الاسكوا .. " إسرائيل " نظام أبارتاتد بامتياز

بقلم: رامز مصطفى

نجحت الولايات المتحدة و" إسرائيل " في دفع الأمين العام للأمم المتحدة ( أنطونيو غوتيريش ) إلى سحب تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ( الاسكوا ) ، نتيجة الضغوطات والتهديدات التي مارستها مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة ( نيكي هايلي ) ، مدعومة من وزير خارجيتها ( ريكس تيلرسون ) ، الذي هدد بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان ، الذي اتهمه تيلرسون أنه يضم في عضويته كل من الصين وكوبا المتهمتين من قبل الولايات المتحدة أنهما تنتهكان حقوق الإنسان لديهما . وأكد تيلرسون رفض الولايات المتحدة الأمريكية ما أسمته "رفضها الشديد والمبدئي لأجندة المجلس المنحازة ضد إسرائيل " .
وكانت ( الاسكوا ) قد أدانت " إسرائيل " بأنها تعتمد سياسة الفصل العنصري (الأبارتايد ) تجاه الشعب الفلسطيني ، وجاء ذلك في التقرير الذي أصدرته ( الاسكوا ) وعقدت لأجله وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا السيدة ريما خلف مؤتمراً صحفياً في مقر الاسكوا في بيروت ، حيث قالت :- " أن أي حل حقيقي يكمن في تطبيق القانون الدولي وتطبيق مبدأ عدم التمييز وصون حق الشعوب في تقرير مصيرها وتحقيق العدالة " ، وأضافت " إنّ إسرائيل التي يشجعها تجاهل المجتمع الدولي لانتهاكاتها المتواصلة والمتراكمة للقانون الدولي ، نجحت طوال العقود الماضية في فرض نظام " الأبارتايد " عبر وسيلتين : أولاً ، تفتيت الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً لإضعاف قدرته على المقاومة وتغيير الواقع ، وثانياً ، قمع الفلسطينيين كلهم بقوانين وسياسات وممارسات شتى ، وذلك بهدف فرض سيطرة جماعة عرقية عليهم وإدامة هذه السيطرة " .
وأكدت السيدة خلف أن أهمية التقرير ، لا تقتصر على أنه الأول من نوعه الذي يصدر عن إحدى هيئات الأمم المتحدة ، ويخلص بوضوح وصراحة إلى أن " إسرائيل " هي دولة عنصرية قد أنشأت نظام " أبارتايد " يضطهد الشعب الفلسطيني ، بل إنّ أهميته تكمن كذلك في تسليطه الضوء على جوهر قضية الشعب الفلسطيني وشروط تحقيق السلام .
وبينّ التقرير " أن لا حل في حل الدولتين ، أو في أي مقاربة إقليمية أو دولية ما لم يتم تفكيك نظام " الأبارتايد " الإسرائيلي ، وأن "الأبارتايد" جريمة ضد الإنسانية بحسب القانون الدولي الذي لا يُحرِمُه فحسب ، بل يفرض أيضاُ على الدول والهيئات الدولية وعلى الأفراد والمؤسسات الخاصة أن تتخذ إجراءات لمكافحة هذه الجريمة أينما وقعت ومعاقبة مرتكبيها " .
وختم التقرير بتوصية ب" إعادة إحياء لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة الفصل العنصري ، ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري ، اللذين توقف عملهما عام 1994 عندما اعتقد العالم أنه تخلص من الفصل العنصري بسقوط نظام ( الأبارتايد ) في جنوب أفريقيا . وكذلك بدعوة الدول والحكومات والمؤسسات إلى دعم مبادرات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات .
إنّ تمكن الإدارة الأمريكية في إرغام الأمم المتحدة على سحب التقرير ، لا يلغي حقيقة أنّ الكيان " الإسرائيلي " مارس ويُمارس فصلاً عنصرياً بحق الفلسطينيين ، من خلال جملة من القوانين العنصرية وجدران الفصل العنصري وحصار قطاع غزة وتجويع أهله ، وحملة الاعنقالات الواسعة ، والإعدامات اليومية ، وعصابات تدفيع الثمن التي يقودها ضباط متقاعدين من الجيش والشرطة ، والاستيلاء ومصادرة الأراضي ، وتغيير معالم مدينة القدس ، وعبرنة الشوارع وإسقاط اللغة العربية ، وفرض مناهج تعليمية تتوافق والرواية الصهيونية بأحقية اليهود بالأرض الفلسطينية ، والسعي الحثيث من أجل تغيير ديمغرافي على عموم الأرض الفلسطينية .
وما الاستقالة التي تقدمت بها السيدة ريما خلف وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ، احتجاجاً على سحب التقرير من قبل أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ، استجابة لطلب أمريكي . إنما هي صرخة مدوية لما تعاني منه الأمم المتحدة من هيمنة وإملاءات الإدارة الأمريكية على مجمل سياسات تلك المنظمة الدولية . وبالتالي إدانة للمجتمع الدولي الذي يجافي حقيقة أن " إسرائيل " كيان يمارس أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ، بما فيها الفصل العنصري ( الأبارتايد ) . تحية كبيرة من الشعب الفلسطيني للسيدة ريما خلف التي فضحت باستقالتها إدعاءات المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية في الدفاع عن حقوق الإنسان زوراً وبهتاناً .

رامز مصطفى