نبيلة هى الأهداف التى سعى لها العالم بالتذكير بحقوق المرأة في الثامن من آذار ، هذا اليوم الذى يعترف به الجميع بمكانتها وانجازاتها ومشاركتها الفاعلة والمنتجة في المجتمع ، بلا تقسيمات قومية واثنية وغير ذلك من اختلافات اللغة والثقافة والبيئة الاقتصادية والسياسية ، وتمكين المرأة والعمل على تحقيق التنمية المستدامة والسلام الأمن واحترام حقوق الإنسان .
وعلى الرغم من نقاء تلك الأهداف والمعايير النظرية ، فهنالك ازدواجية في التعامل مع المرأة الفلسطينية على أرض الواقع من قبل المؤسسات الدولية الحقوقية والانسانية ، لحرمانها من أبسط الحقوق الانسانية المشروعة في ظل الاحتلال الاسرائيلى الذى مارس القتل والابعاد والسجن بحقها .
وأتسائل : ما مدى جدوى الاحتفال بيوم المرأة العالمى - الذى من المفترض - أن لا يضع حدود وسدود دينية وجغرافية وثقافية ، في ظل مئات الانتهاكات الجسدية والنفسية والقانونية بحق المرأة الفلسطينية من قبل الاحتلال الإسرائيلى الذى اعتقل آلاف النساء والقاصرات في سجون سيئة تفتقر للشروط الحياتية الدنيا ، وقام بقتل المئات من بينها اعدامات ميدانية على مرأى الجميع بمبررات أمنية واهية ، دون تحريك ساكن من العالم والمؤسسات المعنية لانقاذها والدفاع عنها .
فإدارة السجون تنتهك كافة الحقوق الإنسانية للمعتقلات ، وتقوم باجراءات عقابية مشددة بحقهن ، كالغرامات والعقابات ومنع الزيارات وادخال الكتب ، بالإضافة للتفتيشات المستمرة والأحكام الردعية ، والاكتظاظ فى الغرف وقلة مواد التنظيف ، ومنعهن من تقديم امتحان الثانوية العامة ( التوجيهي ) والجامعات ، والحرمان من زيارة الأهل وإدخال الملابس والاحتياجات الخاصة ، والطعام السىء من حيث الوجبات التى لا تراعي وضعهن الصحى .
وأجهزة الأمن الاسرائيلية لا تفرق في تعاملها بين رجل ، وامرأة ، وطفل ، وكبير في السن ، فيتم اعتقال المرأة الفلسطينية بظروف غير انسانية ، ويمارس بحقها الضرب والتنكيل والضغط النفسى والجسدى والتعذيب والتفتيش المهين والإهانة ، وأحياناً الاعدامات الميدانية كما حدث في انتفاضة القدس .
والمحاكم الاسرائيلية العسكرية تفتقر للشروط القانونية ، وتعانى الأسيرات من الاكتظاظ الشديد ونقص الأسرّة، والغرف الضيقة غير الصحية المليئة بالحشرات ، برطوبة عالية وقليلة التهوية ، والمؤثرة على النظر والرؤية ، ويتم نقل المعتقلات المريضات والجريحات عبر عربة "البوسطة" والتي تزيد من أوجاعهن، ويمارس بحقهن سياسة الاستهتار الطبى ، وأحياناً يتم وضعهن في أقسام قريبة من أقسام السجينات الجنائيات الإسرائيليات اللواتي يقمن بالاعتداء والتضييق عليهن .
فالمراة الفلسطينية دافعت عن قضيتها حرة ومعتقلة ، ودفعت أثماناً باهظة مساواة بالرجل من أجل الحرية كحق مشروع كفلته الاتفاقيات الدولية لحق تقرير المصير ، وشاركت بفعالية وعطاء في كل مجالات العمل النضالي ، وتعرضت للاعتقال والإبعاد والإقامة الجبرية ، و خاضت المرأة المعتقلة في السجون الاسرائيلية العديد من النضالات والخطوات الاحتجاجية والإضرابات المفتوحة عن الطعام في سبيل تحسين شروط حياتهن المعيشية، والتصدي لسياسات القمع والبطش اللواتي تعرضن لها.
وشاركت المرأة بفاعلية في المقاومة ، ورفعت صوتها عالياً مطالبة باسترداد حقوقها المغتصبة وأرضها السليبة ، وامتشقت البندقية وقاومت وخاضت غمار الكفاح المسلح ، وتعرضت للقتل والاعتقال والإبعاد والإقامة الجبرية .
في الثامن من آذار في هذا العام 2017 أتمنى على المؤسسات الدولية والحقوقية والانسانية ، بالنظر للمرأة الفلسطينية ، وحمايتها ورعايتها ومساندتها ودعمها ، والضغط على الاحتلال لوقف نزيف الدم المتكرر على الحواجز وجوانب الطرقات ، وتحقيق حريتها من ضنك وضيق السجون ، ومحاكمة مرتكبيها من زعامات الاحتلال وإدارات المعتقلات .
بقلم/ د. رأفت حمدونة