذبح الفلسطيني و يسلخ جلده وتنتهك حرماته في العراق ؟ ألم يطرد الفلسطيني من ليبيا؟ ألم تطلب بعض الصحف المصرية بطرد الفلسطيني من مصر وإلغاء الامتيازات التي " أنعمت ” على الفلسطيني هناك؟ والاستراتيجية المصرية منذ عهد محمد علي باشا أن الأمن الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري وأن حماية فلسطين حماية لبوابة مصر، والحلقة تتوسع وتطول إن لم نتدارك فلسطينيتنا في مجتمعنا العربي والاسلامي المتلاطمة أمواجهما، ومن يريد مساعدتنا فعليه ذلك ولكن دون شروط، فالمصلحة متبادلة.

 

بقلم سعدات بهجت عمر*

*عضو الاتحاد العام للاعلاميين العرب