أصعب ما يكتب عن الأم ...ليس صعوبة في اختيار الكلمات والمفردات ...لكنها حالة عجز أمام ما يمكن أن يمتلكه الانسان من قدرة على الوصف وتحسس المشاعر.... وانتقاء الكلمات المعبرة عن عظمة الأم ..ونهر حنانها الذي لا ينضب ....وأحاسيسها التي تتدفق من خلال عيونها ولمسات حنانها ..بمتابعة كافة تفاصيل حياتنا ...ومراعاة شؤوننا ..وتحسس مشاعرنا وتصويب سلوكياتنا ....وتعزيز الفرحة بداخلنا والآمال بحياتنا
انها الأم التي لا ينضب عطائها ...ولا تكل ولا تمل.... وتعيش حياتها بكافة تفاصيلها في اطار اداء دورها بحياتها وحتي بمماتها ...لأنها وجدت بلسما وشفاءا ورحمة وحنانا مستمرا يخفف من مشقات الحياة وعذاباتها .
الأم عظيمة وخالدة ولا تموت حتي بفقدانها وغياب جسدها ....في ظل روحها التي تملأ القلوب ....ومشاعرها التي لا تغيب بأحاسيسها وكلماتها ....وينبوع حنانها الذي يتدفق بكافة لحظات حياتنا وهو ينادينا ....يخاطبنا ....ويدفعنا الي تذكر مواقفها وعدم نسيانها.... واستمرار تذكرها ....والتذكير بها وبمواقفها ...وحنانها عبر كافة محطات حياتنا .
امي التي افتقدتها صغيرا ....ليس موتا ....ولكن خروجا قصريا قهريا استثنائيا ...أمي التي غادرتني طويلا محتاجا مستصرخا ومطالبا بحنانها ولمساتها .....هذه الأم التي حرمت من استمرار حنانها ...كما حرمت استمرار حضورها ورعايتها واحتضانها .
كبرت معها السنين ...كما كبرت معنا المعاناة وعذاب الحرمان ...ولم نفتقد حنانها حتي عبر الأميال ومن خلال كلمات ...وحتي بلقائها المتباعد ما بين فترة وأخري ...لكنه لقاء جدد فينا ما افتقدنا ...وجعل من كل منا حالة نعيشها بعطف وحنان والذي يصل بنا الي حالة التوازن وعدم فقدانه .
الام في عيدها نعجز عن مكافئتها وتقديم ما تستحق ....فالأم لا تنتظر كثيرا ولا قليلا ....وتنتظر طويلا.... وهي تسهر على راحتنا وتقدم لنا كل ما يعزز مقومات حياتنا ....لأنها تعمل على مدار اللحظة بما تمتلك عاطفتها وأحاسيسها وقلبها الكبير المفعم بالحب لفلذات أكبادها .
ولأنها أم العطاء المستمر لأبنائها ولأسرتها ....ولكل من حولها لأنها تشتعل على الدوام لتضيء لنا عتمة الليل وظلمة الحياة ...نجدها أمامنا وفي قلوبنا وفي أحاسيسنا ....في ألامنا وفرحتنا ولا نجدها الا معين لنا ...وحاضنة لمشاعرنا ...لأن الأم بما تمتلكه من حنان وعطف خارج ارادة وسيطرة من حولها ....بل هو بداخلها وتحت أمرتها وتحركه بطريقتها ...ولا تبخل بحنانها واحاسيسها ولمساتها .
الأم عظيمة بدورها ...وكبيرة بحياة كل منا ...ورائعة بكلماتها ...ودفء حنانها وعيونها التي توجه من خلالها رسائلها .
نحن واذ نعيش لحظة الأم وعيدها ...فان هذا يعيد كل منا الي قصور وعجز صاحب مسيرة حياة كل منا عندما يخرج من لسان كل منا كلمة بغير محلها ...أو نظرة ...أو صوت يعلو .
الكثير منا وقد أخطأ ولم يعمل حساب يوم ...الا أنها الام التي تغفر ولا تعاتب ...تعيش بهدوء ...وتغادر بسكينة الي حيث المستقر.... لكنها بدعواتها لكل منا تجدد فينا كل حب لها .
امهاتنا جادوا بأنفسهم وقدموا كل ما يستطيعون تقديمه ....وأفرطوا بأحاسيسهم بحياتهم ومشاعرهم وحرصهم على أبنائهم ليس لشي ...ولكن لكي يكونوا أبنائهم نور حياتهم أكثر سعادة واستقرارا .
انها لحظات حب ووفاء لكافة أمهاتنا الذين لا زالوا يقدمون أجمل صفحات حنانهم ورعايتهم في ظل ظروف غير مسبوقة من الحرمان والقهر ....لكنهم جادون ومثابرون وصابرون ويقدمون كل ما يمتلكون دون انتظار لأحد أن يقدم لهم .
فهنيئا للأم بعيدها بما تمثله من رمزية انسانية لا سابق لها.... ولا مثيل لها لأنها خلقت معجونة بحنانها... ومشاعرها ....ومحبتها ...وصبرها ....فكل التهنئة لأمهاتنا بعيدهم وصبرهم .
بقلم/ وفيق زنداح