تنشغل المعمورة بالمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الذي انعقد في مدينة اسطنبول على مدار ثلاثة أيام 24-26 شباط/فبراير 2017 تحت عنوان "مشروعنا الوطني، طريق عودتنا"، فقد عقدت الهيئة التاسيسية للمؤتمر لقاؤها الاول مساء 24/2/2017 بمشاركة ما يقارب من 300 شخصية فلسطينية من مختلف الانتماءات والتوجهات الفكرية والثقافية والسياسية والإعلامية.. التي التقت تحت مظلة الحراك الشعبي، وعادت والتقت للمرة الثانية صباح اليوم التالي 25/2 وتوافقت على تعديل الإسم إلى "الهيئة العامة للمؤتمر" بدل "الهيئة التأسيسية" وناقشت في اللقاءين مخرجات المؤتمر والبيان الختامي، وانتخبت هيكلية توافقية من هيئة عامة ترأسها الدكتور سلمان أبو ستة وأمانة عامة ترأسها الأستاذ منير شفيق ورئاسة عامة للمؤتمر ترأسها الأستاذ أنيس فوزي القاسم، ومع الهيئة والأمانة والرئاسة نواب وأعضاء، وتوافق المجتمعون أن يتحول المؤتمر إلى مؤسسة شرعية تكون أمانتها العامة في بيروت.
وجه المؤتمر رسالة قوية للعدو قبل الصديق يحسب لها ألف حساب بأن لدى الشعب الفلسطيني في الخارج من الخبرات والكفاءات ما يؤهله للقدرة على التخطيط الإستراتيجي القادر من خلاله أن يلعب دوراً محورياً لفرض معادلة مؤثرة ونافذة في سياق الصراع مع العدو الصهيوني وانتزاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ولديه من القوة ما يمكنه من وقف مشروع التسوية الفاشل، والمشاركة السياسية الفاعلة في صنع القرار الوطني الفلسطيني.
بغض النظر عن مستوى التأييد لانعقاد المؤتمر، شئنا أم أبينا فقد شكل حضور ومشاركة ما يقارب من خمسة الاف فلسطيني جاؤوا من 52 دولة حول العالم، محطة مفصلية غير تقليدية في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، ووضع الكثير من النقاط على الكثير من الحروف في سياق استنهاض فاعل لفلسطينيي الخارج (حوالي سبعة ملايين هم نصف الشعب الفلسطيني) والكف عن تجاهلهم او إهمال دورهم في صيانة وحماية المشروع الوطني الفلسطيني الموحد الذي يكرس الثوابت الوطنية ويحافظ عليها إبتداء من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر وعودة اللاجئين الى ديارهم، وليس انتهاءً بتعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في الخارج والعمل السياسي لتحصيل الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئين في المخيمات والتجمعات. أثار المؤتمر الكثير من التساؤلات المشروعة حول مستقبل القضية الفلسطينية بعد مرور أكثر من ربع قرن على مشروع التسوية الفاشل بشهادة من وقع عليه (مؤتمر مدريد 1991 وأوسلو 1993)، وساهم في إيقاظ الميت وحرك الراكد وأعطى بارقة الأمل والتفاؤل بمستقبل واعد للقضية الفلسطينية عموماً لا سيما على مستوى قضية اللاجئين وحق العودة.
الشهادة الموضوعية التي قدمها المؤتمر بالشكل والمضمون، وشهد لها من كان حاضراً ومشاركاً ميدانياً أو مراقباً أو مهتماً حريصاً على المشروع الوطني الفلسطيني من المفترض أن تنهي جميع المزاعم والمخاوف وحالة التشكيك التي سبقت المؤتمر إلى حد "الشيطنة" لم يكن لها أساس من الصحة، وكان بعيداً كل البعد عن الفئوية أو الحزبية أو ما يسمى بالنصف زائد واحد..، ولم يُعدّ أي بيان في الغرف المغلقة أو مخرجات مُسبقة للتوقيع، ولم يطرح نفسه لا تصريحاً ولا تلميحاً لأن يكون بديلاً عن أحد في المستقبل، وانما ما صدر عن المؤتمر نتيجة النقاش الديموقراطي الفاعل واستحضار الهم الفلسطيني الوحدوي، ومؤكدا على حقيقة التقاطع الحاصل بين الداخل والخارج على المستوى الشعبي والفصائلي بضرورة إصلاح وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.
إستعجال عموم الناس بظهور نتائج عملية سريعة للمؤتمر ليس لها ما يبررها سوى أنها تأتي نتيجة الأزمات السياسية والإنسانية المتلاحقة التي تعيشها قضيتنا الفلسطينية منذ عقود.. قاطرات مؤسسة المؤتمر بأمانتها العامة ورئاستها وهيئتها سارعت للتحرك والتواصل للمتابعة، وهي أي المؤسسة تجري وبالتنسيق وبالتشاور في أرجاء المعمورة للخروج بأفضل الآليات والسبل الكفيلة بإعداد بناء على هيكل المؤتمر، متوازن في المواد، خال من الشوائب، صلب ومتماسك وقادر على التحدي وتحمل الصعاب والمشقات.
بقلم/ علي هويدي