رسالة في بريد الرئيس

بقلم: مازن صافي

بداية دعني أحدثك عن سيدة من بلادي، تمنت أن تقوم القيامة اليوم، وليس غدا، وقالت أنها تؤمن بالسلام ولكنه أصبح كابوسا لا تفسير له، وهي ترى في (إسرائيل) صناعة عالمية، وأنكم في أمريكا تفرطون في رعايتها على حساب مصالحكم هنا، وبل تستعجلون قيام القيامة كلما عملتم على أن تكون فوق الخارطة، وهي تعمل على تمزقها، هذه "السيدة" تسكن في فلسطين التي عانت ولازالت تعاني من ويلات التشريد والقهر والحرمان، تحب فلسطين، كما تحب أنت أمريكا، وتتمنى أن تدفن في ثرى القدس المقدسة، كما تمنيتم دائما أن تحرر أمريكا من العنصرية والدماء.

والان لنعود للحقيقة، فلقد أفشلت إدارات أمريكية سابقة، إمكانية تحقيق السلام، وتخلت عن دورها في صيانة ومتابعة وتحقيق الأهداف المرجوة من عملية السلام، وأصبح الانحياز الأمريكي للاحتلال، المعضلة الرئيسة أمام تحقيق الأمن، وغير خافٍ عليكم أن دماء كثيرة قد نزفت فوق هذه الأرض المباركة، وأرواح أزهقت وأطفال أحرقت وتنمية عمرانية واقتصادية وسكانية قد دمرت، ودوما كان قرار الفيتو الأمريكي هو المنقذ لهذا الاحتلال ، واستمر الفلسطيني يعاني الويلات، فنحن الضحية الذين لم نتوقف يوما عن القول "نرفض الإحتلال ونناضل من أجل أن يزول، وأن تقام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفق كل الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة".

وهنا يؤسفنا كضحية أن الإدارات الأمريكية السابقة قد حيدت دور اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط حتى تلاشى،  وعملت على إجهاض المبادرات العربية وتفريغها من قوتها، ولهذا بقيت كل الحلول فيما بعد مجرد عمليات ترقيع عابرة لا تؤسس لأي أمن أو إقتصاد أو تنمية .

ولأن من حقنا أن نقرأ بعمق ما يتم التصريح به إيجابا أو سلبا، وخاصة في المحافل الدولية، ونسابق الزمن ليعترف بنا كل من لم يعترف الى اليوم، أصابتنا الخيبة من كل خطاباتك ومناظراتك في حملتك الإنتخابية، فما كانت تصرح به وتهدد، لغرض كسب الأصوات، كان يدمر هنا كل شيء، وبل يتعدى ذلك لإحراق ما تبقى من أوراق يمكن البناء عليها أو حتى الاحتفاظ بها الى حين.

ولأننا شعب يناضل من أجل نيل حقوقه وإنهاء الإحتلال، فإن قيادتنا الفلسطينية ويمثلها رئيس دولتنا الأخ محمود عباس، عملت بواقعية وبحكمة وبموضوعية وصبر، وتحمل الكثير من الصعاب ومواجهة التحديات، لكي لا تغرق المنطقة في اليأس والدمار ، ومن هنا نقرأ أهمية دعوتك لرئيسنا لزيارة البيت الأبيض.

 نفهم جيدا معنى بين أن تكون في حلقات تنظيرية وانتخابية، وبين أن تكون مالكا للقرار وواضعا للسياسيات، فشتان بين الموقفين، ومن هنا فإن موقفنا الرافض والحازم من مجرد تفكيركم نقل سفارة بلادكم الى القدس، يدعوكم للاعلان الصريح بأن ذاك التهديد لم يعد موجودا، وأن التصريحات بذلك الشأن لن تتحول الى فعل، وكما أننا نفهم أن الإدارات التي سبقتكم كانت منحازة وبل متطرفة في دعمها اللامحدود للاحتلال وفي كل المجالات، ولكنها كانت في كل مرة تخرج لتقول "نحن مع حل الدولتين" وبعضها عمل جديا لإيجاد حلول، ولكنها اصطدمت كل مرة أن عنجهية الاحتلال يرفض كل شيء، واستغربنا كثيرا من قولك "ابحثوا عن حل يرضيكم وأنا موافق، وفهمنا أن الأمر هو قفز عن حل الدولتين ..؟!".

حديثك اليوم عن حل الدولتين، قرار أمريكي صحيح، يسبق زيارة الرئيس أبومازن لدولتكم، وسيكون من المناسب أن تلتزموا بدور حيادي وقانوني ومن واقع القرارات الدولية وحقوق الانسان والمبادرات العربية، والمبادرات الدولية من أجل إنهاء أطول إحتلال، وأعمق صراع، وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس.

ملاحظة: أتمنى ألا يكون بريد الرئيس الأمريكي ممتلئا، ويتمكن من قراءة رسالة مواطن فلسطيني تحت الاحتلال، متمسك بأرضه وهويته، ومن أجل قرارنا في  حقنا بتقرير المصير وتحقيق الاستقلال لدولتنا تحت الاحتلال

وقفة: أسرانا في الدفعة الرابعة والتي عملت (اسرائيل) على توقيفها، سيكون اطلاق سراحهم بشارة أمل لشعبنا.

بقلم/ د. مازن صافي