طلاب مخيمات اللجوء الى اين؟

بقلم: محمد حجاج

في منطقة عربية مشتعلة بالثورات على مدى 80 عام، وتداعيات تلك الثورات، وفي ظل تصدع مؤسسات تلك الدول التي شهدت ثورات ضد الكيان الصهيوني او ثورات ما يسمى الربيع العربي، يظهر أن المؤسسات التعليمية في المخيمات من بين المؤسسات الأكثر تأثراً. فقد وصلت بعض تلك البلاد إلى عجز عن تقديم الخدمات التعليمية، وارتفاع معدلات تسرب الأطفال من التعليم مع انخراطهم في الصراع الداخلي، أو نزوحهم إلى دول الجوار مع عائلاتهم، وعدم قدرتهم على الحصول على الخدمات التعليمية في مخيمات اللاجئين.

1.  التسرب من التعليم: أكد تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة في 3 سبتمبر/ أيلول 2015 بعنوان "التعليم تحت النار" أن الصراعات الداخلية في المخيمات ادت الى فشل في انتاج النوعية المتعلمة المتفوقة واخراج كميات يتمتعون بالفراع الذهني والخالي من العقلية المحايدة.

وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينين وخصوصا مخيم عين الحلوة في لبنان تفرض مركزية إدارة العملية التعليمية أن يعبر 80% من الطلاب الخطوط الفاصلة بين الأطراف المتصارعة لتأدية الامتحانات في المؤسسات التعليمية للحصول على شهادة إتمام الدراسة، وهو ما يؤدي لإحجام الطلاب عن إكمال تعليمهم، بينما تصاعدت معدلات استهداف الطلاب في لتصل لأعلى مستوياتها منذ عام 2006؛ حيث سقط ما لا يقل عن عدد من الأطفال في مراحل التعليم المختلفة، وأُصيب ما لا يقل عن 30 خلال عمليات الصراعات لمنشآت تعليمية بين أطراف الصراع الأهلي العام الحالي.

2. تدمير المنشآت التعليميةكما أدت الحروب إلى تدمير المنشآت التعليمية أو استخدامها كمناطق تمركز عسكري، فضلا عن تخصيص بعض المدارس لإقامة النازحين من المناطق المضطربة، مما يؤدي للضغط على المنشآت التعليمية المتبقية؛ حيث تشير تقارير منظمة اليونيسيف في عام 2016 إلى تدمير ما لا يقل عن عدد لا يستهان به من المدارس  والمنشأت التعليمية.

3.  استنزاف الموارد: تتعرض مختلف المخيمات لضغوط متصاعدة على الموارد المالية المخصصة للتعليم في ظل تدفقات اللاجئين من المناطق المشتعلة إلى دول الجوار، وهو ما يؤدي لتكدس الطلاب في المنشآت التعليمية، وتردي مستوى التعليم. ففي مناطق اللجوء لم يتمكن على سبيل المثال حوالي 8000 ألاف طفل من إكمال تعليمهم بسبب عدم وجود أماكن بالمنشآت التعليمية لاستقبالهم او لنزيف الفكر العقلاني لدى الاهالي نتيجة الفقر والجهل المتنامي للاسف.. 

 

تداعيات تردي أوضاع التعليم في المخيمات الاجئين الفلسطينين:

تتضمن التداعيات تهديدات مباشرة بإطالة أمد الصراع إلى ما لا نهاية، وإعاقة عمليات التسوية وإعادة الأعمار؛ حيث يتم استقطاب الأطفال المتسربين من التعليم من جانب التنظيمات الإرهابية التي تقوم بتدريبهم على استخدام الأسلحة. ولا يقتصر تجنيدُ الأطفال على التنظيمات ، حيث تعتمد الميليشيات المسلحة على الأطفال في العمليات العسكرية، وعادةً ما يكون المقابل المادي الدافع الأكثر فاعلية في استقطاب الأطفال لصفوفهم، وهو ما يتجلى في مشاركة الأطفال ضمن ميليشيات. أما التعليمُ المدني في بؤر الصراعات المسلحة فلم يسلم من هيمنة أطراف الصراع، حيث أسس بعض من اقطاب الصراع الية لبث الافكار السلبية والتخريبية

 

 

أهم الجهود المبذولة لإنقاذ التعليم في المناطق المشتعلة:

1.       مدارس المخيمات: أدى انقطاع الأطفال اللاجئين عن التعليم إلى قيام بعض المؤسسات الخيرية بإنشاء حلقات تعليمية للاجئين في المخيمات شبيهة بالمدارس، حيث تتكون من صفوف تقوية في مناطق تمركز اللاجئين، وهي لا تتبع أية جهة رسمية ، وإنما في الأغلب تأتي بمبادرة من الجمعيات الخيرية ممن تأتمنهم إدارة المخيمات والجهات الأمنية على التعليم. ونتيجة اعتمادها على التطوع والعمل الخيري

2.       مبادرة جيل غير ضائع: تم إطلاق هذه المبادرة بدعم من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية غير الحكومية والمانحين الدوليين، وتستهدف حماية الأطفال من تداعيات الحروب ، حيث تمكنت هذه المبادرة من تأسيس هيئات تسمح للمنتسبين إليها بتعويض المقررات الدراسية التي لم يدرسوها خلال ايام الغياب، كما ساهمت المبادرة في مضاعفة عدد الأطفال المسجلين في التعليم الرسمي وغير الرسمي.

3.       حملات العودة للتعليم: قامت منظمة اليونيسيف برعاية مجموعة حملات بعنوان "العودة للتعليم" في عدد من الدول العربية، وتقوم هذه  الحملات على إنشاء مراكز للتعليم البديل وإصلاح المؤسسات التعليمية المتضررة من الصراعات الداخلية. ففي لبنان مثلاً أطلقت وزارة التعليم اللبنانية ومنظمة اليونيسيف حملة "كلنا المدرسة" لدعم تعليم اللاجئين ،

4.  ومع ذلك، فإن هذه المبادرات تتسم بمحدودية النطاق، وافتقادها القدرة على استيعاب الأطفال المتضررين من الصراعات الداخلية،

وفي المجمل، يؤدي تردي الأوضاع التعليمية في تلك المناطق لإطالة أمد الصراعات نتيجة توظيف الأطفال من جانب الأطراف المتصارعة، وهيمنة الفرقاء المتصارعين وحلفائهم الإقليميين على عمليات التنشئة والتعليم كبدائل للدولة، مما يسهم في تكريس قيم التطرف والتكفير والصراع والعنف وعدم تقبل الآخر لدى الأجيال الصاعدة، وتعزيز توجهات الانفصال والانتماءات والولاءات الأولية الإثنية والطائفية والعرقية

بقلم د . محمد حجاج مدير أكاديمية لبنان للتدريب.