عن الفقر إلى الفقراء 5/9

بقلم: عدنان الصباح

إلى أن يصبح الحبر خبزا والأقلام معاول


إن انتشار حالة الجوع في زمن تحول العالم إلى قرية صغيرة وزمن الثورة الرقمية يعتبر وصمة عار في جبين البشرية ويجعل أولئك القادرين على سد جوعهم قلقين من وجود من لا قوت لهم ويهدد إحساسهم الإنساني تهديدا مباشرا وبذا فان الجوع ليس مشكلة أصحابه أبدا فهم قد يلاقون الموت كمخرج لمعاناتهم إلا انه وبالدرجة الأولى مشكلة الضمير الإنساني الحي المطالب أولا وأخرا بالدفاع عن قدرته على الاستمتاع بقوت يومه في ظل وجود الملايين الذين ينفقون كالحيوانات جوعا أمام أعينهم.

اليوم يعيش على الأرض أحفاد سارقي العشب, ومحتكري الماء والنار والملح, وهم أولئك الأحفاد النجباء الذين حولوا كل ما ورثوا إلى أدوات موت, فصنعوا الأسلحة وباعوها للفقراء ليقتتلوا ويموتوا لترتفع أرصدتهم وليزداد بطشهم.
الملايين والملايين جائعين, للمأكل البسيط والملبس البسيط والمسكن البسيط, في حين أن ثمن طائرة حربية واحدة كافية لان تنقذ دولة بأكملها من خطر الحاجة لضرورات العيش البسيطة تلك.

إن من الغباء والجبن أن تقبل الملايين من فقراء الأرض, أن تسلم لألف وخمسمائة شخص قوتهم طواعية, حتى لو تحالف مع هؤلاء اللصوص الكبار الملايين من الطفيليين, ومن العار الأكبر أن يصمت من يدرك ذلك ولا يبادر للكفاح ليسقط هؤلاء ويسقط سلاحهم من أيدي الفقراء وعن رقابهم, وترتفع رايات الفقر لتنزرع في الأرض إعلانا عن رفض الانصياع للموت جوعا, لترتفع أرصدة تجار الموت وتحيا كلابهم وقططهم على حساب حياة أبناء جلدتهم من البشر.

أيها الفقراء والجوعى والمرضى, أيها الجنود في كل جيوش سارقي قوت الشعوب وأعوانهم من الطفيليين لقد آن الأوان لتدركوا أنكم وحدكم إن قررت سواعدكم التوقف عن الدوران في دواليبهم ستحبرون الجميع على الرضوخ لإرادتكم وسوف ينهزمون أمام إرادتكم وليس لكم ما تخسروه سوى جوعكم فاستخدموه سلاحا في وجه ناهبي قوتكم وسارقي أمانكم وقاتليكم بأشكال وألوان مختلفة.

هبوا معا وحطموا سلاحهم بإرادتكم وجوعكم فقد صنعتموه بأيديكم لقتلكم وسيروا فقط على الأرض جموعا تحت شعار ارض واحدة امة واحدة ... من اجل عدالة شاملة تطال جميع بني البشر دون تمييز, إن قيام مليارات الفقراء والمؤمنين بالحرية والعدل والمساواة بإطلاق صوتهم واحدا موحد سيكونوا قادرين على قلب موازين الأرض وتحقيق السلام للبشرية كل البشرية على أرضها فلتنطلق الجموع من كل بقاع الأرض معا بشعارها الواضح الموحد في سبيل العدل والتحرر وثقوا ان كل إمبراطورياتهم ستنهار على وقع أقدامكم.

أعلنوا العصيان عن صناعة السلاح والمشاركة بجيوش القتلة وصناعة الموت لكم ولإخوتكم في البشرية لصالح حفنة من القتلة والمجرمين الذين وحدهم من يجوز اعتبارهم مصدر الإرهاب وحماته وصناعه ولتتوقف أكفكم عن تشغيل دولاب الموت وارفعوها موحدة في وجه أصحابه.

إن المبادئ العظيمة التي حملها إلينا الأنبياء والرسل ودعاة الإصلاح والتنوير والفلاسفة العظام على مر العصور, كحافز على عدم الرضوخ والاستكانة وقبول الظلم, شكلت الأسس التي دفعت البشرية للانتقال من الانحطاط إلى السمو, فيما يعود بها حفنة قليلة من اللصوص اليوم إلى عصور أكثر انحطاطا, وللأسف بأيدي الفقراء أنفسهم, لقد آن الأوان للحلم أن يعود وللحرية أن تشق طريقها بسواعدكم أنتم وعلى وقع خطواتكم, فتقدموا لتأخذوا دوركم ولتحرروا خبزكم بوحدتكم انتم بوجه سارقيكم وتوقفوا عن القيام بدور الأذرع الفاعلة في دواليبهم فهي نفسها دواليب جوعكم وعريكم وموتكم.

إن طريق الحرية اليوم لأبناء البشرية واحد وموحد, وواهم من يعتقد أن بإمكانه أن ينعم بالحرية والعدل في بيته أو دولته دون بيوت الآخرين ودولهم وان حرية الذات وخلاصها باتت وهما في عالم يتسارع نحو الصغر والتوحد أكثر فأكثر, وبالتالي فان الأحلام التي حملها لنا دعاة العدل من الأنبياء والرسل والتي دافع عنها ومات في سبيل رفعتها آباؤنا وأجدادنا باتت أحلامنا نحن لندافع عنها ونحارب بضعفنا وجوعنا وعرينا في سبيل أن ترفرف على الأرض رايات الخبز والمسكن والملبس والتعلم والصحة والسلم والعدل والمساواة والحرية لأبناء البشرية جمعاء فالدم الذي يجري في عروقنا واحد أيا كانت ألواننا أو أجناسنا أو معتقداتنا واثقين أن ضعف المليارات من بني البشر سيتحول قوة لن تقهره إن قررنا جميعا التوحد في وجه تراسانات السلاح والموت وعلى محتكري أسلحة الموت النووية وغيرها أن يعلموا أن الأرض لا تحتاج لكل أنواع السلاح إن سادها العدل والسلام لكل أبنائها.


بقلم
عدنان الصباح