حتى لا يكون الطريق الأعوج هو السبيل

بقلم: أكرم أبو عمرو

استوقفتني الآية الكريمة رقم 108 من سورة يوسف أثناء قرائتي لهذه السورة "هذه سبيلي أدعوالى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " أية عظيمة تدعوننا إلى إتباع الحق واجتناب الضلال ، أنباع الصدق وتجنب الكذب والنفاق ، هو السبيل إلى النجاة ، هو الطريق المستقيم الغير معوج لا مطبات ولا انحناءات واضح كل الوضوح لكل من أراد السير فيه ، لست بصدد تفسير هذه الآية فانا لست من المفسرين فالتفسير له أصحابه ، ولكن أقف عندها وأتأمل فيما آلت إليه أوضاعنا الفلسطينية من اعوجاج وضلال ، والغريب أن هذا الاعوجاج والضلال ظاهر للعيان ، وليس سرا على البعض بل هو مباح يتناوله الجميع كتابا ومثقفين ، في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ، على صفحات التواصل الاجتماعي ، وعلى السنة العامة من المواطنين في المجالس الخاصة والعامة . حيث طال هذا الاعوجاج كافة مناحي حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لماذا ؟

نعم لقد انتشرت في مجتمعنا آفة خطيرة جراء الانقسام البغيض طالت جميع شرائح مجتمعنا ، انقسام نتج عن الصراع الأبدي بين حركتي حماس وفتح ، هاتين الحركتين الكبيرتين اللتان قدمتا من أبتائهما قوافل الشهداء وعلى رأسهم كوكبة من القادة الكبار والمؤسسين لهتين الحركتين ، وهنا نذكر الشهيد القائد أبو عمار ، والشهيد القائد الشيخ أحمد ياسين ، نسيت هتين الحركتين في خضم صراعهما تلك الطوابير الطويل من المواطنين التي اصطفت أمام صناديق الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد لكي تختارها لتمثلها وتعمل على صناعة تاريخ مجيد لهذا الشعب متوج بالخير والنماء والسلام والمحيه والتآلف بين أبناء الشعب ، وإذا هذا التالف ينقلب إلى كراهية وبغضاء ، وحياة مليئة بالمنغصات والمتاعب ، وما محاولة الآلاف من شباب هذا الوطن وسعيهم للمغادرة أملا في إيجاد أبواب حياة واستقرار خارج بلادهم إلا دليل على ذلك ، وما نسب البطالة التي أصبحت الأعلى في العالم ، وموجات غلاء أسعار العديد من السلع الضرورية والحيوية والتي يعجز العديد من شرائح المجتمع على الحصول عليها لانعدام أو تدني الدخول ، شواهد كثير على خشبة مسرح حياتنا أصبحت ظواهر لا أمل في اختفائها أو إصلاحها لماذا ؟

مناكفات سياسية لا تستند إلا إلى أوهام خيوطها المقاومة والمفاوضات ، ولا مبالاة اقتصادية عنوانها الجشع والاستغلال وترتدي قبعة الضرائب والجباية مختلفة الأسماء والصفات ، وأمراض اجتماعية علاجها الاتكال والتواكل تستقل قطار القضاء والقدر.

أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن ومنها :

- لماذا كثرت حالات الانتحار في بلادنا ؟ أليست ورائها أسباب ومسببات ، أم أن المنتحر مات كافرا غير مؤمنا بالله .

- لماذا ازدادت حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي ، أم أن شماعتنا هو الحصار ونقص الأدوية والأطباء والمختبرات الخ .

- لماذا يتحمل المواطن من قوته وقوت أسرته غلاء الأسعار نتيجة الضرائب والرسوم المتوالية نتيجة الانقسام والاختلاف .

- لماذا يتحمل المواطن أعباء الحصار والإغلاق وانسداد الآفاق أمامه نتيجة التمسك والتصلب بالمواقف الحزبية والفصائلية .

- لماذا عدم المبالاة بحقوق المواطن وقيمته الإنسانية والمجتمعية ، نحترم القانون ولكن القانون له روح ، فلماذا تعقد جلسة علنية لمواصلة محاكمة مواطن بعد استشهاده ، ألا يعلم القضاة أن الشهيد له قدسية ومكانة كبيرة في مجتمعنا ، فإذا كان من الضرورة القانونية إغلاق ملفه وقضيته ، الم يكن بالإمكان عقد جلسة سرية وإغلاق الملف بدون التصدي لمشاعر الموطنين .

- الم نسأم من استمرار المفاوضات العبثية التي استمرت عقود من الزمن ، في الوقت الذي يملك فيه شعبنا العديد من الخيارات .

- لماذا نحاول جر وافتعال العداء مع أشقائنا العرب وخاصة مصر وشعبها .

- ما الذي يدفع شعبنا نحو المزيد من التشرذم والانقسام من خلال تنظيم المؤتمرات المختلفة التسميات في أوروبا والمنطقة العربية بالإضافة إلى تركيا وإيران .

هذا فيض من غيث لمظاهر الاعوجاج في طريقنا ، إننا وبصراحة ومع استمرار هذه المظاهر وغيرها لن تكون لنا وقائمة وسوف نتهاوي كما تتهاوى أغصان الشجر وأوراقها ، وسوف يأتي يوم نبحث فيه عن أنفسنا فلن نجدها ، ليس من قبيل التشاؤم ، ولكن من قبيل التحذير لعلنا نصلح من حالنا ، حالنا جميعا أفرادا وجماعات ، بدءا من الأسرة ، وباقي مؤسسات المجتمع ، لإصلاح بيتنا وترميمه .

بقلم/ أكرم أبو عمرو