استشهاد ابي العباس معان ودلالات

بقلم: معن بشور

  يأتي استشهاد ابي العباس امين عام جبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير في سجون الاحتلال الامريكي للعراق، بعد عام على ذلك الاحتلال، حدثاً مثقلا بالمعاني والرموز في حياة فلسطين والعراق بل حياة الأمة العربية كلها....

          فاستشهاد قائد فلسطيني بارز على يد قوات محتلة لبلد عربي هام كالعراق، هو تأكيد على تلازم القضيتين الفلسطينية والعراقية، بل على وحدة النضال العربي، ووحدة المقاومة العربية الممتدة من قلب فلسطين إلى روابي لبنان إلى بلاد الرافدين...

          واستشهاد ابي العباس، في سجون الاحتلال الامريكي هو شهادة صارخة على وحشية المحتل في العراق، كما في فلسطين، وانتهاكه الصارخ لابسط حقوق الانسان، وهو الحق في الحياة، فيما تدعي الادارة الامريكية انها غزت العراق دفاعاً عن حقوق الانسان، وفيما يقدم العدو الصهيوني مشروعه كمشروع بناء واحة للديمقراطية وحقوق الانسان في صحراء "الاستبداد والتوحش" العربي والاسلامي..

          ويأتي أيضاً استشهاد المناضل الفلسطيني الكبير في ارض العراق، ليذكرنا ان ما جرى للعراق عام 2003، وما جرى للجزائر في نهايات القرن الفائت، وما تتعرض له سوريا ولبنان واليمن  وصولا إلى مصر وتونس من محاولات تدمير المجتمع  وتفكيك الدولة وتحطيم الجيوش، يكمن جذره الحقيقي في المشروع الصهيوني الذي يعتقد ان حياة كيانه الغاصب، مرهونة بموت العرب أو تشتيتهم أو تدمير مقومات حياتهم....

          ولا أظن ان المحتل الامريكي  حين اعتقل ابا العباس، وقد اصر على الصمود في بغداد إثر الاحتلال، لم يكن يدري ان وراء هذا المناضل سجل حافل  بالعمليات الشجاعة ضد العدو الصهيوني، ومن ابرزها عملية "جمال عبد الناصر" التي قادها البطل الشهيد سمير القنطار ورفاقه والعديد من العمليات النوعية...

          واستهداف  ابي العباس من قبل المحتل الامريكي، بعد ان عجز الصهاينة في الوصول اليه.. تأكيد للنظرية التي تعتبر ان احتلال الولايات المتحدة للعراق، كان قراراً صهيونيا نفذته القوات الامريكية والقوى المتحالفة معها والمساندة لحربها والمسهلة لحركة قواتها، تماماً كما كانت الحرب الصهيونية على لبنان قراراً امريكياً نفذه الجيش الصهيوني رغم احساس قادته بالعجز عن النجاح في هذه الحرب منذ ايامها الاولى...

          كما ان في استهداف ابي العباس على ارض العراق، نوع من الانتقام الامريكي من شعب فلسطين الوفي للعراق ولكل اقطار الأمة، كما من الأمة العربية التي هب ابناؤها من المحيط إلى الخليج رافضين الحصار، فالحرب على العراق، تماما كما رفضوا الحروب في فلسطين وعليها، والحروب الصهيونية على لبنان فيه، وكما يرفضون اليوم الحروب على اقطار الأمة وفيها تحت ذرائع مختلفة...

          ان استحضار ذكرى استشهاد ابي العباس ، كل عام منذ استشهاده عام 2004، هو استحضار لجملة المعاني والدلالات التي ينطوي عليها هذا الاستشهاد ، بل هو استيحاء منها في مواجهة التحديات التي تواجهها الأمة في فلسطين وعلى امتداد الوطني الكبير.....

          ولعل ابرز ما تستوجب من هذه المناسبة هو الالتزام بفكرة وحدة الأمة، وحدة نضالها، وحدة مقاومتها،  وحين ندرك ان انتصار المقاومة رهن بوحدة الأمة التي ما اتحدت يوما الا وانتصرت، وما تفرقت سااعة الا وتعترت مسيرتها.

          وولعله من الصدف الهامة  المليئة بالمعاني ان تأتي ذكرى استشهاد ابي العباس متزامنة مع ذكرى وفاة صلاح الدين الايوبي (اذار 1203) محرر القدس، الذي جاء من تكريت- العراق، فيما ابو العباس استشهد  وهو الفلسطيني  مقاوما من اجل تحرير بغداد على طريق القدس

بقلم / معن بشور....